منصور الجمري
مع الأسف أننا حالياً نمُرُّ بمرحلة معاكسة تماماً لما مررنا به في 2001، ففي تلك الفترة كانت البحرين ترفع رأسها عالياً لتقول للعالم إنه تم تبييض سجونها من المدانين في قضايا سياسية أو أمنية، وإن الذين يعيشون في الخارج بإمكانهم العودة والمساهمة في إغناء الحراك الوطني.
ولقد كانت جلسات الحوار التي بدأت في 10 فبراير/ شباط 2013 فرصة لتحريك المياه الراكدة، إلا أن هذه الجلسات لم توفق في ذلك، بل على العكس ازدادت شدّة الأوضاع وكذلك حدّة الخطابات السياسية. ولعلَّ أن مثل هذه النتائج ليست مستغربة، فما ميّز جلسات الحوار هو ليس غياب الأجندة فقط، وإنما غياب اللاعبين الرئيسيين، وغياب البيئة الحميمية لها.
ومع الأيام لاحظ الكثيرون «تثاقلاً» من مختلف الأطراف حتى في حضور الجلسات، كما لاحظنا كيف سارع المشاركون على الموافقة بالذهاب في عطلة لمدة شهرين، بدأت قبل شهر رمضان وامتدت إلى ما بعد ذلك. الملاحظ أيضاً أن الجهات الرسمية أجّلت زيارة لمقرر التعذيب التابع للأمم المتحدة خوان مانديس، كما أجّلت فعاليات أخرى، وذلك بحجة عدم تعكير أجواء الحوار، ولكن في الوقت ذاته باشرت هذه الجهات بتفعيل إجراءات للتضييق على الحريات العامة من دون أنْ تعتبر أنّ مثل هذه الإجراءات تعكر صفو الحوار.
شاهدنا كذلك تقلُّباً في التصريحات الرسمية أو شبه الرسمية حول الحوار، بين النظرة السلبية جداً، والنظرة الإيجابية التي تتحدث عن حدوث تقارب بين الأطراف. وفي الوقت ذاته ازدادت الاتهامات المتبادلة، وكل طرف يتهم الآخر بانتهاك روح الحوار، بل إن البعض زاد من ذلك واستخدم خطاب التخوين والتهديد. كل ذلك ساهم في إرباك الوضع بحيث لم يعد ممكناً فهم الهدف من جلسات الحوار، أو الغاية المرجوّة من الذين يشاركون فيه. وهكذا وصلنا إلى ما حدث مؤخراً مع اعتقال القيادي في جمعية الوفاق خليل المرزوق وثم تعليق جمعيات المعارضة مشاركتهم في الجلسات احتجاجاً على ذلك.
المخلصون مدعوون لتقديم المشورة إلى جميع الأطراف لوقف كل ما من شأنه زيادة اتساع التصدع في الوضع، ولدينا من التاريخ المليء بالتجارب، كما أن لدينا الكثير من الأحداث القريبة، وجميعها تشير إلى أن الخير يكمن في تحقيق المصالحة والشروع في خطوات إصلاحية تلمُّ الشمل وتوحد المجتمع نحو مستقبل أفضل.