منصور الجمري
تضمن برنامج جلالة الملك في الهند زيارة ضريح الزعيم الهندي المهاتما غاندي بمنطقة راج غات بالعاصمة الهندية (نيودلهي) في 19 فبراير/ شباط 2014، وعند مدخل الضريح علقت إحدى مقولاته تحت عنوان «الخطايا الاجتماعية السبع»، كتبها في العام 1925 (قبل سنوات عديدة من اغتياله على يد متطرف في العام 1948)… وهي تعتبر مدخلاً لفهم نهج واحد من أكثر الشخصيات تأثيراً في العمل الاجتماعي والسياسي الحديث. غاندي اعتبر أن الخطايا السبع هي: سياسة من دون مبادئ، ثروة من دون عمل، لذة من دون ضمير، معرفة من دون سلوك، تجارة من دون أخلاق، علوم من دون إنسانية، وعبادة من دون تضحية.
غاندي الذي اعتمد منهج اللاعنف في تحقيق أهدافه السياسية كان يصرُّ على أن المصالح السياسية يجب ألا تغلب المبادئ، وذلك لأن من ينغمس في السياسة يقع في العادة ضمن لعبة مراكز القوى، والقرارات السهلة سياسياً هي التي ترضي من بيده القوة، أو التي تزيد مقدار السلطة لمتخذ القرار، وقد يتحول هدف السياسي إلى البقاء في موقع السلطة بأي ثمن، حتى لو كان ذلك عبر أساليب غير أخلاقية ومنافية لأيٍّ من المبادئ السامية. ولذا فإن غاندي يعتبر أن انفصام السياسة عن المبادئ من إحدى الخطايا الكبرى التي تبتلى بها المجتمعات.
ثم إن هناك الابتلاء الذي يخلق الحيرة في نفوس الناس عندما يشاهدون من يكوِّن الثروات من دون عمل، وترى بعضهم لايزال في مقتبل العمر ولكن ثروته التي جمعها لا تتأتى لأيِّ شخص اعتيادي يجتهد في حياته. وفيما لو كانت الثروة عبر اختراع أو إبداع يخدم الإنسانية فإنه ليست هناك مشكلة، إنما المشكلة في الثروة الطائلة التي تقول للإنسان إن القيمة ليست في العلم والعمل، وإنما في «الشطارة» و «الجشع» في تحصيل الثروة بأي طريقة كانت.
يتبع ذلك اللهاث وراء اللذة من دون ضمير، ومعرفة من دون أن تؤثر في السلوك، وتجارة من دون أخلاق، وعلوم من دون أن تكون لها أهداف تخدم الإنسانية، وعبادات ليس فيها تضحية بما يعزُّ على النفس وليس لها معنى مؤثر بصورة إيجابية في تنمية الفرد والمجتمع. التمعُّن في كلمات غاندي توضح لماذا لقّبه الهنود بـ «المهاتما»، والتي تعني «صاحب الروح العظيمة».