منصور الجمري
الحوار قيمة ثابتة في المجتمعات الإنسانية المتقدمة، والحوار فيما يخص وضعنا البحريني من المفترض ان يقصد به القدرة على حل الأزمة السياسية، وهذا يتطلب متخصصين في «تسوية النزاعات».
في المجتمعات البدائية فإن المنازعات تحسم عبر وسائل بدائية تلجأ الى القوة والبطش في معظم الأحيان. أمّا في المجتمعات المتطورة فإن المنازعات تحتاج إلى عملية سياسية دينامية تستخدم فيها أساليب مبتكرة لجمع كل الأطراف المعنية ومن بيده القرار تحت سقف واحد، وذلك للدفع باتجاه تسوية مُرضية.
إن تأخير انتهاج الحل السياسي في البحرين أدى إلى بروز عوامل متضاربة، وخلافات أيديولوجية وصلت إلى مستوى الشقاق حول القيم السياسية والحقوقية التي يجمع عليها المجتمع الدولي.
لاشك إن الأزمات في أي مجتمع تخضع لظروف معقدة لأنها مشكلات متعددة الأطراف، والأمر يكون أسهل لو توافرت جهة محايدة تستطيع التوفيق بين الفرقاء، وتستطيع توجيه التفاعلات نحو حل معقول.
من الجيد أن أطرافاً معنية بالأزمة بدأت الاجتماع فيما بينها مؤخراً، ولكن البحرين تمر بتجربة صعبة والمشاركون يحتاجون إلى من يسهّل عليهم العملية التحاورية (بدلاً من تعقيدها أو جعلها سطحية)، وأن يقدم النصيحة المخلصة للمشاركين (بدلاً من تشويش المعلومات وتعكير الأجواء)، وأن يكون موضوعياً ومتزناً محايداً (بدلاً من الانحياز الواضح أو المخفي لطرف ضد آخر).
إن من ينتهج الحوار بصدق يستهدف «تحقيق تسوية سياسية»، لأن التسوية تعتبر أمراً مهمّاً لأيِّ مجتمع يسعى لمنع العنف في الحياة العامة. ولكي تتخلص المجتمعات من العنف (أو تحد منه بشكل كبير) بصورة فاعلة فإنها تحتاج إلى سلوك استراتيجية تنتج حلاً سياسياً مستداماً.
أمّا من يدخل الحوار من أجل تضييع الوقت، أو من أجل تلميع الصورة فقط، فإنه سيفاجأ بأن كل جهوده تنتهي إلى لا شيء، مع استمرار أو تصاعد التوتر السياسي وكل ما يصاحب ذلك من مظاهر سلبية.