منصور الجمري
السياسة التي تقوم على مبدأ إلغاء الآخر، أو تحويل الآخر إلى «طرف ثانوي» يعيش على هامش الحياة العامة؛ ليست سياسة حميدة، ذلك أن محاولة الإلغاء تحتاج إلى استخدام القوة والبطش، بينما تحتاج سياسة إخضاع الآخر وتحويله إلى «نكرة» على هامش الحياة العامة؛ تحتاج إلى شيء من قوة، وشيء من الخدعة، وشيء من الانتهاك المستمر لحقوق الإنسان. مثل هذا الحديث نحتاج إلى استذكاره؛ لأن هناك من تستهويه سياسات عقيمة لن تعود على أي طرف بفائدة مرجوة، كما أن مثل هذه التوجهات تشكل خطراً دائماً على الوئام الاجتماعي، وعلى الاستقرار السياسي، وعلى الاقتصاد.
ونحن نقترب من نهاية الشهر الأول من السنة الجديدة (2013)؛ فإننا نجدد أملنا في أن تجتاز بلادنا هذه السنة وهي تتطلع إلى رؤية تقوم على احترام الإنسان في البحرين، من دون إهانة، ومن دون اتهامات باطلة، ومن دون انتهاكات مدانة. نأمل أن نستعين بالله على فعل الخير، بدلاً من الاستمرار في التهويلات، واختلاق المزيد من الأوهام التي تسعى إلى الاستمرار على وضع غير سليم.
البحرين بلد صغير جغرافياً، إلا انها تبقى مهمة للمنطقة، وهذا يفسر الاهتمام الدولي بما يجري فيها، ونحن نأمل أن يستفيد الجميع من الجوانب الإيجابية لهذا الاهتمام الدولي. فلو أعادت الجهات الرسمية النظر؛ فسترى أن الجهات الدولية الناقدة إنما هي جهات صديقة وحليفة، ويهمها أن تتخطى البحرين أزمتها وتتعافى. ولذلك؛ فإن عدم الاكتراث بالدعوات المتكررة، وتسويف الاستجابة لها إنما سيأتي بجوانب سلبية مع الزمن. وكذلك الانتقادات الموجهة إلى القوى المعارضة؛ فإن غالبيتها له مشروعية؛ إذ يسعى الكثيرون إلى إبقاء المشكلة البحرينية في إطارها البعيد عن التهويل.
في العام 2012 كثرت النداءات المخلصة بضرورة اتخاذ إجراءات تصحيحية بحسب توصيات بسيوني وتوصيات جنيف، لكن في العام 2013 ربما لن نسمع تكراراً كثيراً لهذه النداءات، لأن من كان يوجهها قد يسأم من ذلك، ومثل هذا السأم ستكون تبعاته سلبية. نأمل في إبعاد بلادنا عن التبعات السلبية، وأن نرى استجابة حقيقية للحثِّ المستمر من جميع القوى المخلصة الداعية إلى ضرورة إيجاد حلٍّ سياسيٍّ يحافظ على التماسك الاجتماعي ويلبي المطالب السياسية المشروعة.