قالوا له: «كفاية الماجستير«!
قال: طلقت الجامعة بالثلاث.. وهذه هي الأسباب :
في عام 1982 ابتعثت جامعة البحرين شابا بحرينيا طموحا جدا إلى أدنبره للحصول على درجة الماجستير في الإدارة. وأنهى الشاب دراسته لكنه لم ينه طموحه، فآثر مواصلة دراسته الأكاديمية على نفقته الخاصة حتى حصل على الدكتوراه في الإدارة من جامعة استرلينينج عام 1985م وعندما شد رحاله في رحلة العودة إلى جامعته فرحا بإنجازاته العلمية واجهته حقيقة مرة وهي أنه لا مكان له في الجامعة الآن، فقد ابتعثته الجامعة للماجستير وليس للدكتوراه،
وقد تجاوز تعليمات الجامعة فدرس الدكتوراه. صحيح أن نفقاته من جيبه الخاص لكن هذا وحده لا يجدي. دخل الرجل في جدل طويل مع الجامعة من دون جدوى فلم يكن أمامه سوى أن يخنق طموحه الأكاديمي فيمم وجهه شطر القطاع الخاص للعمل به وتوظيف إمكانياته فيه.. لعل وعسى وقد كان له ما أراد.. لكن مرارة تجربته مع جامعة البحرين ظلت عالقة في حلقه، تؤرق وجدانه ولم يخفف من مرارتها سوى ما حققه من نجاح في القطاع الخاص على مدى أكثر من 18 عاما عمل فيها مديرا للإدارة بشركة دلمون للدواجن. ولم تكن هذه هي نهاية الحكاية، فالحكاية لها بداية والنهاية لم تختتم بعد ويرويها بطلها د. جليل الحلواجي ابن فريق الفاضل بكل انتماءاته وما يزخر به من البشر من جنسيات وأجناس ومذاهب.بالقرب من منطقة رأس رمان كان مولده عام 1943م وفي مدرسة (أبوبكر الصديق) درس حتى أنهى الشهادة الابتدائية. في هذه الفترة زامل كلا من المهندس جميل كاظم العلوي «وكيل وزارة الكهرباء الأسبق« وعبدالرضا فرج، الذي عمل في شركة أسري وآخرين. أما أساتذة هذه المرحلة فهم خليط من الأساتذة والمدرسين السوريين واللبنانيين والبحرينيين، الأستاذين الحلبي وشهاب والأستاذ سلمان عبدالله والأستاذ أحمد المهزع. من الابتدائي إلى التدريس في عام 1956م حصل على الشهادة الابتدائية وكان طبيعيا أن يلتحق بثانوية المنامة للدراسة بها أربع سنوات توجه خلالها إلى دراسة العلوم والرياضيات وهي المواد التي يعشقها وقد كفل له التحاقه بالقسم العلمي ذلك، في هذه المرحلة الخصبة من حياة جليل الحلواجي كانت له زمالات وصداقات دائمة منها إبراهيم زينل، غازي الموسوي، جعفر البستاني، الكاتب الكويتي محمد غانم الرميحي. ذاكرة جليل تعي بإدراك ما اكتنف هذه الفترة من أحداث سياسية أهمها العدوان الثلاثي على مصر والخروج في مظاهرات تنديد وتأييد، لكن ذاكرته تعي أيضا ما كان يسود المدرسة من حزم وانضباط والتزام الجميع بصلاة الجماعة ظهر كل يوم ومن يتخلف أو يتهرب يواجه بالحزم الواجب. كان يدير المدرسة الأستاذ أحمد حسن عبداللطيف ويسكن في مبنى المدرسة نفسه. أما الأساتذة فيذكر د. جليل منهم الأستاذ لطفي البسيوني مدرس الأحياء والأستاذ رشاد أدهم مدرس الفيزياء والأستاذ يحيى ذكريا مدرس الرياضيات والأستاذ أحمد السني مدرس الرسم والأستاذ محمد يوسف مدرس التربية البدنية. وانتهت سنوات الدراسة الأربعة في الثانوي وهي من دون شهادة التوجيهية التي كانت تحضر أسئلتها من القاهرة ويجري الامتحان في البحرين وتصحيح أوراق الامتحان في القاهرة أيضا. ولم يكن أمام جليل الحلواجي سوى العمل مدرسا بالابتدائي على مدى أربع سنوات نال بعدها الشهادة التوجيهية من منازلهم عام 1963م. بعدها التحق بجامعة بغداد لدراسة العلوم. ومن المفارقات التي يرويها د. جليل أنه حصل وقتها على بعثة دراسية لدراسة الطب في القاهرة لكن والده لم يكن حريصا على سفره إلى الخارج حتى واتته الفرصة للالتحاق بكلية العلوم في جامعة بغداد التي تخرج منها عام النكسة، عام 1967 بتقدير جيد، ومن بغداد جاء للعمل مدرسا بمعهد المعلمين في وزارة التربية والتعليم على أيام أن كان الدكتور جليل العريض مديرا للمعهد. وظل جليل الحلواجي يدرس بالمعهد ثلاث سنوات حل بعدها محل سميه د. جليل العريض مديرا للمعهد عام 71/.72 تطوير معهد المعلمين ويتذكر د. جليل الحلواجي ما شهده معهد المعلمين من تطوير بالتعاون مع فريق من اليونسكو، وكان هذا التطوير البذرة الأولى في بناء جامعة البحرين والتحق د. جليل الحلواجي بالكلية الجامعية في عام 1979م، ثم تم ضم كلية الخليج للتكنولوجيا إلى الكلية الجامعية لتصبح جامعة البحرين. ظللت أعمل بالجامعة – يقول الحلواجي – حتى عام 1981م وكنت مديرا للشئون الإدارية والمالية حتى ابتعثتني الجامعة إلى أدنبره للحصول على الماجستير في العلوم الإدارية، فلما أنهيت الماجستير واصلت على نفقتي الخاصة الدراسة للحصول على الدكتوراه. وهنا اصطدمت برفض الجامعة لكنني أصررت على مواصلة مشواري الأكاديمي حتى حصلت على الدكتوراه في عام 1985م. صدمتني الجامعة كانت رسالتي للدكتوراه «الجامعات العربية – الأهداف والإنجازات« وأتذكر أنني قابلت مدير الجامعة وقتها أ.د. مروان راسم كمال الذي أخبرني أنه لا مكان لي في جامعة البحرين وسرد أمامي بعض تحفظات الجامعة على إعادة التحاقي بها بعد الدكتوراه.. ولم أقتنع.. فوجهت وجهي شطر القطاع الخاص.. وبالتحديد إلى شركة دلمون للدواجن وطلقت الجامعة بالثلاث.. وانضممت إلى شركة دلمون عام 1985م.. وليس سرا أنني دخلت الشركة وهي تواجه وضعا إداريا صعبا ووضعا ماليا أكثر صعوبة كانت الشركة مثقلة بالديون، وسعر السهم في السوق كان يعادل 50% من القيمة الاسمية وقتها واستطعت مع فريق عمل من العاملين المخلصين بالشركة وبروح الفريق الواحد وخلال 18 سنة زيادة إنتاجية الشركة من مليون ونصف مليون طائر سنويا إلى خمسة ملايين. وقد كان هذا نتيجة للتنظيم الإداري الحديث وزيادة الإنتاجية وإقبال الناس على شراء الدجاج وتحسن نوعيته. من الدكتوراه إلى الدجاج ويكفيني قولا الآن – مازال حديث د. جليل الحلواجي مستمرا – إنني عندما تقاعدت من الشركة في عام 2003م كان سعر السهم يعادل ثلاثة أضعاف القيمة الاسمية إضافة إلى توافر السيولة النقدية إلى ما يجاوز عشرة ملايين دينار. ويحدد د. الحلواجي عدة عوامل لعبت دورها في ذلك إلى جانب الإدارة وروح الفريق الواحد منها خيارات جديدة لاستيراد المواد الخام بأسعار رخيصة ونوعية جيدة في الوقت نفسه، إنشاء مفرخة لإنتاج الصيصان وبيعها على المربين، إنتاج الأعلاف وبيعها على المربين وأصحاب مزارع المواشي، ورغم ذلك فإن د. الحلواجي يرى أن المرحلة الذهبية للصناعة الداجنة في المملكة هي من حقبة التسعينيات إلى عام .2000 فالوضع الآن قد تغير في إطار مساحة كبيرة من المنافسات من الخارج والداخل – من الخارج أكثر – حيث يستورد الدجاج الطازج. لكنني رغم كل شيء أعتز بالفترة التي أمضيتها في القطاع الخاص فقد أكسبتني خبرة التعامل مع السوق المحلي، وخلقت بيني وبين العاملين بالشركة علاقة حميمية مازلت أعتز بها. فقد تعودنا العمل كفريق واحد. جامعاتنا والاستقلالية ولأن الرجل أكاديمي ودراسته للدكتوراه كانت حول الجامعات العربية الأهداف والإنجازات فإنه يرى ومازال يرى أن الجامعات العربية لا تتمتع بالاستقلالية مثلما لاحظته في جامعات الخارج، ففي بريطانيا مثلا تتمتع الجامعات باستقلالية كبيرة في اتخاذ قراراتها، كذلك تعيش جامعات الخارج جوا ديمقراطيا يسودها في كل قراراتها وفي كل معاملاتها وتعاملاتها حتى رئيس الجامعة يتم انتخابه، وكذلك العمداء ورؤساء الأقسام الأكاديمية، فليست هناك قرارات فوقية. والآن بعد التقاعد ماذا يفعل د. جليل الحلواجي؟ الحلواجي يصنف وقته واستغلاله في عدة أمور منها اهتماماته الخاصة ورعايته لحديقة منزله ثم القراءة والرحلات المتنوعة عربيا وأوروبيا، فأنا – يقول الحلواجي – أقرأ في السياسة والعلوم والأدب والفن.. وتجد إلى جانبي مجلة المستقبل العربي. مازلت متفائلا وأسأله: ما هي رؤيتك لهذا المستقبل؟ فيقول على الفور: رغم عتمة الأيام، أنا متفائل وملامح هذا التفاؤل تبدو في الأفق القريب فهناك وعي عربي ومقاومة شرسة وإصرار عليها. د. جليل الحلواجي دائب على مطالعة جريدته الأثيرة «أخبار الخليج« وعلى حد قوله فإن توجهها عربي قومي ومع ذلك فإنه يرى أن زيادة عدد الصحف اليومية التي تصدر في البحرين ليس مفيدا دائما للكتاب والمثقفين أنه يشتت أفكارهم ويقنن كتاباتهم، لذلك يرى أن زيادة عدد الصحف اليومية غير مطلوب، فصحيفتان أو ثلاث تكفي. عن الجامعات العربية سألوني ولعله من المفيد هنا التوقف قليلا مع أفكار الدكتور جليل الحلواجي عن الجامعات العربية.. أهدافها وإنجازاتها. يقول: لقد عمت ظاهرة التوسع والزيادة في مؤسسات التعليم العالي معظم البلاد العربية خلال فترة الستينيات والسبعينيات، ويعزى هذا التوسع والزيادة إلى الإقبال المتزايد من الطلبة للالتحاق بهذه المؤسسات لضمان دخل أحسن بعد تخرجهم ورغبة الحكومات العربية في خلق الكوادر المدربة والمؤهلة كي تقوم بدور فعال في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي كانت في ذروتها خلال السبعينيات. فقد قفز عدد الطلبة الدارسين بمؤسسات التعليم العالي من 415.000 طالب وطالبة عام 1970م إلى 1.100.000 طالب وطالبة عام 1980م والعدد آخذ في التزايد خلال الثمانينيات في معظم البلاد العربية ما عدا لبنان. ونظرا إلى عدم توافر إحصائيات عن جميع الدول العربية لما بعد 1980م تم اعتماد إحصائيات عام 1980م لتوضيح حجم الزيادة في أعداد الطلبة. كما أن الجامعات تضاعفت خلال السبعينيات لتصل إلى 70 جامعة بين قديمة وحديثة منتشرة في جميع البلاد العربية. وقد رصدت حكومات الدول العربية وخاصة الدول المنتجة للبترول الكثير من المال لإنشاء مؤسسات التعليم العالي وخاصة الجامعات. وأعطيت مجالس الجامعات وإداراتها حرية التصرف في توزيع ميزانية الجامعة على أوجه النشاطات الأكاديمية المختلفة بما فيها استحداث وحدات أكاديمية جديدة. إن مثل هذا الوضع لا يختلف كثيرا عما كان سائدا في معظم الدول الأوروبية وأمريكا في الستينيات. حينما أوقف هذا التوسع وارتفعت أصوات بعض السياسيين مطالبة بضرورة تقصي الزيادة المطردة في أعدد الجامعات وأعداد الطلبة الذين يلتحقون بها وما يتبعه من زيادة كبيرة في مصروفات هذه الجامعات. ويضيف الدكتور قائلا: إن السبعينيات في أوروبا شبيهة بالثمانينيات في البلاد العربية، فقد تميزت فترة السبعينيات في أوروبا بالركود الاقتصادي الذي أدى بدوره إلى خفض النفقات العامة وأول ما شمله التخفيض قطاع التعليم العالي. أما الدول العربية وخاصة الدول المنتجة للبترول فكانت تعيش قفزة اقتصادية واجتماعية كبيرة جدا، خلال السبعينيات وكما ورد في مقدمة هذه المقالة كان للتعليم العالي نصيب كبير. ودارت الأيام وبدأت الدول العربية وخاصة المنتجة للبترول في بداية الثمانينيات تواجه وضعا اقتصاديا أسوأ مما واجهته الدول الأوروبية خلال السبعينيات وذلك لأسباب يعرفها الجميع نذكرها لتأكيد تأثيراتها السلبية في ضغط النفقات العامة، وهي: أولا: انخفاض عائدات النفط وهذه أيضا يؤثر فيها عاملان اثنان أولاهما الفائض النفطي في السوق العالمية والثانية انخفاض سعر الدولار. ثانيا: الأوضاع السياسية غير المستقرة في المنطقة العربية. ثالثا: الحرب العراقية الإيرانية وتأثيراتها في تخلخل الأمن في المنطقة وهو ما يتطلب زيادة الانفاق على القطاع العسكري. لقد أجبرت تلك المتغيرات حكومات الدول العربية على اتباع سيراسة ترشيد الانفاق بصورة عامة في مؤسسات الدولة والمؤسسات المدعومة من قبل الدولة ولكن تتمتع بنوع من الاستقلالية في إدارتها مثل المؤسسات الصناعية والزراعية ومؤسسات التعليم العالي. ان ترشيد الانفاق في مؤسسات واضحة الهدف – كالمؤسسات التي تسعى إلى الربح – لأمر مقبول ولا جدال فيه. أما في حالة تطبيق سياسة ضغط النفقات في مؤسسات التعليم العالي وخاصة الجامعات – التي لا يعرف كم تحقق من أهدافها – فهذه سياسة تفيد على المدى القصير، والأولى بالحكومات العربية أن تتحقق من فاعلية وكفاءة هذه المؤسسات الضخمة وتصحح مسارها وبهذا الأسلوب يمكن اكتشاف مواقع التبذير في النفقات من داخل الجامعة وهذه تفيد على المدى البعيد. إن عصر اغراق الجامعات بالموارد المالية من دون مساءلة فعلية – وليست شكلية كما هي حاليا – في كيفية توزيع واستخدام تلك الموارد المالية في الجامعة قارب على الانتهاء. لقد بدأت تظهر بوادر المساءلة الفعلية لدى المسئولين في بعض البلاد العربية وبدأ التساؤل عن كلفة أعداد طالب العلوم والآداب والطب.. الخ. جامعات الأعداد الكبيرة كما بدأ التساؤل عن كلفة المساق الدراسي ونوعية الخريجين وكمية ونوعية الأبحاث إن وجدت وكذلك نوعية الأساتذة والإداريين والفنيين بهذه الجامعات. كل هذه التساؤلات مهما قيل عنها في الصحف والمؤشرات والندوات لن تجدي شيئا ما لم يصدر قرار ملزم للجامعات بتشكيل فرق عمل من الجامعة وخارجها أو إنشاء مركز لأبحاث معاهد التعليم العالي كما هو موجود في معظم الدول الأوروبية يكون متخصصا لدراسة ما يجري في الجامعات ومدى تحقيق هذه الجامعات لأهدافها المنشودة، كما يعنى باقتراح أو ابتكار أساليب إدارية جديدة لتخطيط وإدارة شئون الجامعة وتوزيع مصادرها المالية والبشرية بشكل يزيدها فاعلية وكفاءة لتحقيق أهدافها. كيف نقيس ما تحقق من أهداف؟ ما هي المعايير التي تقيس مدى تحقق كل هدف؟ أو بشكل عام ما هي معايير قياس الأداء؟ تساؤلات يطرحها د. جليل الحلواجي ويجيب عنها قائلا: إن مشكلة المؤسسات التعليمية وخاصة الجامعات بشكل عام تنبثق من كونها مؤسسات كبيرة ذات أهداف متباينة وغامضة أحيانا وتنتج مخرجات يصعب قياسها بشكل دقيق ولكن هذه المقاييس ليست مستحيلة. يرجع معظم الباحثين مشكلات تقييم الأداء في الجامعات إلى ما يلي: – الاختلاف حول أولويات الأهداف للمؤسسة الجامعية بين إدارة الجامعة، أعضاء الهيئة التعليمية والدولة باعتبارها الجهة الممولة للمال. – نوعية المدخلات مثل أعضاء الهيئة التعليمية، مؤهلاتهم، الخلفية الاجتماعية ومدى تفانيهم في تحقيق أهداف الجامعة. – نوعية الطلبة التي تلتحق بالجامعات من حيث المستوى العلمي، الاجتماعي، الثقافي ونوعيتها بعد تخرجها من الجامعة. – نوعية وعدد الأبحاث التي يقوم بها أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات وكذلك نوعية وعدد الأبحاث المنشورة. – مقدار التأثير والتغيير الاجتماعي الناتجين عن العملية التعليمية. ومن أهداف الجامعة التي يركز عليها د. الحلواجي: التنمية العقلية للطلبة، ويشمل هذا الهدف تنمية الاتجاهات الإيجابية للتعلم، التعود على طريقة البحث وأسلوب حل المشكلات وتطوير القدرة على تركيب المعرفة من مصادرها، وبعض معايير قياس هذا الهدف هو: اعتماد الطلبة على أنفسهم في جمع وتحصيل وتقويم المعرفة من مصادرها الأولية، مثل جمع المعلومات الميدانية أو من مصادرها الثانوية كالرجوع إلى المراجع والدوريات بالمكتبة، وقدرة الطلبة على التفكير بطريقة عملية تعتمد على تحديد المشكلة، وتركيب نتائجها وتطبيقها والذي يتضح من خلال ما يكتبه الطلبة من مقالات أو اطروحات أثناء دراستهم، والتقييم والتحليل النقدي لأعمالهم ولأعمال الآخرين بما في ذلك أعمال زملائهم الطلبة أو تقييم البرنامج الدراسي، ومعدل مشاركة الطلبة في نقاشات عقلانية في الندوات والحلقات الدراسية المنظمة من قبل الجامعة. … وبعد أخيرا هل لنا أن نتساءل: ألا يمكن للجامعات العربية الاستفادة من الدراسات التي أجريت على الجامعات الأوروبية والأمريكية من حيث تقييم فاعليتها وكفاءتها كي تواكب احتياجات عصر التكنولوجيا من دون تبذير في النفقات؟ إن جامعات البلاد العربية تمر حاليا بالوضع نفسه الذي مرت به الجامعات الأوروبية والأمريكية في الستينيات مع فارق واحد وهو أن جامعاتهم أصبحت تعد الطلبة لإنتاج وتطوير التكنولوجيا وكيفية توظيف الأجهزة التكنولوجية في خدمة المجتمع بينما جامعاتنا مازالت تعد الطلبة لكيفية استخدام الأجهزة التكنولوجية بغرض استهلاك الأجهزة لا إنتاجها أو توظيفها، وإذا كان إعداد الطلبة لإنتاج وابتكار تكنولوجيا متقدمة صعب المنال، على الأقل تعدهم لتوظيف هذه الأجهزة توظيفا صحيحا.
(*) نشرفي: أخبار الخليج 1 أغسطس 2006م.