عقيل ميرزا
يبدو أننا أمام سنوات أربع استثنائية بكل المقاييس، فعندما تتصفح برنامج الحكومة لهذه السنوات، تشعر بأنها ستكون نهاية لكل المشكلات الخدمية، وأننا سندخل في فصل ربيع طويل الأجل.
لن نطرق كل أبواب هذا الربيع الطلق، الذي دوّنته الحكومة في مطبوعة فاخرة مريحة للنظر وباعثة للتفاؤل، ونكتفي فقط بباب الإسكان من هذا البرنامج، فالحكومة تعد أصحاب الطلبات الإسكانية ببناء عشرين ألف وحدة سكنية، خلال 1500 يوم، وهو ما يعني بأن على الحكومة أن تنجز 13 وحدة سكنية يومياً تقريباً، حتى تنجح في تنفيذ هذا الشق من البرنامج.
لا أريد أن أوزع معلبات التشاؤم على أصحاب الطلبات الذين سئموا من الانتظار وبعضهم وصلت مدد انتظارهم إلى ربع قرن، بقدر ما أريد أن أقول إن هذا الإنجاز إذا أريد له أن يتحقق يحتاج إلى خطة واضحة المعالم، ويحتاج إلى عمل دؤوب لا ينقطع منذ الأول من يناير 2015 لأن التقاعس عن العمل ليوم واحد، يعني أن على الحكومة أن تنجز في اليوم الذي يليه 26 وحدة سكنية في يوم واحد، وهكذا يتضاعف العدد كلما تضاعف التقاعس.
لا أحد ينكر أن السبب الرئيس في تفاقم أزمة الإسكان هو تزايد أعداد الطلبات الإسكانية بسرعة الضوء، بينما كانت المشروعات الإسكانية تنجز بسرعة السلحفاة، ما جعل الطلبات تتكدس، وتصل إلى أكثر من 50 ألف طلب إسكاني ولا تزال وزارة الإسكان تسجل مزيداً من الطلبات الجديدة يومياً.
عندما ناطح سعر برميل النفط المئة دولار وأكثر، لم تستطع وزارة الإسكان أن تنجز هذا العدد من الوحدات السكنية خلال أربع سنوات، ولا أعرف كيف ستنجزه الآن وسعر البرميل دون الخمسين دولاراً، أي أنه فقد أكثر من نصف سعره، ربما لدى الحكومة ووزارة الإسكان تحديداً خطط سحرية سيُماط عنها اللثام في الأيام القليلة المقبلة لتحقيق هذا الشق من البرنامج الذي ينتظر موافقة مجلس النواب.
وحتى لو كنا متفائلين في ارتفاع سعر النفط مجدداً، أو تعويض هبوط سعره من مصدر آخر، وتمكنا فعلاً من توفير الموازنة التي يحتاجها بناء 20 ألف وحدة سكنية خلال أربع سنوات، فلدينا مشكلة عظمى أخرى تتعلق بالخطط التنفيذية، وهذا ما يؤكده تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير الذي صدر قبل يومين، إذ يقول بأن 44 في المئة من موازنة المشروعات الحكومية لم تصرف!! ويعزو ديوان الرقابة سبب ذلك إلى عدم وجود تخطيط.
لدينا بعض المشكلات ملحة وفاقعة، لا يمكن لأحد أن يغض الطرف عنها، ومن أهم هذه المشكلات الأزمة الإسكانية التي أصبحت ككرة الثلج تكبر يوماً بعد يوم، وعلينا أن نضع لها حداً، حتى لا تصبح أزمة مزمنة.
لا أقول إن الحكومة غير قادرة على بناء 13 وحدة سكنية يومياً، بل هي قادرة على بناء أضعاف هذا الرقم، ولكننا نحتاج إلى ترتيب أولوياتنا، وأن يكون الإسكان أولوية في مشروع الموازنة المقبل، ونحتاج إلى تخطيط واضح المعالم يخلو من التعبيرات المطاطة التي لا توصلنا إلى الهدف المنشود، وكل أمنياتي للحكومة بالتوفيق في برنامجها الجديد، وخصوصاً ما يتعلق بالإسكان، وأتمنى أن تنتهي السنوات الأربع المقبلة وقد انتهت وزارة الإسكان من بناء العشرين ألف وحدة التي وعدت الناس بها.