منصور الجمري
الحوار الذي بدأ مؤخراً يجب أن يستمر إلى أن يجد طريقه للوصول إلى نتائج عقلانية ومعتدلة ومقبولة للأطراف السياسية في البلاد. لاشك أن الخلافات كثيرة والتوصل إلى منطقة مشتركة قد يتطلب طريقة أفضل من الترتيب الحالي، وهذا يتطلب الاستمرار في التواصل عبر طاولة الحوار. القضايا المعقدة تأخذ وقتاً أطول في بداية الحوار، وقد يكون الاختلاف حول من يجب أن يحضر وكيف ستكون الآلية، وقد يكون أحياناً على تفاصيل غير متوقعة. فبحسب أحد السياسيين المطلعين، فإنه في حوار جرى في بلد من البلدان، كانت الأشهر الستة الأولى ضاعت بسبب الاختلاف على شكل الطاولة.
البحرين ليست لها خبرات كثيرة في الحوار بين السلطة وأطراف المجتمع، كما أن تركيبة السلطة والمجتمع تعقدت أكثر، وهذا أحد الأسباب التي أوصلت الأوضاع في البحرين إلى ما نحن عليه. وحالياً، فإن الأمر المقلق للكثيرين هو انتشار حالة الإحباط في كثير من الأوساط، وفيما لو تمكن المتحاورون من توضيح بعض القضايا لأنفسهم وللجميع، فإن هذا سيساعدنا على إيجاد مخارج آمنة من الوضع الحالي الذي يتسم بازدياد المناوشات والتوترات الأمنية، وسقوط الجرحى والقتلى، وازدياد أعداد المعتقلين، وإثقال الساحة أكثر من ذي قبل بالتبعات الناتجة عن الاضطرابات المستمرة.
منذ اندلاع الأحداث فإن الخيار المفضل لدى السلطة هو المزيد من التدابير الأمنية، ولكن هذه التدابير لها كلفتها وهي لا يمكن أن تكون بديلاً عن الحل السياسي، اللهم إلا إذا كان لا يهمُّ من يؤمن بهذا الخيار تمزيق المجتمع وإنهاك الاقتصاد. جميع أصدقاء البحرين القريبين والبعيدين ينصحون بحل النزاع السياسي عبر الطرق السلمية، وحالياً فإن هناك حثاً لجميع الأطراف على أن يمارسوا دوراً إيجابياً أكبر لإنجاح ما يتوافر من فرصة مهما كانت صغيرة في رأي الناقدين.
أنا أتفهم الضغط الذي يقع على المعارضة المشاركة في الحوار، لأنها لا تود أن تكون طرفاً في عملية سياسية محصلتها صفر، وهي تسعى إلى حل سياسي قابل للاستمرار. من الجانب الآخر، هناك من يضغط باتجاه منع أي نتيجة ذات جدوى، بل إن هذا البعض يسعى للإبقاء على وضع غير عادل يعتمد على مبدأ «انعدام المساواة» في المواطنة. ولكن أملنا في أن التواصل والحوار الصريح سيوضح استحالة استمرار الممارسات الخاطئة، وأن الحل التوفيقي يجب أن يكون متسقاً مع العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن الإصلاح السياسي يفتح أبواب الخير للجميع.