اعتبر رئيس الهيئة الاستشارية في جمعية التجمع القومي الديمقراطي رسول الجشي أن زيادة القوانين من الجهات الرسمية يشوه الواقع الديمقراطي، باعتبار أن صياغة أي قانون يجب أن يتم من قبل الحكومة لضمان أن تكون الصياغة دستورية لا أدبية، لافتا إلى أن قبول البرلمان بهذا التفسير هو سبب خروج جميع القوانين بما يتوافق مع الحكومة.
جاء ذلك خلال الندوة التي عقدتها الجمعية في مقرها مساء أمس الأول، بمناسبة ذكرى الاستقلال من الاستعمار البريطاني.
وقال الجشي خلال الندوة: «كنا نتمنى لو تم الاحتفال بعيد الاستقلال كأحد الأعياد الوطنية، وكانت هناك محاولات جادة من الجمعيات السياسية بعد مرحلة التوقيع على ميثاق العمل الوطني لإقناع الحكومة بتحديد يوم في شهر أغسطس/ آب كيوم للعيد الوطني الذي لا يتعارض بأي شكل من الأشكال مع عيد جلوس جلالة الملك الذي يصادف يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام».
وتابع «هذا الاختلاف أدى إلى ذوبان هذه الفكرة، على الرغم أنه من المفترض أن تعم الفرحة البحرين بذكرى استقلالها من الاحتلال، وأن يقام مهرجان واستعراضات عسكرية بهذه المناسبة، وأن تعرض الحكومة ما حققته من إنجازات بعد أن تخلصت من الاستعمار البريطاني».
ودعا الجشي إلى استمرار تذكر ضحايا الاستعمار الذين ضحوا بأنفسهم من خلال نضالهم في فترة الانتفاضة ضد الاستعمار.
وتطرق إلى دستور 2002، الذي اعتبره بأنه يعكس التراجع في مواقف الشعب العربي بشأن قضايا كثيرة، مشيرا إلى صدوره في فترة تراجعت فيها الشعوب العربية واستفحل فيها الصراع العربي المحتدم مع «إسرائيل»، وهي الفترة التي كان يعاقب فيها كل من ينطق اسم «إسرائيل».
إذ قال: «كانت تتم مصادرة أية ورقة تدخل إلى البحرين ومكتوب عليها كلمة «إسرائيل»، كما كنا نصر حينها على تسميتها بـ «الأراضي المحتلة».
وعاد الجشي ليؤكد أن الاستعمار أينما حل يخلق مشكلات تؤمن له البقاء، وأن الاستعمار البريطاني الذي يعتبر أشهر استعمار في التاريخ، هو الذي قسم قبرص إلى اثنتين، قبرص تركية وأخرى يونانية، كما قسم شبه القارة الهندية إلى الهند وباكستان وبنغلاديش، وترك عدن التي عانت من الاستعمار بشدة إلى اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، وزرع الكيان الصهيوني في فلسطين، وزرع بذرة الطائفية في البحرين. وقال: «الشعب البحريني كان حريصا على أن يقضي على محاولات شق الصف، والطائفية حوربت من أجل توحد الشعب».
واعتبر الجشي أن مرحلة الحماية كانت أهم مرحلة مرت بها البحرين، وهي المرحلة التي كانت الأكثر ضررا من الاستعمار المباشر نفسه، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن الإنجليز خرجوا من البحرين بعد عشرة أعوام من الاستعمار من دون أن يترك بصمة الإصلاح في البحرين إلا القليل الذي استفاد منه رعاياه بالدرجة الأولى.
كما أشار إلى أن الاستعمار البريطاني فصل البلاد عن أي نشاط قومي أو أية مشاركة في القضايا العربية، ناهيك عن سيطرته على الأمور الخارجية والأمن الداخلي والسياسة الخارجية، مضيفا: «لا غرابة أن البحرين ظلت من دون شعارات في الخارج باعتبار أن الإنجليز كانوا يتولون هذا الأمر».
واعتبر أن المرحلة المهمة التي مرت بها البحرين بعد الاستعمار هي مرحلة صدور الدستور وانتخاب المجلس الوطني والذي لم يتجاوز استمراره العامين حين حُل في العام 1975. ثم أشار الجشي إلى صدور دستور 2002 بعد أن صوت الشعب على الميثاق، والذي جاء بعد أن كانت المشكلات السياسية تعصف بالبلاد، معتبرا أن نصوص الدستور اقتربت إلى الديمقراطية، غير أن الممارسة بعيدة عن هذه الديمقراطية. وقال: «نصوص الدستور لا تعدو كونها تقنينا للواقع بدلا من تجديده، ناهيك عن أنها تتجه لحماية النظام لا الإنسان، وسد أمان للتطور في ظل التعقيدات القانونية وغياب التجربة البرلمانية الحرة وغير المقيدة».
وتابع «خلال 7 أعوام كان البرلمان يحاول التغيير ولكنه لم يتمكن من ذلك لأنه مكبل بلوائح شلت من حركته، وبغياب الحركة الديمقراطية أصبحت القوانين سيوفا مسلطة أمام أي تحرك للأمام».
وأضاف «الغريب أن السلطة بدأت بالعودة إلى قوانين قديمة لفرض قضايا معينة على الواقع الحالي، مثلما حدث مع ندوة «وعد» التي تم منعها بالرجوع إلى قوانين قديمة تطالب الجمعية بتقديم خطاب لتنظيم الندوة، على الرغم من أنها كانت تنظم الندوات منذ أعوام».