الدوحة – (الجزيرة نت): كشفت قناة ''الجزيرة'' الفضائية عن مئات الوثائق السرية المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي ظهر فيها تنازلات غير مسبوقة عن الأراضي المحتلة من السلطة الفلسطينية لإسرائيل. وكشفت الوثائق السرية التي اطلعت عليها الجزيرة أن السلطة الفلسطينية تنازلت عن المطالب بإزالة كل المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية باستثناء مستوطنة جبل أبوغنيم أو ''هارحوما'' بحسب التسمية الإسرائيلية، وأبدت استعدادها لتقديم تنازلات غير مسبوقة في الحرم الشريف وحيّي الأرمن والشيخ جراح. وأظهرت محاضر جلسات المحادثات المتعلقة بما بات يعرف بـقضايا الوضع النهائي في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أن مفاوضي السلطة قبلوا بأن تضم إسرائيل كل المستوطنات في القدس الشرقية باستثناء مستوطنة جبل أبوغنيم. وبحسب محضر اجتماع بتاريخ 15 يونيو 2008 حضره مفاوضون أمريكيون وإسرائيليون، وقال رئيس طاقم المفاوضات في السلطة الفلسطينية أحمد قريع إن ''هذا المقترح الأخير يمكن أن يساعد في عملية التبادل''. وأضاف ''اقترحنا أن تضم إسرائيل كل المستوطنات في القدس ما عدا جبل أبوغنيم ''هارحوما''''. ويتابع ''هذه أول مرة في التاريخ نقدم فيها مقترحاً كهذا وقد رفضنا أن نفعل ذلك في كامب ديفيد''. وقد مثل حديث قريع خلاصة صريحة وواضحة لما عرضه -بالخرائط- الوفد الفلسطيني المفاوض برئاسته في 4 مايو ,2008 وهو الاجتماع نفسه الذي قال فيه قريع للإسرائيليين إن هناك مصلحة مشتركة في الإبقاء على بعض المستوطنات. وقد نحا كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات نفس المنحى عندما قال في اجتماع بتاريخ 21 أكتوبر 2009 مع المبعوث الأمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل، وفقاً لوثيقة سرية، ''بالنسبة للمدينة القديمة فإنها تكون تحت السيادة الفلسطينية ما عدا الحي اليهودي وجزء من الحي الأرمني''. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يظهر فيها التراجع الفلسطيني عن التمسك بالحي الأرمني إذا ما قورن هذا الموقف بما تسرب من موقف للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في كامب ديفيد. وحول الموقف من الحرم القدسي الشريف يتابع عريقات قائلاً في الاجتماع نفسه ''الحرم يمكن تركه للنقاش. هناك طرق خلاقة، كتكوين هيئة أو لجنة، الحصول على تعهدات مثلاً بعدم الحفر''. وأضاف عريقات أن ''الحرم يمكن تركه للنقاش. هناك طرق خلاقة: تكوين هيئة أو لجنة، أو الحصول على تعهدات مثلاً بعدم الحفر''. وشعوراً منه بمستوى حجم التنازلات التي قدمها في هذا الصدد، دون مقابل، قال عريقات إن ''الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن أقوم به هو أن أتحول إلى صهيوني''. وفي اجتماع آخر مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيي ليفني بتاريخ 30 يونيو 2008 قال عريقات ''ليس سراً أننا عرضنا في خريطتنا أن نمنحكم أكبر أورشاليم ''القدس بالتعبير اليهودي'' في التاريخ''. وفي اجتماع آخر عقده في 9 سبتمبر 2008 مع وحدة دعم المفاوضات، تحدث عريقات عما عرضه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت على الجانب الفلسطيني في 31 أغسطس من نفس العام، فقال إن أولمرت ''عرض علينا أن تكون منطقة الحرم تحت إشراف هيئة مشتركة''، مكونة من السعودية والأردن ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل والجانب الفلسطيني. وبحسب عريقات فإن أولمرت اشترط أن تكون مهمة هذه الهيئة الإدارة وليس السيادة، على أن يتم التفاوض حول السيادة لاحقاً بمشاركة الفلسطينيين والإسرائيليين وأطراف الهيئة، من دون أن تكون لهذه الهيئة سلطة لإجبار أي من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على التوصل لاتفاق. وقد نال حي الشيخ جراح في القدس هو الآخر نصيبه من مسلسل التراجع الفلسطيني كما تشير إليه الوثائق السرية. فبشأنه يلمح قريع إلى إمكانية المساومة عندما يقول للجانب الإسرائيلي في أحد اللقاءات التفاوضية ''في إطار تبادل الأراضي، بالنسبة لمنطقة في الشيخ جراح، لابد أن أحصل على منطقة مكافئة''. وبحسب عريقات فإنه في مقابل العروض الفلسطينية، رفض الإسرائيليون مناقشة القدس التي تصر إسرائيل على أنها خارج دائرة التفاوض. وتؤكد ذلك وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في لقاء في 15 يونيو 2008 مع قريع ووزيرة الخارجية الأمريكية إذ ذاك كوندوليزا رايس قائلة ''أخبرنا الفلسطينيين أننا لن نعوضهم عن أي أرض هي جزء من إسرائيل''، قاصدة بذلك القدس الشرقية التي كانت تل أبيب قد أعلنت ضمها للسيادة الإسرائيلية. وفي اجتماعات أخرى كانت ليفني تصر على أن القدس ''هي العاصمة الموحدة وغير المقسمة لإسرائيل والشعب اليهودي منذ 3007 سنوات''، وهو ما كان يثير احتجاجاً من قبل المفاوضين الفلسطينيين. وخلال اجتماع عقده مع محامين من وحدة دعم المفاوضات في 5 مايو 2009 يرفض عريقات أي علاقة للأردن بالمدينة المقدسة ويقول ''لا أريد أن تكون للأردن أي علاقة بالقدس''. واقترحت رايس وفقاً لمحضر اجتماع بتاريخ 29 يوليو 2008 مع قريع وعريقات أن ''تكون القدس مدينة مفتوحة. لا أريد للفلسطينيين أن ينتظروا إلى الأبد إجابة قد لا تأتي''. وأضافت رايس فيما بعد ''1967 هو خط الأساس ولكن إذا انتظرنا إلى أن تقرروا بخصوص السيادة على الحرم أو جبل الهيكل، فإن أولاد أولادكم لن يتوصلوا إلى اتفاق. عندما يتعلق الأمر بالأماكن المقدسة، لا أحد سيجادل بشأن سيادة الآخر. اتركوها بدون حل''. وأشار عريقات في أحد الاجتماعات إلى أن التشديد على موضوع القدس هو قضية سياسية مرتبطة بالحرص على مستقبل وجود السلطة الفلسطينية. وأوضح أن ما أسماه ''القلق بشأن القدس الشرقية'' هو ''في نهاية المطاف سياسي''، وذو صلة بالحرص على مصير السلطة الفلسطينية. وبحسب كلام عريقات -أثناء اجتماع مع المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل- فإنه ''إذا غضضنا الطرف عن مثل تلك التسوية، فستكون لذلك عواقب وخيمة على السلطة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية''. وأشار إلى أن ما أسماها ''الإخفاقات في الماضي'' كانت ''نتيجة الاستهانة بأهميتها لدى الفلسطينيين''. وختم بالقول ''يجب أن تكون هناك وسيلة لمعالجة مخاوفنا بشأن القدس''. وكانت إسرائيل قد طردت عوائل فلسطينية من هذا الحي الواقع في قلب الجزء الشرقي للقدس، في حين يهدد بالطرد اليوم قرابة 550 مقدسياً هم سكان الحي، وذلك وفقاً لأحكام قضائية إسرائيلية. ويوجد اليوم مخطط إسرائيلي لبناء مائتي وحدة استيطانية جديدة في الحي