حسن المدحوب
أزعم وأدّعي أن مشكلة الجامعيين العاطلين سياسية وليست اقتصادية مطلقاً، سواءً فيما يتعلق بالتوظيف الحكومي أو في القطاع الخاص، فهناك المئات إن لم يكن الآلاف من غير البحرينيين يتنعمون بوظائف، البحريني أحق وأجدر بها.
لدينا قرابة 3400 عاطل جامعي مقابل 25 ألف وظيفة تخلق سنوياً، الآلاف منها برواتب مجزية، ولكن من غير المسموح للبحرينيين الاقتراب منها، أو حتى العلم بها، والأسباب في ذلك معروفة.
الواقع لآلاف البحرينيين الجامعيين العاطلين محبطٌ، ومؤلمٌ جداً، جميعهم يحلمون بوظيفة محترمة ولائقة، ولكن أحلامهم وتطلعاتهم تصطدم غالباً بعقبات وحواجز لا عدّ لها ولا حصر، وكأن هناك من يتعمد أن يغرس في وجدانهم غربة العيش في وطنهم وأرضهم.
قلناها مراراً، من الغريب أن نكون في دولة خليجية نفطية ونرى نصف العاطلين هم أصحاب الشهادات ومن المتفوقين تحديداً. هذا الظلم الواضح دفعنا إلى التساؤل عشرات المرات عن سبب ذلك ومغزاه، في الوقت الذي لا يوجد أسهل من حلّ هذا الملف الوطني في يوم واحد لو توافرت الإرادة الحكومية لذلك.
وزير العمل يقول إنه عاجزٌ عن توظيف الجامعيين العاطلين في الحكومة، وديوان الخدمة المدنية صامت ولا نرى له سياسة واضحة في استيعاب هؤلاء الجامعيين ودمجهم في وزارات الدولة وهيئاتها التي تعج بالأجانب، ونحن هنا مانزال نكرّر سؤالنا لديوان الخدمة عله يوافي الرأي العام بعدد غير البحرينيين في وزارات الدولة وهيئاتها، ومبررات توظيفهم واستمرار بقائهم سنواتٍ طوالاً رغم تراكم أعداد الجامعيين العاطلين.
ورغم كل الواقع المحبط والمؤلم لهؤلاء الخريجين الجامعيين، إلا أننا نقول لهم لا تيأسوا ولا تحزنوا، وقد حان الوقت لتطلقوا بأنفسكم مبادرات ومشاريع لإثبات نجاحكم وتميّزكم، هناك المئات من الجامعيين والجامعيات في التخصصات الإنسانية، وبإمكانكم تنسيق جهودكم لتأسيس مراكز تعليمية واستشارية وإرشاد نفسي وتربوي خاصة بكم، هذه المراكز تستطيع أن تجد لها زبائنها وبكثرة، فالأسر تتطلع إلى مراكز تربوية ونفسية تحتضن أبناءها وترعاهم، وهناك من الموظفين من أسّس مثل هذه المراكز واستطاع النجاح فيها واستقطاب الكثيرين، ولستم أقل منهم وعياً وتميّزاً.
الفكرة التي نحاول إيصالها، هي أنه إذا كان هناك من يعمل على حرمانكم من العمل في القطاع الحكومي والخاص، فليس عليكم أن تسمحوا له بذلك، فعليكم أولاً تنسيق جهودكم والتعاون من أجل تحقيق فكرة هنا أو هناك من أجل استثمار طاقاتكم التي يُراد لها أن تكون مهدرة ومضيعة.
هناك العشرات من قصص النجاح لجامعيين أخذوا زمام المبادرة بأنفسهم، وتمكّنوا بإمكانياتهم المتواضعة أن يستثمروا طاقاتهم وإبداعاتهم ليحوّلوا واقعهم إلى مستقبل أفضل، وبإمكانكم قطعاً أن تصنعوا لأنفسكم قصص نجاح خاصة بكم جميعاً.
نحن في الصحافة مستعدون دائماً أن ندعم أي مشروع يطلقه الجامعيون العاطلون من أجل مستقبل أفضل لهم ولأسرهم، فقط عليكم أن تتكتّلوا وتنسّقوا وتبدعوا في أفكاركم. قد تجدون عوائق كثيرة، ولكن عليكم دائماً الثقة بأن الغد سيكون أجمل لكم جميعاً، بإرادتكم وعملهم وإبداعكم، فقط اسعوا ولا تيأسوا.