الثابت والمتحوّل في زيارة أدونيس الى العميل جلال الطلباني |
شبكة البصرة |
محمد العماري |
تصرفات الكثيرمن الشعراء، والكبار منهم على وجه الخصوص، تثيرالحيرة والريبة والشك. وفي أحيان كثيرة الاستهجان والاحتقارمهما كان لهؤلاء الشعراء من شأن عظيم أو وموقع أساسي في خارطة الشعر والثقافة. ورغم أن عصر التسكّع على أبواب السلاطين والملوك قد ولىّ، أو هكذا نتصوّر، الاّ أن البعض ما زال يجد في خيمة السلطان، حتى وإن كان سلطانا بالاسم فقط كحالة العميل جلال الطلباني، ملاذا ومأوىوموضع ترحيب. وتندرج زيارة الشاعرالكبير- الكبير حتى أيام خلت -أدونس الى العراق المحتلّ وجلوسه، الخالي من أية مسحة شاعرية بل المسيء لسمعته وتاريخه الشعري والثقافي، بين يدي أسوء رئيس دولة،عفوا أقصدأسوء عميل عرفه العراق على مرّ التاريخ. فالكل يعلم إن ضخامة الرئيس العميل جلال الطلباني يمثّل، وهذا ليس بخافٍ على أدونيس على ما اظنّ، الأداة الطيعة جدا في المشروع الاحتلالي لقوة إستعمارية باغية مستهترة، كان الهدف منه وما يزال مسح العراق، وطنا وشعبا وتاريخا وحضارة ولغة وأدبا، وإلغاء دوره الريادي في شتى المجالات وتحويلة الى كيان هزيل مشلول الارادة مسلوب الخيرات والحقوق. والله وحده يعلم كيف سمح أدونيس لنفسه أن يجالس جلال الطلباني الذي يمثل رمزا لكل ما هو نقيض للشعروالذوق والأدب والأخلاق. خصوصا وأن دبابات أمريكا وكلابها المدربة وعساكرها المدججين بالسلاح، والجاثمة على صدرالعراقيين منذ ست سنوات، هي التي توفّر الأمن والأمان لما يسمى برئيس العراق ولزوّاره الكرامّ. ولعل الشاعرأدونيس حضيّ بشرف حماية بعض المارينز الأمريكان أو عصابات البيشمركة الكردية. ولو كان أدونيس شاعرا مبتدءا يبحث عن شهرة أو جاه أو غنيمة لأعطيناه الحق في زيارته للعميل جلال الطلباني. لكن ما الذي دفع شاعرا بحجم أدونيس الذي فصّل وشرّح وإنتقد وخاض معارك أدبية وشعرية هنا وهناك، الى درجة ترشيحه الى جائزة نوبل للأداب، للقيام بزيارة العراق المحتل بينما رفض وإستنكف أبسط الناس، ولا أقول أبسط الشعراء، من القيام بها. والأنكى من هذا أن الشاعرأدونيس، بحسب البيان الصادر عما يُسمى بمكتب الرئاسة"أبدى إعجابه الشديد بالانجازات العظيمة التي تحققت في شمال العراق، وأثنى على قيادة جلال الطلباني الرشيدة". لكن أدونيس، الذي رأيناه عبر شاشات التلفزة جالسا بخشوع في حضرة من لا يفقه شيئا لا في الشعر ولا في النثر، تناسى أو تجاهل أن ثمة شعراء وكتاب وصحفيين وأناس أبرياء يقبعون في سجون"الديمقراطية" التي يديرها جلال الطلباني ورفيقه في العمالة والخيانة مسعود البرزاني لا لأنهم هدّدوا أمارتي الحزبين الكريين العميلين بل لأنهم ألقوا الضوء على جانب بسيط جدا مما يحصل في شمال العراق من فساد وإقساد ونهب وسلب وإستحواذ على مقدرات وخيرات المنطقة، وتكميم أفواه كلّ من تسوّل له نفسه ليقول لصاحب الفخامة مسعود البرزاني"على عينك حاجب". وفي الوقت الذي كان العراق، قبل الغزو البربري الأمريكي، بأمس الحاجة الى كلّ كلمة شريفة طيبة والى رجال لا خشون في قول الحق لومة لائم، كان الشاعر أدونيس يرفض زيارة العراق وينتقد شعراء وكتاب وفنانين لهم حضورهم المميز وصوتهم المسموع في عالم الثقافة، لأنهم كانوا يزورون العراق ويقفون الى جانب شعبه المحاصر من قبل أمريكا وعملائها في المنطقة، وعلى رأسهم العميل جلال الطلباني الذي مدحه أدونيس وهو لا يستحق حتى الهجاء والذم. ومن عجائب زيارة ادونيس صاحب"الثابت والمتحوّل" وحسب بيان ما يُسمى برئاسة الجمهورية هو أن أدونيس إستمع من العميل الطلباني"الى شرح لآخرالتطورات الجارية في العراق والانجازات الكبيرة التي تحققت في السنوات الأخيرة في". ولا ندري متى بدأ أدونيس الاهتمام بما يحصل في العراق خصوصا في ظلّ أبشع إحتلال تعرّض له البلد في تاريخه الحديث والقديم؟ وهل ثمة مصدر آخر أكثر صدقا ونزاهة وموضوعية، غير العميل جلال الطلباني، لكي يطّلع الشاعر أدونيس، ولو متأخر بسنوات عدة، على أهوال ومصائب ومآسي العراقيين؟ |
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.