محكمة التمييز: الحكم العسكري لـ"القيادات السياسية" قاصراً وخلا من الادلة
ذكرت محكمة التمييز في أسباب حكمها في قضية «تأسيس جماعة إرهابية بغرض قلب نظام الحكم» والتي تضم 21 متهماً، أن حكم محكمة السلامة الوطنية شابه قصور، ومن ضمن ذلك القصور؛ إثبات التنظيم الإرهابي وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر في مدوناته أو أسبابه أركان هذه الجريمة المسندة إلى الطاعن – المادي منها والمعنوي على النحو سالف البيان؛ فإنه يكون قاصراً قصوراً يبطله ويوجب نقضه، كما كان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان أركان جريمة قلب نظام الحكم والتدليل عليها تدليلاً سائغاً في حق الطاعن وباقي المحكوم عليهم وفق ما تتطلبه أحكام القانون على النحو سالف البيان؛ فإنه يكون قاصراً قصوراً يبطله ويوجب نقضه والإحالة.
وقالت المحكمة في أسباب حكمها الصادر بحق مجموعة الـ 21 متهماً إنه بعد تلاوة تقرير القاضي المقرر والاطلاع على الأوراق، وسماع النيابة العامة والحاضرين عن الطاعنين وبعد المداولة، وحيث إن الطعون جميعاً استوفت أوضاعها الشكلية؛ فان الطعن المقدم من عبدالوهاب حسين علي، حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انه إذ دانه بجرائم تأسيس وإدارة جماعة – يتولى زعامتها الغرض منها قلب نظام الدولة السياسي ودستورها وتعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والإضرار بالوحدة الوطنية والتخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية للقيام بأعمال عدائية ضد مملكة البحرين توطئة لقلب نظام الحكام وإقصاء رموزه والتحريض على كراهية النظام وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها اضطراب الأمن العام والتحريض على عدم الانقياد للقوانين وبغض وازدراء طائفة من الناس وحيازة مطبوعات تتضمن ترويجاً وتحبيذاً لقلب نظام الدولة السياسي بالقوة وإهانة جيش المملكة وتنظيم مسيرات والدعوة لها من دون إخطار الجهات المختصة؛ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون.
وأضافت المحكمة أن ذلك خلا من بيان أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ولم يدلل على توافر تلك الأركان في حق الطاعن تدليلاً سائغاً ولاسيما أن أوراق الدعوى خلت من ثمة دليل على توافر تلك الأركان المنتفية في حقه ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وتابعت المحكمة لمَّا كان ذلك، وكانت المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 58 للعام 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية قد نصت على أنه… «يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار على خلاف أحكام القانون جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة أو فرعاً لإحداها أو تولى زعامة أو قيادة فيها. يكون الغرض منها الدعوى إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية إذا كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تحقيق أو تنفيذ الاغراض التي تدعو إليها الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الجماعة أو العصابة أو أحد فروعها» وكان مفاد هذا النص ومرماه أن المشرع استهدف حماية السيادة الداخلية ضد خطر جرائم التنظيم الهدام الذي يرمي إلى المساس بالمبادئ الأساسية التي تقوم عليها سيادتها الداخلية ضد نوع معين من الاعتداء ولإعمال هذا النص باعتبار أن الجماعة مخالفة لأحكام القانون يجب توافر شرطين.
وذكرت المحكمة أن الشرط الأول منهما يتعلق بالهدف، والثاني يتعلق بالوسيلة، أما بالنسبة إلى لهدف فإنه يرمى إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات أو إلى القضاء على طبقة اجتماعية أو إلى قلب نظم الدولة الأساسية، الاجتماعية أو الاقتصادية أو إلى هدم أي نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو إلى تحبيذ شيء مما تقدم والترويج له، وبوجه عام؛ فإن المشرع انصرف مراده إلى حماية النظام الاجتماعي والاقتصادي للدولة من خطر المذاهب المتطرفة التي ترمي إلى بسط طبقة سلطتها على أخرى. اما بالنسبة للوسيلة، وهي الشرط الثاني، فإنه يتعين أن يكون استعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظاً في ذلك وأن تكون هذه الوسيلة من أهداف التنظيم، أي أن يكون تحقيق هذه الدعوة يتوقف على استعمال القوة أو أية وسيلة غير مشروعة ولا يكفي لذلك ان يدعو التنظيم إلى إحداث تغييرات اجتماعية أو دستورية معينة – ما لم يكن مفهوماً على سبيل اللزوم المنطقي أن تحقيق هذه الدعوة يتوقف حتماً على استعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة غير مشروعة.
وأفادت المحكمة وبناء على ما سلف؛ فإنه يجب على الحكم في تلك الجرائم أن يستظهر ان الالتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو إلى أي وسيلة غير مشروعة كان ملحوظاً في تحقيقها وأن إرادة الجاني تتجه إلى تكوين الجماعة مع علمه بها وبأغراضها… لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر في مدوناته أو أسبابه أركان هذه الجريمة المسندة إلى الطاعن – المادي منها والمعنوي على النحو سالف البيان فإنه يكون قاصراً قصوراً يبطله ويوجب نقضه.
وواصلت المحكمة أسباب حكمها لما كان ذلك، وكانت المادة 122 من قانون العقوبات نصت على انه «يعاقب بالإعدام من سعى لدى دولة أجنبية أو تخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد دولة البحرين» وكان المقصود بالتخابر في حكم هذه المادة يعني قيام التفاهم المتبادل بين الجاني والدولة الأجنبية أو أن شخصاً يعمل لمصلحتها لتحقيق نتيجة أو غرض معين فالتخابر هو صورة من صور الاتفاق الجنائي من حيث تقابل الإرادتين بين شخص الجاني والدولة التي يستعديها على وطنه أو من يعمل لمصلحتها وهذه الجريمة تتطلب قصداً عامّاً هو اتجاه إرادة الجاني إلى السعي أو التخابر مع دولة أجنبية أو أحد يعمل لمصلحتها مع علمه بذلك وقصداً خاصّاً هو اتجاه نيته إلى القيام بأعمال عدائية ضد المملكة.
فانه و لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر أي من أركان هذه الجريمة في حق الطاعن وباقي الطاعنين ممن نسب اليهم هذا الاتهام الوارد بالبند ثالثاً من وصف النيابة العسكرية؛ فإنه يكون قاصراً قصوراً يبطله ويوجب نقضه.
وبينت المحكمة أنه لما كان ذلك وكانت المادة 148 من قانون العقوبات قد جرى نصها على انه «يعاقب بالسجن المؤبد كل من حاول بالقوة قلب أو تغيير دستور الدولة أو نظامها الأميري أو شكل الحكومة أو الاستيلاء على الحكم – فإذا وقعت الجريمة نتيجة سعي أو تخابر مع دولة أجنبية أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها أو وقعت من عصابة مسلحة فيعاقب بالإعدام من سعى أو تخابر أو من ألف العصابة وكذلك من تولى زعامتها أو من تولى فيها قيادة ما… «، ومفاد هذا النص ومقصود الشارع منه. انه يشترط لقيام هذه الجريمة ركنان – أولهما الركن المادي ويتكون من عنصرين؛ هما: المحاولة واستعمال القوة والتي اشترطها القانون لتجريم المحاولة محل العنصر الأول. وثانيهما الركن المعنوي بقصديه العام المتمثل في إرادة النشاط المكون للجريمة « المحاولة واستعمال القوة « مع العلم بهذا النشاط والغرض منه – والقصد الخاص والمتمثل في اتجاه نية الجاني إلى قلب نظام الحكم أو تغيير الدستور أو النظام الملكي أو شكل الحكومة فإذا لم تتوافر هذه النية فإن الجريمة لا تقع.
وأفادت المحكمة أنه و لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان أركان هذه الجريمة والتدليل عليها تدليلاً سائغاً في حق الطاعن وباقي المحكوم عليهم وفق ما تتطلبه أحكام القانون على النحو سالف البيان؛ فإنه يكون قاصراً قصوراً يبطله ويوجب نقضه والإحالة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث أسباب الطعون الأخرى المنضمة وذلك بالنسبة للطاعن والطاعنين جميعاً في الطعون أرقام 177، 181، 182، 184، 185، 186، 187، 188، 190، 192، 196، 197/18 للعام 2011 لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة من دون ان يمتد للطاعن في الطعن رقم 193 للعام 2011 الحر يوسف محمد صميخ لعدم اتصال وجه الطعن به.
واما بخصوص الطعن رقم 193/18 للعام 2011 المقدم من الطاعن الحر محمد يوسف صميخ، من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تنظيم مسيرات والدعوة لها والاشتراك فيها دون إخطار الجهات المختصة قد ران عليه البطلان وأخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ذلك انه دانه على رغم عدم اختصاص المحكمة بنظر الاتهام الذي عوقب عليه بموجب حكم محكمة أول درجة لكونها جنحة ينعقد الاختصاص بالفصل فيها للمحاكم العادية وذلك بمقتضى أحكام المرسوم بقانون رقم 28 للعام 2011 والذي أحال دعاوى الجنح للمحاكم العادية وهو ما كان يوجب على المحكمة عدم الفصل فيها وإحالتها إلى المحكمة العادية فضلاً عن أن الحكم أوقع على الطاعن عقوبة تزيد عن الحد المقرر بالمادة 13 من المرسوم بقانون رقم 18 للعام 1973 المعدل بالقانون رقم 32 للعام 2006 كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وأفصحت المحكمة حيث إن البين من أوراق الدعوى أن الطاعن قد أحيل إلى محكمة السلامة الوطنية الابتدائية باتهامه بالانضمام إلى جماعة مؤسسة على خلاف القانون الغرض منها قلب نظام الحكم ومحاولته ذلك والدعوة إلى تنظيم والاشتراك في مسيرات دون إخطار الجهة المختصة – ولما كانت الجريمة الأخيرة مرتبطة بالجريمتين السابقتين عليها والمنسوبتين إلى الطاعن ومن ثم فإن إحالتهم جميعاً «جميع التهم» إلى محكمة السلامة الوطنية الابتدائية لا يكون قد خالف أحكام القانون في شيء كما أن استئناف الحكم الصادر في الجريمة الأخيرة وهي جنحة يكون أمام محكمة السلامة الوطنية الاستئنافية المنوط بها الفصل في الدعوى ككل، إذ إن ما ورد بنص المرسوم بقانون رقم 28 للعام 2011 بشأن إحالة قضايا الجنح إلى محكمة الجنح العادية إنما هو خاص بوقائع الجنح المبتدأة وليس الجنح المرتبطة بالجنايات ومن ثم فإن تصدي محكمة السلامة الوطنية الاستئنافية للفصل في موضوع استئناف الطاعن على رغم انه خاص بحكم صادر بالإدانة في جنحة يكون متفقاً وصحيح القانون، ولا ينال من ذلك ولا يقدح فيه ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في معرض رده على دفاع الطاعن في هذا الشأن من تقرير قانوني خاطئ ليس له أثر في منطق الحكم وسلامته والنتيجة التي انتهى إليها.
واختتمت المحكمة باسباب حكمها بخصوص الصميخ لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة للجريمة التي أدين الطاعن بها والواردة بنص المادة 13 من القانون رقم 32 للعام 2006 «تنظيم مسيرات والدعوة لها والاشتراك فيها» هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تقل عن مئة دينار أو بالعقوبتين معاً، وكان الحكم المطعون فيه قد تجاوز هذا الحد الأقصى لتلك العقوبة ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه على واقعة الدعوى ما يتعين معه نقضه نقضاً جزئيّاً وتصحيحه وفقا للقانون على النحو المبين بالمنطوق مادام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى عملاً بنص المادة 34 من المرسوم بقانون رقم 8 للعام 1989 بإصدار قانون محكمة التمييز. وذلك بالنسبة إلى الطاعن فقط… لعدم تعارض ذلك مع قاعدة عدم جواز تصحيح حكم قضت المحكمة بنقضه لعدم وجود ارتباط بين نقض الحكم والإحالة بالنسبة إلى الطاعنين الآخرين وبين تصحيحه بالنسبة إلى الطاعن في الطعن «الماثل» الحر يوسف محمد صميخ» لعدم اتصال وجه الطعن بهم
—————————————————————————
المحامي العلوي: محكمة الاستئناف ستنظر بقضية «مجموعة 21» يوم الثلثاء 8 مايو
قال المحامي السيد محسن العلوي إن محكمة الاستئناف ستنظر يوم الثلثاء المقبل (8 مايو/ أيار 2012) في القضية المعروفة بقضية الرموز والمتهم فيها 21 من رموز المعارضة.
يذكر أن محكمة التمييز قضت يوم الإثنين (30 أبريل/ نيسان 2012) بقبول الطعن المقدم من المدانين في قضية «تأسيس جماعة إرهابية بغرض قلب نظام الحكم» والتي تضم 21 متهماً، وأحالتها إلى محكمة الاستئناف العليا، كما حكمت بتعديل الحكم الصادر بحق المتهم الحر يوسف محمد الصميخ المحكوم عليه بالحبس مدة سنتين إلى الحبس 6 أشهر بتهمة التجمهر وبرأته عن باقي التهم، ومن المقرر الإفراج عنه على اعتبار أنه تجاوز فترة الحبس.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3527 – الجمعة 04 مايو 2012م الموافق 13 جمادى الآخرة 1433هـ