منصور الجمري
جانب من توصيات لجنة تقصي الحقائق الماثلة أمامنا يتعلق بضرورة الاندماج والتكامل المجتمعي، ومثل هذه التوصيات تبدو مرفوضة من قبل الذين وفرت لهم الأزمة، التي مررنا بها، فرصة لإشباع أحقادهم الغريبة على طباع أهل البحرين.
إن منطقتنا تتعرض لضغوط شديدة، أفسحت المجال لقوى لا يهمها سوى تمزيق المجتمعات، ونحن بحاجة إلى إعادة التأكيد على الأساسيات. فأي دولة لا تقوم على أرض فقط، وإنما هناك الناس الذين يشكلون الحجر الأساس في التكوين السياسي. فالناس هم الذي يعطون الشرعية لأي سلطة سياسية قائمة، سواء كانت هذه الشرعية مستمدة من أسلوب تقليدي وعرفي، أو من خلال مؤسسات دستورية حديثة.
المجتمع المتماسك هو المجتمع الذي يعتبر مصيره مشتركاً من حيث المبادئ والمصالح المتبادلة بين الأفراد والجماعات، والنظام السياسي الذي يسعى إلى تحقيق استقرار مستدام ينبغي أن يكون لجميع مكونات المجتمع، وأن يكون في خدمة الأهداف المشتركة لمن يعيش تحت ظله. وعليه، فإن من يسعى إلى تمزيق المجتمع إنما يضر باستقرار النظام السياسي قبل أي شيء آخر، ولذا فإن أي مسعى لا يكون من أجل «كل المواطنين» فإنه آيل إلى الفشل والانكسار في نهاية الأمر.
لعل من الممل حاليّاً الحديث عن ضرورة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق؛ لأن قوى التمزيق المجتمعي نجحت حاليّاً في وأد تلك التوصيات، لكن يجب على جميع الفئات المستنيرة في المجتمع أن تلعب دورها من أجل تحقيق أمن واستقرار البلاد عبر ضمان الحقوق الأساسية لكل البحرينيين، وتحقيق المصالحة الوطنية، وتعزيز الاندماج الوطني، وتثبيت مبدأ الاحترام والمودة بين الجميع.