سهيلة آل صفر
إننا نعيش في عالم سريع التغيير تشوبه الكثير من الانحرافات الأخلاقية والدونية، حيث أصبح الإنسان لا يثق بما يراه أو يسمعه، مع هذا الكم الرهيب من البث الاعلامي. وأصبحت المزايدات من أجل التسلق السياسي والظهور في الوسائل الإعلامية، لأفراد لا توجد لديهم أية مصداقية أو انتماء لأي شيء، ولا حتى لانتماءاتهم المذهبية! وهذه قد يتغاضون عنها في سبيل الوصول إلى الكرسي السحري.
هؤلاء حيثما يجدون الفرصة مواتية، تراهم يتقربون ويرقصون، ويعرفون جيداً كيف يتلونون.
والغريب في الأمر أن يرتقي هؤلاء السلالم الوظيفية ويصعدون كالصاروخ، وكلما برعوا وازدادوا نفاقاًً ارتفعت مكانتهم، وازداد تخويلهم للتمثيل في الأماكن الحساسة، والإدلاء بآرائهم وعدم التورع عن الكذب، وتشويه كل الحقائق والوقائع، سواءً محلياً أو خارجياً. ومنهم من أساؤوا لسمعة البحرين دولياًً، لعدم تقبل ذلك النوع من الزيف في الخارج!
إن هؤلاء مع الأسف تراهم ينشطون إعلامياً في صحف وتلفزيون ووسائل تواصل اجتماعي، وما يصاحب ذلك من تأثيرات سلبية لأفكارهم المشوّهة، إذ يجرجرون المجتمع إلى التناقضات والتشوهات!
إلى هنا قد نتحمل ذلك على مضض، ولكن الخطير والمؤلم في الموضوع هو إذا ما تم تعيينهم في المراكز الحساسة من الوزارات، التي تمس قطاعات حيوية من الخدمات للمجتمع، فنراهم يعجزون عن تحقيق الحد الأدنى من الإنجازات، أو التواصل في تطويرها لعدم وجود المهارات الأساسية أو الأكاديمية، ولا حتى تلك الخبرات التراكمية، وباختصار هم ذوو كفاءة محدودة. ولذلك يعاني الناس عند مراجعة مؤسساتهم، فتتعرض مصالحهم للتأخير أو التأجيل، وتعم الفوضى، وتحدث التجاوزات في التعيينات العشوائية لغير الأكفاء ليتماشوا مع الرؤساء الجدد، وتسير دفة الأمور دون المستوى المهني المطلوب.
انه في مثل هذه الظروف الصعبة التي تزحف على البلاد، نحتاج إلى الحكمة والجدارة الوظيفية في الأداء، لتحريك عجلة الاقتصاد وتجاوز الأزمات. وكل ما نأمله هو تدارك ما يحدث ومراقبة المستوى العام الذي آلت إليه الخدمات في القطاعات المختلفة، والنظر جدياً في الشكاوى والتظلمات، والمساواة بين أبناء الشعب الواحد. كما يجب إزاحة الستار عن أولئك الذين تستروا بلباس الدين ونحوا نحو تدمير اللبنة الأساسية وإشعال نار الشقاق الطائفي.
وهذه الفئات المنتفعة من البشر، قد تشعر بانتصار وهمي ومؤقت لوهلة، ولكنها في الحقيقة كارثة مؤجلة من التخلف والتراجع في القضايا العامة، مجتمعية واقتصادية وسياسية على حد سواء.