من الصعب التعويل على التغيير في الأوضاع العربية الى الأفضل من خلال اللقاءات بين الرؤساء العرب (القمم العربية) أو بين الرؤساء العرب ونظرائهم من الدول المهتمة بشئون المنطقة العربية، هذا هو ما أثبته التاريخ خلال الستين سنة الماضية.
بل يمتد عدم التعويل على المفاوضات التي تجري في الساحة العربية في الوقت الراهن سواء بين الملك عبد الله أو الرئيس الأسد والرئيس ميشيل سليمان كمحاولة لحلحلة الملف اللبناني ،وإيجاد ميزان عربي يرفض بقاء تدهور الأوضاع ،أو بين الطرف الفلسطيني ممثلا في الرئيس محمود عباس ونتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في مسعى جديد لتحريك عملية السلام بالمنطقة العربية.
ويزداد عدم التعويل في ظل تراخي الدور المصري بشكل عام، ودورها في الانتقال من مرحلة الحوار غير المباشر الى مرحلة الحوار المباشر في غياب ضمانات مكتوبة لكيفية الحوار واطرافه واهدافه وتوثيقه من قبل الطرف الإسرائيلي المتعنت على الدوام في عرقلة أي جهود تتعلق بالتسوية بالمنطقة.
ومن الواضح ان أمور كثيرة قد أغفلت في التحركات السابقة، ولهذا لا يتوقع المراقب السياسي الكثير من هذه اللقاءات ،لكننا ليس ضدها بل نتمنى ان تنجح وتعطي ثمارها، والتمني لا يضر شيئا لكنه لا يحل المشكلة.
ولا يغيب عن البال، ونحن نتابع الحراك السياسي والاجتماعي العربي، بأن هذه اللقاءات تأتي في ظل مرحلة حرجة من التحرك الدولي، وبروز الاتهامات التي وجهت الى المقاومة في لبنان وبالأحرى (عناصر من حزب الله) من المحكمة الدولية في قضية الكشف عن ملابسات اغتيال الرئيس الحريري (رحمه الله) حيث تحجم القوى المحافظة (وما أكثرها لدينا بالمنطقة) عن الصراع.
أن هذا الاتهام يكشف مخطط لطأفنة الصراع بين (السنة والشيعة) من جديد وبالتالي إشعال فتنة الحريق، وهذا ما اكده أحد الصحفيين الكبار مؤخرا بأن أمريكا تشعل الحرائق بالمنطقة.. فعلينا الانتباه من أي مخطط جديد يطرح في منطقة الشرق الأوسط سواء تحت بند تهمة أو تحت بند اتفاقية جديدة وغيرها.
أن الدول والقوى التي لا تريد المواجهة مع الكيان الصهيوني، لا تريد مواجهة مع إسرائيل، كونها تأتمر بأوامر السيد الأمريكي، يعتقد قادتها وكبار المسئولين فيها بأن الصراع مع إسرائيل هو صراع على الحدود وليس صراعا على الوجود، وحاربنا بما فيه الكفاية، وما كسبنا حربا ،اللهم إلا بصيص من نورحرب .1973
وأن طلب الصلح ،وطلب الحدود مع اسرائيل في الحقيقة يعكس مشكلة كبيرة في عدم فهم حقيقة الصراع بين الأمة العربية صاحبة الحق في الارض والبقاء، وبين إسرائيل الدولة الغاصبة لأرض الشعب الفلسطيني وغيرها من الأراضي العربية، وبناء عليه تريد الدول الكبرى جر المقاومة والدول الداعمة لها في الصراع معها للاستفراد بها بدل أن تقوم إسرائيل بحرب خاطفة ضد لبنان أو سوريا.
كما تأتي هذه التحركات في ظل عدم التوافق على السلطة (رئاسة الوزراء) في العراق والخلافات المتواصلة عاكسة بذلك الأوضاع المتردية في ظل عراق تحت الاحتلال، وانعكاس ما يجري على الأوضاع العربية وخاصة الخليجية حيث اللاعب الإيراني بالجوار بثقل برنامجه النووي او بتواجده في الساحة العراقية.
لذا نقول في ختام حديثنا عما يمكن ان يتعول عليه لقاء فلسطيني – إسرائيلي قادم سيكون ضعيفا، بل (ميتا) وذلك لان أبو مازن لا يحظى بدعم كامل من القوى الفلسطينية، بالإضافة الى ان الطرف الذي يتم التفاوض معه (اسرائيل) دولة اغتصبت الارض، وتهود القدس، وتطرد الفلسطيني من أراضيه، وتقطع الأشجار، وتهدم البيوت بمجرد الشك في أنها تحوي عناصر من المقاومين لسياستها.. فما الذي نتوقعه من هذا اللقاء؟