سلمان سالم
في هذا العام كثرت النقاشات المطولة في أوساط التربويين، وفي المجالس الاجتماعية حول البعثات الدراسية، وزادت توجسات أولياء الأمور على المستقبل الدراسي لأبنائهم المتفوقين وبناتهم المتفوقات، وهم ينتظرون بفراغ الصبر ما تفرزه إجراءات وزارة التربية والتعليم المستحدثة، التي تضمنت ثلاث خطوات متتالية، إخفاء المعدلات التراكمية للناجحين والناجحات، وعدم نشرها في الصحف المحلية كما هو معتاد في كل عام دراسي، إجراء مقابلات شخصية مع المتفوقين والمتفوقات الذين يستحقون البعثات الدراسية ، واستقطاع 40 في المئة من جهودهم التراكمية التي حصدوا نتائجها على مدى ثلاث سنوات دراسية ، وآخرها الامتناع عن نشر نتائج الترشيحات للبعثات في الصحافة المحلية أو في الموقع الخاص بالتربية. وقد اعتبرت جميع الخطوات الأنفة الذكر مؤشرات لا تبشر بالخير لدى أولياء أمور المتفوقين والمتفوقات، لعدم قدرة وزارة التربية إقناعهم بمبررات تربوية واضحة لما قامت به من خطوات وإجراءات في البعثات الدراسية، وهم يعتقدون أن عدم نشر المعدلات التراكمية قد يدفع الطالب إلى التقاعس، وعدم الاهتمام في تحصيله الدراسي بالقدر المطلوب، لأنهم يتصورون أن النشر كان له دور كبير في جد واجتهاد الطلبة والطالبات في المرحلة الثانوية خاصة، ومن خلاله توضح حقيقة التعليم بمستوياته المتعددة، ويساعد المهتم بالشأن التعليمي على إجراء دراسات تربوية واقعية عن مدى تطور الطالب في الجانب التعليمي، ويستطيع أيضا إحصاء من يستحقون البعثات الدراسية حسب المعايير التربوية التي أقرتها الوزارة، وألزمت نفسها بتنفيذها من دون تمييز، وبواسطتها قد يكشف حجم التلاعب والتحريف والتزييف والتمايز بوضوح إذا ما حصل في توزيع البعثات والرغبات التخصصية، من خلال المعدلات التي حصل عليها كل طالب وطالبة. وعدم نشرها أخفى الكثير من الإيجابيات، وسمح بتنفيذ الكثير من السلبيات التي لا تصب في صالح الوطن، واعتبروا تبريرات الوزارة في هذا الشأن غير منطقية وغير مقبولة عند العقلاء، وقالوا متى تضع الوزارة اعتبارات للآراء؟ حتى تأتي في هذا المجال لتقول أنها قامت بهذا الإجراء تلبية لطلب أولياء الأمور؟ ويقولون لو سلموا بأن ما قالته التربية هو عين الحقيقة، ما الفائدة التربوية التي تحققت من وراء تنفيذ هذه الخطوة؟ كل ما تحقق هو مزيد من الغموض والضبابية، ومزيد من انعدام الثقة بينها وبين أولياء الأمور والطلبة، وكذلك انظروا إلى إجراء المقابلات الشخصية واستقطاع 40 بالمئة من معدلاتهم التراكمية التي تطلبت منهم بذل الجهود الكبيرة من أجل الحصول عليها على مدى ثلاث سنوات متتالية. إنها قد ساهمت بصورة مباشرة وغير مباشرة في تغيير الكثير من البعثات إلى منح دراسية، أو حرمان بعضهم من حقهم الطبيعي والقانوني والتربوي في البعثات الدراسية أو المنحة إذا لم يحصلوا في المقابلة على النسبة المطلوبة التي إذا ما ضمت إلى النسبة المتبقية من نسبة 60 بالمئة، وهذا التوجه كما يعتقدون قد سلب حقوق الكثيرين منهم في البعثات الدراسية والرغبات التعليمية التي بواسطتها تتحقق طموحاتهم المستقبلية. والامتناع عن نشر نتائج الترشيحات للبعثات التي ليس لها مبررات تربوية واضحة، قد أثارت الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام الكبيرة في أذهان أولياء الأمور، التي لم يجدوا لها إجابات مقنعة حتى الآن، ونقول بكل وضوح، من حق كل أحد أن ينعت خطوات وزارة التربية بمختلف النعوت التي قد يكون بعضها بعيداً عن الحقيقة، وقد يكون أكثرها تلامس الواقع بنسبة كبيرة، ما دامت تمارس الضبابية وانعدام الشفافية في توزيع البعثات والرغبات الدراسية التخصصية.
وتقوم بتنفيذ إجراءات غير واضحة الأهداف، وتغلق آذانها عن كل صوت تربوي وغير تربوي يطالب بالحق والحقيقة، وتتعامل مع الواعين بأساليب غير منطقية، ولا تمتلك خطة استراتيجية واضحة المعالم للبعثات، وتعتمد في قراراتها على الفعل وردود الأفعال، ولا تعتمد على الأسس الوطنية التي تبنى على مفهوم المواطنة الحقيقية.
لا يمكن لأحد أن يعتب على أولياء الأمور إذا ما نعتوا تلك الخطوات والقرارات والإجراءات والمفاجآت التي تصطنعها في مختلف المفاصل التربوية بين وقت وآخر بنعوت طائفية أو سياسية أو نفسية أو غيرها من النعوت، التي ساهمت بإيجادها في أذهان التربويين وفي الواقع التعليمي، بقصد أو من دون قصد، والتي أوجدت التذمر في أوساط التربويين والمهتمين بالشأن التربوي والتعليمي .