بينما كان الشعب العربي الفلسطيني وجماهير الأمة العربية، ومعهم كل أحرار العالم يستذكرون قبل أيام ذكرى مرور مائة عام على صدور وعد بلفور المشؤوم الذي منحت بموجبه القوى الاستعمارية ممثلة في بريطانيا الحق للحركة الصهيونية في إقامة وطن قومي لليهود والصهاينة في فلسطين العربية، هذا الوعد الذي كان السبب الحقيقي وراء نكبة الشعب الفلسطيني واحتلال أرضه وتشريده، وبينما تشتعل في العديد من دول المنطقة الحروب العسكرية والصراعات الطائفية، وتتفشى ظاهرة الإرهاب الأعمى، التي لم تغيب عنها بصمات الكيان الصهيوني المحتل كونه المستفيد الأول من كل ما تشهده المنطقة من حروب ونزاعات، وما تسببه من خراب ودمار في الدول العربية.
في مثل هذه الأجواء يأتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليتوج الوعد البريطاني المشؤوم بقرار أمريكي عدواني واستفزازي صارخ بنقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس العربية المحتلة والاعتراف بها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني الغاصب، وهو قرار بقدر ما يحمله من عدائية واستفزاز لمشاعر الفلسطينين والعرب، وبقدر ما يمثله من تعدي صارخ على حقوقهم التاريخية، فإنه يعكس في واقع الأمر حقيقة المواقف والسياسات الأمريكية الداعمة والمنحازة بصورة دائمة ومطلقة للكيان الأسرائيلي المحتل، كما أن هذا القرار يعد انتهاكاً صارخاً لكل القرارات والمرجعيات الدولية التي ترفض المساس بالوضع الأعتباري القانوني والسياسي لمدينة القدس الواقعة تحت الاحتلال.
إن التجمع القومي يجد في هذا القرار ابتزازاً صارخاً للفلسطينيين والعرب في محاولة لإجبارهم على الإذعان والرضوخ لإدارة المحتل ولأطماعه العدوانية التوسعية، وإن الصمت أو السكوت على هذا القرار يعني القبول بتهويد القدس وتدمير هويتها العربية، ومسح كل معالمها وأرثها التاريخي الحضاري والإنساني بإعتبارها أولى القبلتين. ولا يخفى أن هذه الأهداف تمثل أولويات الحركة الصهيونية العالمية باعتبارها حركة عنصرية عدوانية توسعية غير مشروعة.
إن التجمع القومي وفي ضوء ما يمكن أن يترتب على هذا القرار الأمريكي من تداعيات وعواقب بالغة الخطورة على أوضاع المنطقة سياسياً وأمنياً فأنه يدين ويستنكر بشدة هذا القرار الجائر والظالم، ويطالب الدول العربية بضرورة اتخاذ موقف حازم يجبر الإدارة الإمريكية على التراجع عن قرارها، والذي يأتي استكمالاً للجريمة التاريخية والإنسانية التي أقدمت عليها القوى الإستعمارية في حق الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال إجراءات وقرارات عملية حازمة ضد المصالح السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية الأمريكية في البلاد العربية، والإعلان صراحة عن مقاومة أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي رأت الإدارة الأمريكية في التهاون الخطير من قبل بعض الأنظمة العربية معه ضوء أخضر آخر للمضي في قرارها المشئوم.
كما يدعو التجمع القومي كافة القوى الوطنية والقومية والتقدمية وجماهير الأمة العربية على امتداد الساحات العربية بضرورة التحرك إنتصاراً لقضية فلسطين وإعادتها إلى واجهة الاهتمام كقضية مركزية في النضال العربي، والتمسك بالثوابت الوطنية والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني عن طريق دعم نضالاته المشروعة، والتصدي لكل محاولات التطبيع الجارية مع العدو المحتل، ورفض إخضاع هذه الحقوق للمساومات أو التفريط بها وفي المقدمة منها حقه في العودة وتحرير كال أرضه المغتصبة ، وتقرير مصيره وبناء دولته الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
التجمع القومي
6 ديسمبر 2017