التأجيج مصيره الخمود
بقلم: مكي حسن
في مقالي السابق، بعنوان: "أوقفوا العراك بين الطلبة"، اختتمته بدعوة الى التسامح والتسامي فوق الجراح لكون الجميع أبناء وطن واحد، همومنا مشتركة، وجروحنا مشتركة لا يفترض ان يكون هناك فرق بين مواطن وآخر، وبين طالب وآخر، وبين طالبة وأخرى، فالكل يتظلل بخيمة الوطن.
وكان سؤالي: هل سنرى هذا التسامح على أرض الواقع؟ بدءا من يوم (الأربعاء) الماضي وصاعدا، أقولها، بحماس وبشعور داخلي قوي لكوني بحرينيا أعرف بابن وبنت بلدي، فإني أرى أن الخلاف الذي تصاعدت وتيرته، وأخذ صورة (العراك) هو خلاف هش، لا أرضية صلبة يستند إليها، وقد يشكك البعض فيما أقوله، لكني أصر على أن ما جرى مصيره الفشل.
وبالتالي أقول للمعنيين بهذه المشكلة، وللصحفيين والإعلاميين خاصة، لما تحصل مثل هذه الحوادث، أو السلوكات المرفوضة من عراك، واستخدام آلات حادة، أو تهديد لحياة الآخرين، أو جرجرة الآخرين بالقوة على فعل أمر ما تأييدا لموقف سياسي معين، يفترض ألا نضخم الحدث، وكأن البحرين على عتبة حرب أهلية والدخول في حمام دم (والعياذ بالله).
وأضيف، يجب ألا ننظر الى المسألة (ما جرى بالمدارس في الأيام الماضية)، وكأن شبحا ظهر فجأة أمامنا، واخذ يبتلعنا الواحد تلو الآخر مع اتفاقي مع الجميع بأن الطائفية هي ليست شبحا فقط بل هي غول يأكل الأخضر واليابس لكن التعقل والموضوعية في نقل الخبر مطلوبان، وتفسير ما حصل مطلوب من خلال التبحث والتعمق في أسباب الحادث، بل يجب الدعوة الى التهدئة في فحوى وتفاصيل الخبر أيضا.
وقد سألت زملائي وزميلاتي بالصحيفة: هل شهد يوم (الأربعاء) الماضي حوادث عراك أو تلاسن بالمدارس تطور الى ضرب؟.. وجاءني الرد، حصل تجاوز بسيط أن قام طالب بدز طالبة، وتلاسن بين مجموعة من الطلبة، ولنقل تجاوزات خفيفة لم تصل الى حد التشابك بالأيدي وذلك بحسب ما علمته من هذه المصادر، متوقعا مصيرها الخمود.
وأجواء أمس الهادئة بالمدارس، أو فلنقل في طريقها الى الهدوء والخمود يوما وراء آخر، تعود الى جهود المسئولين بالمدارس من مديرين ومعلمين ومديرات ومعلمات، والوزارة والأهالي في تفهم مجريات الأمور، والتـأكيد وحث أبنائهم وبناتهم على البعد عن النفس الطائفي، وعدم التصعيد، ومقابلة ذلك بالتفاهم والتسامح بالإضافة الى تفهم الطلبة (طلاب وطالبات) أن الحياة الطلابية تتطلب مزيدا من المحبة والتعاون والأخوة.
فلا داعي لتكرار ما حصل أمس الاول حيث سيأخذ البلاد الى صراع طائفي متأجج، في وقت نحن كمواطنين بحرينيين أحوج في هذا الظرف العصيب الى وحدة وطنية، وأخوة بحرينية تسكب الماء على نيران الطائفية، وتخمدها الى الأبد.
إذًا علينا ان نبقي المعتقدات المذهبية بعيدا عن العلاقات الاجتماعية، وعلينا ان نقر ان الفروقات المذهبية أو العرقية يجب ألا تحدد مسار وتوجهات مطالب شعب البحرين سواء في الدوار او في مسجد الفاتح.. ومهما حصل فسنظل أبناء وطن واحد، نشرب من مياهه، ونستظل تحت خيمته.. وتحية لكل من ساهم في إطفاء الخلاف الذي جرى يوم أمس الاول في بعض المدارس