بدأ حزب البعث العربي الإشتراكي كحركة في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي وتم اعلانه كحزب في سنة 1947 أي قبل عام من نكبة فلسطين وقد أسسه الأستاذ ميشيل عفلق والأستاذ صلاح الدين البيطار وكانت قضية فلسطين مصب أهتمام الحزب والأساتذة المؤسسين منذ بدايته كحركة لما أدركوه من مركزية قضية فلسطين وأهميتها في سبيل بعث الأمة نحو تحقيق وحدتها و حريتها وأشتراكيتها.
ولهذا لم يكن مستغربا تتطوع الأستاذ والحزب في معارك تحرير فلسطين منذ البداية فقد نزل الأستاذ المؤسس ميشيل عفلق الى فلسطين على رأس مئتين مقاتل من سوريا والتحق العديد من المناضلين بمواكب البعث من فلسطين وعلى رأسهم شيخ المجاهدين الأستاذ بهجت أبو غربية،أمد الله بعمره، والى منطقة القدس وجنين والى هناك تبعه المتطوعون البعثيون وأخذت قوافل الشهداء تزداد عددا وتتميز كفاءة قدمها كوادر حزب البعث العربي الأشتراكي على مدى سنين طوال، رفع الحزب شعار فلسطين عربية منذ البداية وأنتهج نهج الكفاح المسلح كأستراتيجة حية وركيزة أساسية لأستعادة فلسطين وتحريرها وقد كان في طليعة هذا العمل النضالي ومن مرسخيه.
وهكذا طرح الحزب شعار فلسطين عربية في الشارع العربي والذي حفظه الملايين من العرب عبر السنين ورسموه على الحائط وغنوه بالأغاني ورددوه بالمظاهرات وكتبوه على الأعلام وحملوه راياتا.
ولقد جاء هذا الشعار ليؤكد ملكية فلسطين للأمة العربية وليؤكد عروبة أرض وشعب فلسطين وليلقي بظلال مسؤولية التحرير على كوادر الامة العربية والتي ستتحمل مسؤولية التحرير في المعركة المصيرية التي ستقودها الأمة لا محالة نحو دحر المحتل الصهيوني ومن أجل أستعادة ارض فلسطين المغتصبة.
وما حاد حزب البعث ولا قياداته المتتابعة عن رفع هذا الشعار أو عن تحمل هذه المسؤلية أخرها شهيد الامة وقائدها الرئيس صدام حسين الذي ناضل من أجل فلسطين وشعبها وهو الذي قال"فلسطين أولا فنحن ليس لدينا ما نقايض من أجل تحرر شعب فلسطين" ولقد كان رحمه الله وارضاه وتقبله وفيا لفلسطين،ولم يساوم عليها أبدا،وكان لو فعل لنجى بحياته وملك ما أراد من الدنيا ولكنه كان يقول وهو في الأسر أذا صدام حسين ساوم على فلسطين أمام كل المغريات التي عرضها عليه الأمريكان في وقتها وأذا ساوم حزب البعث فماذا قيمة صدام حسين وماذا قيمة حزب البعث بعد سنوات التضحية والكفاح هذه لا وألف لا فليس لدينا ما نقايضه، هي فلسطين أولا! وأرتضى رحمه الله الشهادة في سبيل ذلك وكانت أحدى أخر كلماته وهو يعتلي عتبة المشنقة فلسطين عربية وأستشهد وهو يرفع هذا الشعار.
ولقد أنسجم هذا الشعار كليا وأندمج مع امال الأمة وطموحاتها ورغبتها في تحرير فلسطين والذي جاء ليؤكده الميثاق الوطني الفلسطيني الغير معدل والذي يشكل نقطة ألتقاء الغالبية العظمى من الأوساط الشعبية العربية التي أكدت من خلاله ان فلسطين أرضا وشعبا عربية وهي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي وهو ما ناضل من اجله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وما ردده الرؤساء العرب من بعده أمثال الرئيس الجزائري العظيم الراحل هواري بو مدين عندما قال نحن مع فلسطين ظالمة ام مظلومة قاطعا أي شك بأنتماء الجزائر والأمة العربية من بعدها الى قضية فلسطين ونحو تحمل المسؤولية التاريخية من اجل تحريرها وهو الذي قال نحن نتوجه الى أخواننا في فلسطين لنقول لهم أن الطريق الوحيد من اجل تحرير فلسطين هو بالكفاح المسلح وهو كما حدد يومها في خطابه بطريقة حرب العصابات على غرار ما فعله المجاهدون الجزائريون من أجل تحرير بلدهم بالتضحية والأصرار ذاته الذي ينتهجه شعب فلسطين اليوم الوفي لأرضه وقضيته.
ولقد مضت الثورة الفلسطينة في هذا المسار ملتزمة بهذه الثوابت الوطنية المرتكزة على عروبة فلسطين ونهج الكفاح المسلح في سبيل مقاومة الغزو الصهيوني منذ ثورة عز الدين القسام سنة 1935 مناضلة ضد الأحتلال والطغيان الأمبريالي والأستعماري الغربي لأرضها وشعبها وضد الأستيطان الصهيوني وتامر الرجعية العربية والتي كانت تساوم على عروبة فلسطين وما زالت ولقد قدمت الثورة الفلسطينية الألاف من الشهداء في سبيل ذلك الى أن أهدر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كل هذا بأجهاضه العمل العسكري وخيار الكفاح المسلح من أجل القبول بحل الدولتين فكانت أتفاقية أوسلو المشؤومة وقبلها أتفاقية كامب ديفيد وبعدها مبادرة الملك عبد الله البائسة التي وافقت عليها الانظمة العربية ولقد دفع ذلك ياسر عرفات الى أن يعدل الميثاق الوطني الفلسطيني الأصلي ويسقط منه عروبة فلسطين ونهج الكفاح المسلح وهذا ما دفع خلفه ليتمادى في الافراط بحق فلسطين وشعبها وهي ملك للأمة العربية كلها وليس لمحمود عباس أو غيره ليتصرف بها.
وفي ظل هذا التخاذل العربي الرسمي بالقضية المركزية العربية وتحويلها الى حملة مساعدات أنسانية ترعاها تركيا أو يتاجر بها المنافق أحمدي نجاد أو غيره يزداد الأجرام الصهيوني بحق غزة ويزداد أستخفافهم بالمقاومة المسلحة العربية فهم يرون أنه ليس من أحد ليردعهم من زعماء العرب ولاسيما بعد أستشهاد الرئيس صدام حسين ودجل النظام الصفوي في أيران ومن اتبعه بالمتاجرة بقضية فلسطين وعروبتها ولقد رأينا كلنا نتيجة ما ألت أليه الأوضاع. ففي غياب العراق بقيادة حزبه الثوري وقائده أستبيح العراق من قبل الصفويين ومن بعده هددت البحرين وأرتكبت مجزرة غزة.
فهل كانت"إسرائيل"أن تفعل ما فعلته في غزة أو في غزو جنوب لبنان لو كان النظام الصفوي حقا يهدد "إسرائيل"
فهل كانت ستقوم "إسرائيل" بجريمتها بحق غزة وهل كانت تجرؤ بأن تقوم بهكذا عمل لوكان الرئيس صدام حيا
أو العراق بكامل قوته؟ ألم تكن ستحسب ألف حساب لهطول صواريخ الحسين وغيرها التي أرسلها عليهم الرئيس صدام في التسعينات والتي لم يفعلها أي رئيس عربي حي اليوم من قبله او من بعده؟
أين كانت أيران من مجزرة غزة وهل كنا سنحتاج لقافلات الأجانب المتضامنين الذين يظنون أن "إسرائيل" دولة عادية وعادلة تحترم الناس العزل وحقوق الأنسان والمساعدات الأنسانية؟ أكنا نحتاج الى قوافل اليونان وتركيا لو أن النظام المصري يفتح الحدود عند رفح أمام المساعدات الأنسانية التي يحتاجها أهل غزة أو لا يغرق أنفاق الفقراء بالغازات السامة؟
فلسطين لا تنحتاج الى قوافل أنسانية بل السماح للشعب العربي للمشاركة بتحريرها بكل قواه وإمكانياته
ومن أجل رفع شعار فلسطين عربية وفلسطين لا تحرر الا بالكفاح الشعبي المسلح وأن المعركة المصيرية مع الكيان الصهيوني أتية لا محال والى أن تجهز الأمة نفسها لأم المعارك القادمة على أرض فلسطين نقول للصهاينة أن غدا لناظره قريب وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ولتحيا المقاومة الفلسطينية المسلحة ولتحيا المقاومة العراقية بقيادة حزب البعث العربي الأشتراكي.
ودمتم ودامت فلسطين عربية من البحر الى النهر.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.