بعد تردد طويل ومبرمج لقوات الاحتلال الامريكي والحكومات العميلة التي نصبتها امريكا في العراق في الاعتراف والاقرار بأن من يواجهونه عملياً وفعلياً في الميدان هو حزب البعث العربي الاشتراكي والمقاومة الوطنية التي يقودها مع كافة الفصائل الوطنية تأتي اليوم اللحظة الصعبة، لحظة المكاشفة للاعتراف علناً ووجاهة ان حزب البعث العربي الاشتراكي وشركاءه في المقاومة هم الخصم الحقيقي لامريكا والعملاء الذي يجب ان يهابوه ويخافوا نفوذه وصموده وعودته الى المجال السياسي، لا بل هم اصبحوا على يقين راسخ وواضح بأنه الحزب الوطني والقومي الذي يقرر مصائر المستقبل السياسي للعراق، ولذلك اصبحوا بدهاء وكيد وحقد واضح يعترفون بدوره ونفوذه وامتداداته في نفوس وعقول وقلوب العراقيين والعرب، ومن أجل ذلك شحذوا سيوفهم وطاقاتهم وكل ما في دواخلهم وامكاناتهم لكي يقوموا بعملية تغييب واجتثاث واقصاء وابادة للحزب (على طريقة النداء الطائفي الوحشي الفاشي الذي اطلقوه في النجف لكي يغادر البعثيون المدينة خلال يوم واحد) وكانوا بذلك اكثر اندفاعاً وحماساً في انفاذ قرار "بريمر" سيئ الصيت والذكر القاضي بالاجتثاث اعتقاداً منه ان البعث هو مجرد مرحلة انتهت او فقاعة سياسية سرعان ما سوف تتلاشى وتذوب وتذهب ادراج الرياح•
وبعد عمليات تضليل وتلاعب اعلامي بالعقول والادعاء والتوهم بأن البعث قد انتهى واصبح فلولاً وان هذه الفلول سوف تتعب إن عاجلاً او آجلاً وسوف تستسلم وتلقي السلاح وخصوصاً بعد اعدام رمزهم الكبير الموحي صدام حسين، الا ان الحقيقة الغائبة والمضمرة في لاعقلهم السياسي والتي اصبحت تتبدى لهم واضحة في ميادين المواجهة والقتال والمدعمة بالحقائق والارقام ولا تستطيع امريكا ومعها العملاء بأن تبقى تخاتل وتكابر بها الى أمد طويل هي التي جعلت اوساط ومؤسسات هامة في امريكا والعالم تبدأ الحديث عن الفشل والوهم والتوهم والايهام السياسي الامريكي، وبدأت ازمة الوعي هذه تعبر عن نفسها بتقارير مرعبة عن عدد القتلى والجرحى الامريكان في العراق وبدأ التشكيك بكل ما تصرح به مؤسسة الحكم والقرار وابواقها الصحفية وآلتها الاعلامية ثم تفاقمت الازمة بسقوط رموز هذه المؤسسة الواحد تلو الآخر من "رامسفيلد" وزير الدفاع وحتى رئيس المؤسسة ذاته وصاحب قرار احتلال العراق الذي انتهت حياته السياسية بحذاء يلقى عليه وطرد من الحياة السياسية ولعنات تنهال عليه من كل الجهات وانتصار لخصمه "اوباما" الذي قام برنامجه على اساس وعده بالانسحاب من العراق وانهاء الكارثة السياسية والعسكرية والاقتصادية التي الحقتها المقاومة العراقية بامريكا واصبحت تطل برأسها بوضوح وتهدد امريكا ومستقبلها بالدمار والهلاك•
ولا بد من الاشارة الى ان اللعبة الاعلامية الامريكية – الصهيونية تأسست على خرافة واعتقاد وهمي انشأه عملاء ما سمي "بالمعارضة العراقية" بأن النظام الوطني في العراق متآكل وآيل للسقوط وان الحزب والمؤسسات هي عبارة عن هياكل متهاوية، وان الحصار الذي دام اكثر من ثلاثة عشر عاماً قد نال من النظام والوطن والانسان العراقي واصابهم في مقتل واصبحوا شعباً من الجياع والاشقياء والحزانى الذين سوف يتهافتون على بسكويت جنود الاحتلال وسوف يهللون لغزو العراق و"حملة التحرير!!" ويقبلون عليها اقبال الجائع البائس اليائس، وسوف يتراكضون لتلبية طلبات الخواجات الامريكان والعملاء في قبول الاستعمار والعبودية ولذلك او لكل ذلك وقعوا في شراك هذه الحبكة المهلهلة الخاسرة التي اوحى لهم بها "الجلبي" وغيره من اصحاب الياقات المعقودة والذين اصبحوا لا يعرفون من العراق سوى اسمه المجرد على الاطلس والخرائط، ولم يقرأوا جيداً كتاب الوطنية العراقية، ولم يتعرفوا ويقتربوا جيداً من المشروع القومي الوطني السياسي الثقافي الاقتصادي الاجتماعي الذي طرحه النظام الوطني منذ عام 1968 والذي جاء به البعث مشروعاً نهضوياً للعراق والامة العربية، وكان قائده ومنفذه باني نهضة العراق الحديثة الذي لا يهاب الموت ولا الامريكان ولا الحثالات، صدام المجيد الذي هدم الالاعيب والصور وقلب الطاولة على الاوغاد والزمر، واستشهد بطولياً لكي يحرر العراق والبشر•
والآن تبدو الاشارات والدلالات واضحة، ان البعث المقاومة والبعث المشروع القومي والرسالة النهضوية والنداء التاريخي للامة من اجل الحرية هو المطلوب إبادته وازاحته عن المجال السياسي العراقي والعربي وهو خصم امريكا والكيان الصهيوني وايران الحقيقي الذي يراد اجتثاثه من النطاق العربي حتى يتسنى لكل المشاريع القديمة والحديثة الظهور والامتداد والسواد، لأن البعث مشروع قومي دائم مادامت الامة في طور الاحياء والبناء والانبعاث، وهو صوت ورسالة باقية في النفوس والعقول، كما انه خيار مستقبلي للامة يروم ابقائهّا في صميم التاريخ وذاتاً له ورسالة مفتوحة للنهضة والحرية ودعوة لانشاء علاقات انسانية حضارية بين البشر•
وهذا ما اصبح يعرفه القاصي والداني من خلال المثال الذي قدمه البعث في العراق عندما انشأ قواعد النهضة وبناها التحتية وعندما أسس القوة العسكرية النموذجية للدفاع عن الوطن والامة العربية، وعندما قدم اطروحات ذات ابعاد عالمية حول تصحيح العلاقات الدولية وبناء الحياة الجديدة، ولكل ذلك فإن كل الذين يطالبون بإقصائه عن المجال السياسي العربي يعرفون خطورة هذه الابعاد على مشاريعهم ويعرفون ان هذه النقلات من الحكم الى المقاومة وهذه القدرة على التكيف مع حالة النهضة وحالة المقاومة هي من اخطر ما يواجهونه في المنطقة، وهو في النهاية ابداع واحراج عربي يحارون الآن في كيفية اخماده والقضاء عليه، ولا سبيل لهم الى ذلك سوى الوحشية والابادة وبئس ذلك سبيلاً!!