البحرين تتجه نحو الهاوية»..هكذا وصف رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، محمد المسقطي، ما وصلت إليه الأوضاع فى المملكة، مشيراً إلى أن النظام يحاول تصوير ما يحدث من احتجاجات على أنها«ثورة شيعية» بهدف تخويف الطائفة السنية.
وقال الناشط البحرينى، فى حوار لـ «المصرى اليوم» عبر البريد الإلكترونى، إن انتهاكات حقوق الإنسان ومحاولات السلطة إدخال البلاد فى صراع «طائفي – سياسي» تتزايد، و أن السعودية وإيران يتخذان من البحرين ساحة للمعركة، وطالبهما بحل مشاكلهما الداخلية قبل الإقدام على مساعدة الشعب البحريني.. وإلى نص الحوار:
في البداية لماذا منعتك السلطات المصرية من دخول البلاد عام 2007 لحضور مؤتمر حقوقى.. وهل تغير الوضع بعد الثورة؟
ـ أنا أول بحريني تم منعه من دخول مصر فى عهد الرئيس السابق حسني مبارك، بسبب اعتصامى أمام السفارة المصرية فى البحرين، للمطالبة بالإفراج عن مدون مصرى تم اعتقاله، وتعرضت للتهديد فى مطار القاهرة فى ذلك الوقت، وبعد إيقافى 14 ساعة فى المطار تم إعادتي إلى البحرين. وللأسف، عندما جاءت الثورة المصرية كنا نؤمن بأن التغيير قادم إلى المنطقة، لكن لم يتغير الوضع.
وهذا كان مخيبا لآمال المدافعين عن حقوق الإنسان فى البحرين ومصر، خاصة أن جمعية «شباب البحرين لحقوق الإنسان» تملك علاقات قوية مع المنظمات المصرية، وخصوصا مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وغيرها من المنظمات التى ساهمت فى فضح انتهاكات حقوق الإنسان فى البحرين.
أنت مؤسس ورئيس جمعية «شباب البحرين لحقوق الإنسان».. كيف تقيم حقوق الإنسان فى البحرين بعد الربيع العربى وما دور الجمعية؟
ـ البحرين تحولت من دولة «بوليسية» إلى دولة «ديكتاتورية درجة أولى»، فوضع حقوق الإنسان بعد الربيع العربى لا يمكن وصفه، أصبح التعذيب جزءا لا يتجزأ من الدولة والاعتقالات التعسفية مستمرة واعتقال المدونين وسجن النشطاء واستهداف الاحتجاجات السلمية بشكل أكثر عنفا من قبل. وساهمت جمعية «شباب البحرين» فى فضح الانتهاكات بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وفى رصد وتوثيق الانتهاكات اليومية وتقديم المساعدات القانونية.
ما تعليقك على الحكم على زينب الخواجة بالسجن 3 أشهر وبماذا تفسر إصدار حكم جديد قبل انقضاء فترة السجن، مثل حالة الناشط نبيل رجب؟
ـ زينب الخواجة من الشخصيات القوية فى البحرين سواء على مستوى الثقافى أو على مستوى العمل الميدانى، فهى تستخدم وسائل التواصل الاجتماعى لنشر أفكارها حول العصيان المدنى والنضال السلمى والاستفادة من الخبرات السابقة، وفى المقابل مشاركاتها المميزة فى الفعاليات الاحتجاجية وابتكار أساليب جديدة من الاحتجاجات وشجاعتها التى لا توصف ساهم فى غضب السلطات.
أعربت نحو 50 منظمة حقوقية قبل أيام عن قلقها من تدهور أوضاع حقوق الإنسان فى البحرين، إلى أى مدى تتفق مع هذه المخاوف؟
ـ مخاوفى من تدهور حقوق الإنسان لا يمكن أن أصفها فى بيان أو تقرير، البحرين تتجه إلى الهاوية مع تزايد انتهاكات حقوق الإنسان ومحاولات السلطة إدخال البلد فى صراع طائفى- سياسى، وإذا لم يتوقف ما يجرى خلال الأشهر المقبلة سينفجر الوضع.
قلت فى إحدى تغريداتك «الاستاذ هو من يقود الثورة»، ما الجهات الأساسية الفاعلة فى الاحتجاجات التى تشهدها البحرين؟ وما مطالب الثوار فى البحرين؟
ـ أقصد بهذا المفكر السياسي البارز عبدالوهاب حسين، وهو حاليا يقضي عقوبة السجن المؤبد، وكان له الدور الكبير في إنطلاق الاحتجاجات فى البحرين، وإثراء الساحة الوطنية بالنظريات السياسية المهمة.العديد من الشخصيات الوطنية والحقوقية فى البحرين حالياً خلف القضبان ومن ضمنهم عبد الهادى الخواجة الذى ساهم فى إبراز انتهاكات لحقوق الإنسان، ولكن أبرز الجهات السياسية على الساحة البحرينية (الوفاق – ائتلاف 14 فبراير ). ومطالب شعب البحرين مختلفة فهناك من يطالب بإسقاط النظام، وهناك من يطالب بالملكية الدستورية، ولكن الجميع متفق بضرورة أن تكون هناك حريات وديمقراطية.
لماذا تقتصر الاحتجاجات على الشيعة، ولم نر احتجاجات للسنة يرغبون فى إسقاط الحكم؟
ـ الاحتجاجات فى البحرين ليست طائفية بل أرادت السلطة أن تحولها إلى الطائفية من أجل مصالح سياسية إقليمية وتم استخدام الفتاوى الدينية والإعلام الرسمى وغير الرسمى، واستخدمت السلطة نظرية «فرق تسد» لكى تسيطر على الحراك المجتمعى.
هل ثورة البحرين ثورة شيعية ضد الحكم السنى، أم انتفاضة شعب ضد الاستبداد بشكل عام؟
ـ السلطة أرادت تصوير ما يجرى فى البحرين على أنه ثورة شيعية ضد السنة لتخويف الطائفة السنية من الشيعية، ولكن أنا أرى أنها فشلت فى ذلك، وخصوصاً عندما زرت تونس ولبنان ودولا أخرى وعلاقتى القوية بزملائى فى مصر، كانوا يدعمون الثورة دون النظر إلى ما يقوم به الإعلام الرسمى أو غير الرسمى فى البحرين وخارجها. وإذا كانت الثورة فى البحرين شيعية، ستفشل، ولن تستطيع الاستمرار لهذه المدة (أكثر من سنتين)، لأن الثورة الطائفية تفشل لامحالة.
تعثرت ثورة اللؤلؤة حتى الآن.. فى رأيك ما الذى يعوق أن تلحق البحرين بدول الربيع العربى مثل مصر وتونس وليبيا؟
ـ الاحتجاجات فى البحرين تأثرت بعدة عوامل، منها دعم أعضاء مجلس التعاون الخليجى لقمع الاحتجاجات وحلفاء البحرين (الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأخرى).
لماذا فشلت وعود الإصلاحات فى تهدئة الأوضاع فى البحرين؟
ـ لأنها لم تكن المرة الأولى التى تعطى فيها السلطة البحرينية وعوداً وهمية لهذا الشعب. البحرين أصبح «محصنا» من الوعود الوهمية وأصبح لا يصدقها أبداً قبل أن يرى أفعالا، وحتى الآن لا توجد أفعال حقيقية.
أنهى حوار التوافق الوطنى 100 يوم دون تحديد جدول أعمال، بماذا تفسر تعثر الحوار مع السلطات؟
ـ لا يمكن أن ينجح أى حوار دون أن تتنازل الأطراف، وأعتقد أن المعارضة قدمت تنازلات عديدة، قد يكون بعض هذه التنازلات ساهمت فى تذمر الناس واستيائها من المعارضة، لكن السلطة لا ترغب فى تقديم التنازلات وتعتقد بأنها الأقوى ولكن الواقع مختلف فميزان القوة اليوم يختلف عن السابق بعد 14 فبراير، لا اليوم هناك تساوى فى الميزان بين السلطة والمعارضة، ولن ينجح الحوار إذا استمرت السلطة فى انتهاكات حقوق الإنسان.
أعلنت المعارضة البحرينية مقاطعة الحوار أسبوعين، هل تعتقد أنها ستعود إلى طاولة الحوار مرة أخرى، أم هى بداية تصعيد؟
ـ المعارضة لم تقاطع الحوار، وما حدث هو أن جمعية الوفاق، وهى جزء من وفد المعارضة فى الحوار، ستقاطع، ولكن المعارضة ستشارك. والمعارضة للأسف لم تضع خططا بديلة فى حالة فشل الحوار أو فى حالة استمرار السلطة فى انتهاكات حقوق الإنسان وكل ما تراه اليوم هو «الحوار» فقط، وهذا يعطى قوة إلى السلطة ويزيد من إحباط الناس واستيائهم من المعارضة.
يرى البعض أن ما يحدث فى البحرين حرب بالوكالة بين السعودية وإيران؟
ـ إيران والسعودية لديهما مصالح وخلافات وتريدان تحويل البحرين إلى «ساحة للمعركة» يكون الخاسر فيها الشعب البحرينى. ونرفض أى تدخل إيرانى أو سعوديى لأن الحراك الشعبى هو حراك وطنى غير مدعوم ولا يرغب شعب البحرين التغيير على غرار دول أخرى عندما دخل الجيش الأجنبى. وإيران ليست مثالا للديمقراطية فهناك العديد من انتهاكات حقوق الإنسان ضد المعارضين، أما السعودية فحقوق المرأة بها شبه منعدمة واستهداف الإصلاحيين والمدافعين عن حقوق الإنسان مستمر. إذن يجب عليهم حل هذه المشاكل قبل أن يأتوا لمساعدة شعب البحرين.
ما تقيمك للدور الذى تحاول السعودية لعبه فى دعم النظام البحرينى.. وماذا عن الدعم الإيرانى للمتظاهرين؟
السعودية ليست مهتمة بالبحرين، لكن لديها اهتمام بألا تكون البحرين، الدولة القريبة جداً، مثالا للديمقراطية فى المنطقة، لأن هذا سيساهم فى تقليص صلاحيات العائلات الحاكمة فى المنطقة، وتزايد الاحتجاجات فى السعودية من أجل الإصلاح السياسى. وتعتقد السعودية بأن البحرين قد تتحول إلى دولة شيعية، أما إيران فهى ليست مهتمة بالشعب البحرينى بقدر اهتمامها بالمصالح السياسية، خصوصا أنها تستخدم المصالح المذهبية.