منصور الجمري
واحدة من العبارات التي يكررها البعض هي أننا «مجتمع منقسم»، وتُستخدم مثل هذه العبارات للقول بأنّ ما لدينا من مشكلة إنما هي نتيجة «استقطاب» داخل المجتمع. ولكن لو نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى سنجد أن الاستقطاب الذي يكثر الحديث عنه تمت صناعته، وأن ما لدينا من مشكلات لم تكن نتيجة لاستقطاب. الاستقطاب الذي نراه تمت صناعته لمنع حل المشكلات الناتجة عن سياقات سياسية غير صحيحة، ولذا فإنّ الحديث عن الاستقطابات وكأنها هي السبب ربما يساعد في الإيحاء لمن يكررها بأن ليس له علاقة بأي مشكلة سابقة أو حالية أو مستقبلية، وبالتالي فإنّ الحلول لا يمكن أن تنفذ لأن السبب خارج عن إرادة الأطراف الرسمية.
على أن هذا الطرح لا يساعد في ترشيد الوتيرة السياسية في البلاد، ولا يساهم في إدارة شئوننا على أساس خيارات عقلانية بعيدة عن أساليب القوة، أو بث الكراهية بين الناس. ونلاحظ حاليّاً أن الخطاب العقلاني الذي بدأ يتشكل عند تسليم تقرير تقصّي الحقائق في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 بدأ يَضمُر ويتبدَّل، ونشاهد عودة لخطاب الكراهية الذي أدانه التقرير، لأنه كان أحد الأسباب في التنكيل والانتهاكات الخطيرة التي حصلت في العام الماضي.
ومن المفارقات أن المرء يقرأ شروحات وتصريحات باللغة الإنجليزية توزع على الخارج وتتحدث بلغة مختلفة تماماً عن تلك التي تُنشر باللغة العربية محليّاً… ويبدو للمرء وكأن الأمر يتعلق بتسويق سلعة أكثر منه تنفيذ توصيات وثّقها تقرير دولي تم إنتاجه بمباركة رسمية.
مجتمعنا البحريني معروف عنه التراحم والمودة والصداقة والتضامن والتعاطف والتسامح، وهو مجتمع راقٍ جدّاً في هذا الجانب وذلك بشهادة كل من يعرف أي شيء عن أهل البحرين. ولذا فإنّ من غير اللائق الترويج لصفات معكوسة عن مجتمعنا، وهي صفات يتم اصطناعها وفرضها على المجتمع لكي يتنافر. البحرينيون يُعتبرون أنموذجاً للمجتمع الصالح الذي تزدهر فيما بين أفراده الفضائل في السراء والضراء، بحيث يعشق أهل البحرين كل من عرفهم وعايشهم، ولذلك فإن هذا المجتمع – بكل فئاته – يستحق الاحترام والاستماع له بعقلانية.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.