مريم الشروقي
التحقيق الصحافي الذي أجرته صحيفة «الوسط» الغرّاء عن فريج بن هندي بمنطقة المحرّق، يوم الإثنين بتاريخ (28 سيتمبر/ أيلول 2015)، عن المشكلات التي يعاني منها فريج بن هندي، وأوّلها هجرة البحرينيين إلى مناطق أخرى كالرفاع وسار، وهم اليوم أصبحوا أقلّية بشهادة الجميع، لا ننكر أنّ هذا التحقيق لامس الجرح في مدينة الحدّ ومدينة المحرّق، فنحن نعاني من المشكلة نفسها، إن لم تكن أكبر!
وكما ذُكر في التحقيق، فإنّ ملامح الفريج البحرينية باتت مهددة بالزوال، بعد غلبة الوافدين ديمغرافيّاً، وتحوُّل البحرينيين إلى أقلية، ويكفينا مثالاً مشهد رؤية الجاليات الآسيوية وقت المغرب، سواء في فريج بن هندي أو فرجان الحد، لأنّ المشكلة هي نفسها في مدينة المحرّق، جاليات آسيوية وسكن عزّاب في وسط المنطقة السكنية، فيضانات مياه الصرف الصحي، وانتشار أكوام القمامة في عدد من «دواعيس» الفرجان، وقلة مواقف السيارات بسبب البنايات التي تشيّد من دون الالتزام بالاشتراطات البلدية، إلى جانب انتشار أعداد من الكلاب الضالة، وصراخ وعناد بسبب دخول السيّارات وخروجها، فأصبحت الفرجان غير آمنة على أطفالنا ولا على أهلنا، فكثير من أهل المنطقة هجروها الى مناطق أخرى جديدة وأفضل من الناحية الخدماتية.
الى من نشتكي؟! أنشتكي إلى وزارة البلدية أو وزارة العمل أو وزارة التنمية أو إلى النوّاب، حول البنايات الكبيرة التي لا تستطيع هدمها ولا اشتراط أقل شروط عليها، والسبب هو الواسطات، أم سكن العزّاب الذي انتشر بين بيوت البحرينيين الأصيلين، أم الفئران التي تخرج من كل مكان داخل البيوت، أم القمامة التي لو تمّ تصويرها لرفضت النفس رؤية الصورة من هول ما ستراه!
كلّ منا يريد الأفضل له ولأطفاله، ولا يريد وجودهم في ظل الدمار الموجود داخل الفرجان الأصيلة، ولذلك يبحث المواطن عن مكان آخر يبني بيته فيه ويبدأ حياته بتاريخ جديد، فلقد كنّا نتغنّى بمدينة المحرّق والحد وقلالي، واليوم أصبحنا نبكي على ما آلت اليه الأمور، ولا ندري من يستطيع تعديل الحال المتدمّر في البنية التحتية!
يكفينا أن ننتظر ما يقارب نصف ساعة وأكثر من أجل إدخال سيّاراتنا في مواقفنا، ويكفينا أن نشاهد الجاليات الآسيوية وهي مرتدية (الوزار) أمام نساء المنطقة، ويكفينا خوفنا بعد أن كنّا ننعم بالأمان، ويكفينا قصص (الطرارة) التي لا تتوقّف من فلان ومن فلان، ويكفينا الضرب والقتل وأبشع أنواع الكلام، ولا ندري هل نحن في فرجاننا القديمة أم نحن في فرجان جديدة بثوب جديد، فحتى العيد ورمضان وما يصاحبهما من (قرقاعون) و (حيّه بيّه) مُسحا تقريباً من حياتنا، والسبب يعلمه الجميع، التخبّط الذي حدث من ادخال العزّاب والوافدين الى مناطقنا السكنية القديمة.
الحد، على سبيل المثال، كانت (أم القباقب) واليوم هي أم (الجاليات الآسيوية) وأم (البحرينيين الجدد) وأم (سكن العزّاب)، وكان رجالات الحد من أشهر الرجال وأعظمهم، واليهم اختلط الحابل بالنابل، وضعنا أهل الحد عن موطنهم الأصلي كطيور تبحث عن الحرّية، وليس هناك من حل الا الهجرة والبعد عن الحد والمحرّق من أجل راحة البال وسلامة الأهل والأطفال!