طالبت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان في بيان لها اليوم الأربعاء باتخاذ الاجراءات اللازمة لتوقيف جميع المتهمين بارتكاب جرائم التعذيب وسوء المعاملة وغيرها من المعاملة القاسية والمهينة والمسيئة للكرامة الانسانية والتحقيق معهم وتقديم من يثبت تورطهم في هذه الجرائم امام القضاء لكي تأخذ العدالة مجراها في حقهم انصافا لمن وقع عليهم ظلمهم وتجاوزاتهم.
ورأت الجمعية أن موضوع استجواب المتهمين الـ 15 الذين جرى التحقيق معهم يطرح بالحاح موضوع العدالة الانتقالية وتحقيق الانصاف وكشف الحقيقة من خلالها شريطة ان يتم ذلك عبر هيئة مستقلة للتحقيق في ادعاءات التعذيب وإساءة المعاملة كما جرى في الدول الجادة التي أرادات أن تطوي صفحة الماضي والآمه لكي لا يعود ويطل شبحه المخيف على المستقبل واجياله، ورفع الحصانة القانونية عن مرتكبي جرائم التعذيب وسوء المعاملة الممنوحة للجلادين بموجب القانون 56 لسنة 2002.
وأشار البيان إلى أن رئيس وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة صرح في بيان صحفي صدر يوم الاثنين الماضي الموافق 2 يوليو الجاري 2012 بانه " في اطار التحقيق والتصرف في شكاوي التعذيب واساءة المعاملة فقد واصلت الوحدة تحقيقاتها في الاستماع الى اقوال الشاكين اذ تم سؤال تسعة منهم واحالة ثلاثة الى الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليهم، اضافة الى سؤال 16 شاهدا. وفي ضوء ما اسفرت عنه التحقيقات فقد استجوبت النيابة العامة 15 من المتهمين وتوجيه الاتهام اليهم" . مؤكدا بان وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة " تلقت خلال شهر يونيو الماضي 11 بلاغا جديدا وتم استدعاء المتهمين لسؤالهم فيما هو منسوب اليهم".
وقال الجمعية: "مع اهمية هذا التصريح الصادر من جهة قضائية عليا تعتبر شعبة اصيلة من شعب السلطة القضائية في البحرين وذلك من حيث كونه اقرارا صريحا بوجود تعذيب وسوء معاملة للمعتقلين في السجون البحرينية وان هناك انتهاكات خطيرة في حقهم تأباها الفطرة البشرية والشرائع السماوية والقانون الدولي الانساني، الا انه يطرح عدة تساؤلات حول الوضع القانوني والحقوقي للشاكين من ضحايا هذه الانتهاكات، وكذلك الوضع القانوني للمتهمين الذين يجري التحقيق في مدى تورطهم في هذه الانتهاكات التي تعد بحكم القانون الدولي الانساني جرائم بالغة الخطورة لا تسقط بالتقادم ولا يجوز التستر على مرتكبيها لان هذا التستر يشجعهم ويشجع امثالهم من مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة على التمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم المماثلة، كما يضع المتسترين عليهم في خانة الشركاء لهم فيما اقترفوه من آثام كبيرة في حق الانسانية".
وأضافت الجمعية: "اذا كان الشاكون من الضحايا قد تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة وغيرها من ضروب المعاملة القاسية والمهينة والحاطة بالكرامة الانسانية من اجل انتزاع اعترافات منهم، فان الكثير من حيثيات الدعاوي المقامة ضدهم وكذلك الاحكام الصادرة بحقهم تعتبر باطلة جراء ذلك لان ما اخذ بالاكراه والضغط والاجبار يعد باطلا بحكم القانون ولا يعتد به، وما بني على باطل فهو باطل. ومن هنا متى ثبتت واقعة التعذيب والاعترافات تحت وطأة التعذيب التي بموجبها اقيمت الدعاوي وصدرت الاحكام فان ذلك ينسف عملية التقاضي برمتها ويعاد النظر فيها من الاساس، لا ان يستمر النظر فيها طالما انها باطلة نتيجة بطلان الاثباتات والدلائل ومنهجية التحقق من الاتهامات".
وتساءلت الجمعية عن أسباب عدم الكشف عن هويات المعذبين، مؤكدة أن "التحفظ على هويتهم هو من باب التستر عليهم وعلى ما اقترفوه".
كما تساءلت عن رتبهم في الأجهزة الأمنية، قائلة: "اذا كانوا من الرتب الدنيا، وهو ما لا يعفيهم من المساءلة والعقاب اطلاقا، وانما يضع المسئولية الاكبر على عاتق من هم اعلى رتبا منهم الذين اصدروا اوامرهم اليهم بايقاع التعذيب على المعتقلين في السجون، فان هؤلاء يجب اخضاعهم للاستجواب والمساءلة والمحاكمة والعقاب لانهم مصدر الانتهاكات التي ارتكبت بحق المعتقلين نتيجة الاوامر الصادرة عنهم".
وأضافت الجمعية: "لماذا كل هؤلاء من اصحاب الرتب العليا والدنيا لا يزالون يزاولون اعمالهم في وظائفهم بالاجهزة الامنية دون توقيف عن العمل اثناء فترة التحقيق وما يترتب عليها من تبعات وعواقب كالمحاكمة والادانة والعقوبة؟ فكيف يتركوا في وظائفهم ومناصبهم يسرحون كما يشاءون؟ وهل ذلك من اجل ان يرتكبوا المزيد من الانتهاكات التي تستحق الادانة والعقاب؟ ولماذا لم يتم الافصاح عن اماكن التعذيب؟ وهي من المؤكد في السجون طالما ان الضحايا هم من السجناء المعتقلين المحتجزين قسرا فيها، ولماذا يتم التكتم عليها ولا تعتبرها وزارة الداخلية جنح وجرائم سيما ان بعضها افضت الى الوفاة؟ وهل تعتبر وزارة الداخلية ما يرتكب خارج سجونها جنح وجرائم ولا تعتبر ما يرتكب داخل سجونها كذلك؟".
وقالت: "إن واقعة التعذيب واساءة المعاملة في السجون البحرينية لم تكشفها التصريحات الاخيرة لرئيس وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، فالشواهد كثيرة ومؤكدة بوقعوها وهي موثقة لدى المنظمات الحقوقية الاهلية المستقلة المحلية والدولية، ولعل اخرها ولن تكون الاخيرة قطعا، ما اكده تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق الصادر في 23 نوفمبر الماضي 2011 والذي وضع بين يدي السلطة التنفيذية عن وجود تعذيب ممنهج في سجون البحرين وان التحقيقات التي اجرتها اللجنة استخلصت "انه كانت هناك ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية والتي وصلت الى التعذيب في عدة حالات، قبل عدد كبير من الاشخاص المحتجزين في مراكز التوقيف".
04/07/2012 م
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.