اسماعيل أبو البندورة
مثلما فعل الاعلام التضليلي مع المقاومة العراقية الباسلة التي انطلقت عام 2003 وهزمت قوات الاحتلال شر هزيمة، وأسقطت مشروعهم الاستعماري الكبير في المنطقة، هاهم يقومون بالدور ذاته الآن بالتعمية والتغطية على الثورة الشعبية في العراق، والتي يقوم بها أبناء العراق منذ فترة ضد حكومة العمالة لايران وأمريكا. وهم لايكتفون اعلاميا بطمس معطياتها وحسب، وانما يحاولون من الجانب الآخر التقليل من شأنها، ويصورونها بأشكال مختلفة وانتقاصية، ليس من بينها طبعا سماتها ومقاصدها الوطنية الأصيلة بأنها ثورة مستمرة على أمريكا وعلى الاحتلال الايراني الجديد الذي جاء في أعقاب الانسحاب الأمريكي من العراق.
وهم يفعلون ذلك برؤية اعلامية تضليلية مسبقة واستراتجية هي جزء من الحرب المتواصلة على العراق، تريد أن تغمض العين عن طبيعة الاحتلال الايراني الجديد في العراق، وتبادل الأدوار والمواقع الذي تمّ بين أمريكا وايران لاستكمال تقسيم وتفتيت العراق ونزع عروبته وانتمائه القومي، ومن أجل اضفاء الشرعية السياسية على حكومة صنعها الاحتلال وأذنابه، ووفقا لخططه، وفرضها بالترهيب والترغيب والتلفيق والتدليس والتلبيس السياسي على شعب العراق، وأعطاها صبغة قانونية ودستورية زائفة ومزيفة وملفقة، كانت تعني في شكلها ومضمونها تعويضا وبديلا عن هزيمته المنكرة لكي يتواصل نفوذه الاستعماري في العراق بطريقة مغايرة.
ولقد تعاونت على هذه العملية الاعلامية التضليلية الكبرى تجاه مقاومة العراق في السابق منذ عام 2003 وتجاه ثورته الشعبية الوطنية الآن، فئات متعددة كان في مقدمتها بشكل رئيس طابور الاعلام المأجور والموجه من قبل ايران في الوطن العربي من كتاب واعلاميين وسياسيين، عملوا على غض الطرف عن معاونة ايران لأمريكا في احتلال العراق عام 2003، واعتراف ايران السريع والمغتبط بالحكم التابع لها، ثم عملوا على تشويه صورة المقاومة في العراق وجعلها تأخذ أبعادا طائفية، وحاولوا في شتى الاتجاهات أن يغمطوا المقاومة العراقية الباسلة حقها في الانجاز التاريخي الذي قلب المعادلات اقليميا وعالميا، وذلك من خلال محاصرتها اعلاميا وخنق صوتها واعاقتها عن طرح برنامجها في المنابر العربية والاقليمية والدولية، وتهميش دورها وانجازها، وعدم السماح لقادتها ومن يمثلونها في ابراز وتوضيح معانيها ومعطياتها.
ولن أتعرض هنا لعمليات التزييف والتعمية التي قامت بها هذه الجهات تجاه ثورة أبناء العراق الشرفاء، اذ مورست كل ألوان التلفيق والتمويه وتشويه الحقائق والمقاصد، والتهوين من شأنها والاستخفاف بها، ثم عادوا ليحاولوا طمسها، وطمس صوتها في المنابر الاعلامية وكأن شيئا لايتحرك في العراق على الرغم من انقضاء وقت طويل وعلى الرغم من تزايد أعداد الجماهير التي تلتحق بهذه الثورة وتضاعف زخمها ولهيبها واستمرارها.
وعلى الرغم من كل هذه المحاولات، الا أن مقاومة وثورة أبناء العراق بقيت وستبقى تفعل فعلها التاريخي، ولاتزال قادرة على فرض وقائع جديدة وتغيير المعادلات، وهي الآن تحاصر أعدائها في الميادين المختلفة، كم أنها تقف الآن مجددا على طريق افشال ماخططت له أمريكا وايران معا بأن يتم تقسيم العراق، وتفتيت وحدته الوطنية، واشعال وادامة الصراعات الطائفية فيه، واخماد ثورته ودفاعه الحار والقوي عن عروبته.
ذلك أن الشعب العراقي يلتف الآن بكل مكوناته حول هذه الثورة المجيدة، باعتبارها استمرارا للمقاومة الباسلة، وباعتبارها الخيار الوحيد الذي يمكن أن ينقذ العراق من ويلاته القائمة التي أفرزها الاحتلال وأذنابه، وردّ كيد الأعداء عنه. وهاهم أبناء العراق يطلقون أبعادا وحيوية جديدة في فعل الثورة، والثورة الدائمة على الاستعمار بأشكاله المختلفة. وهاهي الآفاق والساحات تنفتح أمامهم بالصمود والتصدي لقوى الشر والبغي، وتضيق على المستعمرين والعملاء بالانحسار والضيق والانهزام. ولذا على الأمة وقواها الوطنية والقومية أن تقرأ مايجري في العراق عمقيا وبآفاق قومية، وأن لاتترك الحصان وحيدا كما فعلت منذ عام 2003 وحتى هذه اللحظة!!
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.