حسن المدحوب
استأنف المتحاورون من قوى المعارضة من جهة والقوى المقابلة من جهة أخرى أمس (الأربعاء) سادس جلسات الحوار في نسخته الثانية، التي يأمل كل البحرينيين أن تفضي إلى حلول حقيقية تحقق لهذا البلد الأمن والاستقرار والعدالة والحرية.
ومع انتهاء هذه الجلسة، يقترب المتحاورون من إكمال شهر كامل على بدء جلسات هذا الحوار الذي بدأ (10 فبراير/ شباط 2013)، ويبدو جلياً أن قوى المعارضة تصطف في طرف، وبقية الأطراف (الحكومة، ائتلاف الفاتح، النواب والشوريون) يصطفون جميعاً في جهة مقابلة، ولا يبدو أن هناك مستقلين يقفون على مسافة بين الطرفين.
بعد هذا الشهر، لاتزال المسافات بين الجهتين على حالها، المعارضة تحمل المطالب ذاتها، والجهة الأخرى ترفع «الكرت» الأحمر ذاته عليها، فلا تنازل هنا ولا تراجع هناك.
وحقيقة الأمر، فإن مستقبل هذا الحوار لايزال مجهولاً، المعارضة تقول إن السلطة تريد الحوار لتلميع صورتها، وتريد «تطفيش» المعارضة لتعلن انسحابها منه، ومن ثم يتم تصوير الأمر على أن المعارضة غير جادة في الحوار من جهة، ومن جهة أخرى تعتقد المعارضة أن استمرارها في الحوار لن يفضي إلى توافقات جوهرية، بسبب رفض الجهة المقابلة كل ما يتعلق بمطالبها المعروفة، ولكنها لا تريد الانسحاب حتى لا تظفر السلطة بورقة الانسحاب لتلعب بها، وهنا تبدو الأمور وكأن الجميع يدور في حلقة لا مفتاح لها.
وبغض النظر عن مآل الأمور، فإن الاستغراب الأكبر ليس في رفض القوى المقابلة للمعارضة لمطالب الأخيرة، فلكل جهة أفكارها ومواقفها، لكن المستغرب أن تدّعي كل جهة أنها تملك مواقف غالبية شعب البحرين وأنها تمثله، لكن إحداها أو بعضها ترفض الركون إلى الاستفتاء الشعبي على مخرجات الحوار.
أيّاً تكن غايات المعارضة من طلبها الاستفتاء على مخرجات الحوار، فلابد من التشديد على أن من حق البحرينيين جميعاً أن يكون لهم رأيهم فيما يفضي إليه أي حوار، ومن يرى أنه يملك غالبية مواقف شعب البحرين لا يرفض هذا الأمر مهما كانت دوافع المطالبين به.
ولابد لنا هنا من التأكيد دائماً، أن الحوار الجاد هو الخيار الأفضل للبحرين، فالحل الأمني لم يكن قادراً طوال العامين الماضيين على إيجاد الاستقرار لهذه الأرض، لأن الأزمة سياسية بالمقام الأول، وتحتاج إلى معالجات سياسية حقيقية، تلغي حالات التمييز الفاقع بين المواطنين وتفتح صفحة جديدة لهذا الشعب قوامها المواطنة المتساوية، التي لا وجود فيها لمواطن من الدرجة الأولى، وآخرين من الدرجة العاشرة.
نحن هنا لا نتكلم عن تنازلات، بل عن حقوق فطرية للمواطنين، تتعلق بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والسياسية، واستمرار الأزمة أو حتى استفحالها لا يغير شيئاً من ضرورة تحقيق المطالب العادلة لهذا الشعب.
أن يطالب البحرينيون بمستقبل أفضل، فذلك حق لهم جميعاً، مستقبل هذا الشعب ومطالبه الحقة، لن تحجبه المعالجات الأمنية، ولن تلغيه طلقات مسيلات الدموع أو الشوزن، وإذا كان من إيمان جاد لإخراج هذا الوطن من أزمته، فلابد أن تقدم المعالجات السياسية على أي حلول أخرى، لأن الإصرار على الحلول الأمنية يعقد الأمور ولا ينهيها، وأجزم أن كل البحرينيين يريدون لأزمتهم أن تنتهي بحلول حقيقية تحقق الكرامة والحرية والعدالة للجميع.