منصور الجمري
بحسب البيانات الصادرة من الحكومة، فإن الحكومة نفذت الغالبية العظمى من توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، ولكن هذا الادعاء لا توافق عليه المعارضة، كما أن المراقبين لمجريات الأمور يرون أن البحرين أبعد ما تكون عن تنفيذها للتوصيات. وفي العادة عندما تكون أي جهة واثقة أنها أدت ما عليها، فإنه يمكنها أن تفسح المجال لأي طرف محايد لتقديم شهادته. والواقع هو أن هناك تجاوزات أخرى حدثت بعد إصدار التقرير، ولو أضيفت إلى ما ذكره تقرير تقصّي الحقائق، فإن ذلك يعني تراجعاً إلى الخلف.
لقد هدفت توصيات تقصّي الحقائق إلى تصحيح ما حدث في 2011، وإفساح المجال لفتح صفحة جديدة، ولكن المشكلة أن لدينا أموراً كثيراً حدثت منذ صدور التقرير، وهذه تحتاج بحد ذاتها إلى تقصّيها وإدراجها في تقرير خاص بها من أجل تصحيحها. إن المشكلة الأساس هي في الاقتناع فعلاً بحدوث خطأ ما، ومن ثم يمكن الحديث عن الحاجة إلى خطة لتصحيح ذلك الخطأ.
ربما أن «إنكار الواقع» يتطلب ترديد بعض العبارات لإدارة الظهر لما يتوجب القيام به بصورة مقنعة، كما أن إنكار الواقع يتطلب البحث المستمر عن الأعذار لتبرير الإجراءات والممارسات، وهذا يفسر كيف أن البعض يكرر أن العالم كله لا يفهم، وأن هناك مؤامرة كبيرة تحاك من كل جهة، وأن فئات كبيرة جداً من أهل البحرين وجهات المعارضة، كلهم ضمن هذه المؤامرة العالمية.
إن حالة الإنكار مجرد مضيعة للوقت وللجهود، وتطويل فترة الوصول للحل تعني أيضاً زيادة الأعباء، وأن الحل يكون معقداً أكثر، ومتطلباته أكثر، فلقد قيل إن عدم الاعتراف بالمشكلة أكبر من المشكلة ذاتها، وهو السبب في ضياع الفرص لمعالجتها.