حملة بحرينية لمواجهة الغاز المسيل للدموع
قال فريق الرصد لحقوق الإنسان في البحرين الخميس أنه لديها أسباب للشك في كون حكومة المملكة تنشئ مخزوناً من الغاز المسيل للدموع على الرغم من الانتقادات المتزايدة.
نشرت البحرين ووتش، وهي منظمة مستقلة لحقوق الإنسان، ما تقول أنه وثيقة تظهر فيها وزارة الداخلية مخطط استيراد 1.6 مليون من قنابل الغاز المسيل للدموع و 90,000 ألف من القنابل اليدوية.
وقالت المنظمة يوم الخميس أنها تعي أن هذه الشحنة لم تتم حتى الآن، إلا أنه من الممكن أن تتم في أي وقت.
وأعربت المنظمة عن قلقها إزاء هذه الشحنة بعد أن قال مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن قوات الأمن في البحرين استخدمت الغاز المسيل للدموع بشكل عشوائي في مواجهتها لمتظاهرين مناهضين للحكومة.
يُذكر أن عشرات من المواطنين البحرينيين قُتلوا خلال انتفاضة ضد الحكومة في عام 2011. وقال النظام الملكي أنه ملتزم بسلسلة من الإصلاحات التي حددتها لجنة تحقيق مستقلة تحقق في رد الحكومة على الاحتجاجات.
لم يكن هناك أي ردة فعل من حكومة البحرين. ويبدو أن الووثيقة التي نُشرت على الموقع الإلكتروني للبحرين ووتش صحيحة حيث كُتبت الوثيقة باللغة الإنجليزية.
ودافعت البحرين عن نفسها ضد المطالبات التي ذكرت أنها لم ترق الى إلى مستوى التزاماتها في مجال حقوق الإنسان بالقول أنها كانت هدفاً لحملة تشهير في البيانات الدولية.
وقد نشرت مجموعة "مرصاد البحرين" الالكترونية، التي تضم ناشطين في بلاد متعددة في أوروبا وفي آسيا، وثيقة قالت إنها "مسربة" من وزارة الداخلية البحرينية تبيّن أن شحنة كبيرة من عبوات الغازات المسيلة للدموع ستصل إلى البحرين قريباً، بكميات تفوق عدد البحرينيين الذي لا يتجاوز الـ750 ألفا.
وتتضمن الوثيقة، التي سربتها "مرصاد البحرين" عن دائرة المشتريات في وزارة الداخلية، مناقصة لاستيراد 1,6 مليون قذيفة و90 ألف قنبلة يدوية من عبوات الغازات المسيلة للدموع.
وقالت المجموعة إن هذه الصفقة تأتي "برغم المخاوف الجادة التي أبدتها المنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة حول طريقة استخدام حكومة البحرين للغاز المسيل للدموع".
وجاءت الوثيقة المسربة بتوقيع الوكيل المساعد في وزارة الداخلية عبد الله بن أحمد آل خليفة، وهي تمثل مناقصة غير معلنة ولم يتم إدراجها عبر مجلس المناقصات والمزايدات كما بقية مناقصات وزارة الداخلية والدفاع والديوان الملكي.
وفي هذا الصدد، دشنت "مرصاد البحرين" حملة "أوقفوا الشحنة"، الآتية من شركة كورية جنوبية. وتدعو المجموعة من خلال الحملة المشاركين إلى إرسال رسائل احتجاج عبر البريد الإلكتروني، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى الشركات المصدرة للغازات المسيلة للدموع، وكذلك إلى الجهات الرسمية المزودة لرخص التصدير لتلك الشركات.
وقالت عضو المجموعة آلاء الشهابي في حديث إلى "السفير"، "وردنا من مصادر خاصة وثائق لمناقصة تطلب فيها حكومة البحرين تزويدها بما يقارب مليوني عبوة مسيل دموع، ونحن نعتقد أن الصفقة التي تمت تتناول عددا يفوق هذا الرقم بمرتين".
وأضافت أنّ "هذا النوع من السلاح يستعمل بطريقة روتينية لقمع المتظاهرين وبشكل قاتل، فقد تم توثيق 34 حالة وفاة مباشرة، على الأقل، بسبب الاستهداف المباشر للرأس أو الاختناق"، موضحة "نعتقد أن عدد المصابين بطريقة غير مباشرة كبير جداً، لذلك أطلقنا هذه الحملة لوقف هذه الصفقة. فضغط الدول سيجبر الحكومة الكورية (الجنوبية) على وقف التصريح الذي يرخص التصدير من شركات الأسلحة فيها".
وأوضحت الشهابي أنه "إذا افترضنا أن معدل سعر العبوة يتراوح ما بين 15 و20 دولارا، فهذا يعني أن قيمة الصفقة تتراوح ما بين 25 إلى 34 مليون دولار، وهو هدر للأموال العامة (يهدف إلى) قمع السكان ضمن سياسة العقاب الجماعي والعشوائي التي تستهدف الكبير والصغير".
ورأت الناشطة الشهابي أن "البحرين أصبحت تشكل حالة استثنائية في العالم وفي التاريخ من حيث الكمية والطريقة التي تستعمل من خلالها الشرطة سلاح الغازات المسيلة للدموع. فهي لا تستعمل الغاز لتفريق التظاهرات فقط، لكنها تطلقه داخل المساجد والمنازل وملاعب كرة القدم وداخل السيارات وداخل المجمعات التجارية. فأينما يوجد بشر وجد مسيل الدموع، لذلك تريد الحكومة استيراد كميات ضخمة من الغاز بما يفوق عدد السكان كي تستطيع أن تواصل قمعها الجماعي".
وعن مدى إمكان نجاح الحملة، قالت الشهابي "نجحت حملة مشابهة في تركيا في شهر أيلول الماضي، وهناك احتمال كبير أن تنجح في البحرين. ففي تركيا تم إرسال آلاف الرسائل خلال أيام إلى الحكومة الكورية ومنعت إحدى الشركات من تصدير منتجاتها من الغازات المسيلة للدموع. الآن تقوم تركيا بتصنيع الغاز المسيل للدموع بنفسها".
بدورها، بيّنت الطبيبة رولا الصفار، في حديث إلى "السفير"، أن الاستعمال المفرط للغازات المسيلة للدموع في البحرين تسبب بالعديد من الاختناقات التي أدت إلى حالات وفاة، مضيفة "شهدت المناطق التي يزيد استخدام الغاز فيها نسب إجهاض أكثر من المناطق التي لا تتعرض للغازات. لكن الأمر بحاجة إلى دراسة وبحث أكبر، وكذلك بالنسبة للإصابة بالعمى وبالسرطان".
وأوضحت الصفار أن المصابين بفقر الدم المنجلي، الذي يصيب كريات الدم الحمراء، عادة ما يكونون في حاجة أكبر إلى مادة الأوكسجين، وهو ما تفتقر إليه المناطق التي يتم استخدام الغازات المسيلة للدموع فيها كل ليلة، ما يتسبب بمضاعفات ونوبات للمرض قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان.
كما قالت الصفار إنّ الغازات "تسبب أمراضا حادة في الجهاز التنفسي وخصوصا لدى الكبار في السن ولدى الأطفال، بالإضافة لهيجان والتهابات في الجلد وزيادة في الإصابة بالربو والتهاب الحلق والأغشية المخاطية".
يذكر أن حكومة البحرين كانت تستخدم سابقاً مسيلات الدموع الأميركية الصنع، إلا ان وزارة الخارجية الأميركية قامت بحظر تلك الصادرات بسبب "الاستخدام المفرط" في شهر أيار العام 2012.