ذكر دليل التنمية البشرية، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن البلدان العربية سجلت أعلى معدلات للتلوث في المدن بين مناطق العالم وأعلى درجة اعتماد على الوقود الأحفوري بحسب مقاييس دليل التنمية البشرية، وكانت البحرين ضمن أكثر خمس دول من حيث مساهمة الفرد في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، فيما تتصدر قطر قائمة هذه الدول.
وفي التقرير السنوي للتنمية البشرية، الذي جاء في هذا العام بعنوان «الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع»، جاءت البحرين ضمن الدول التي تستهلك كميات من المياه «تفوق بأضعاف معدلات الاستدامة»، إلى جانب كل من الإمارات وقطر والسعودية.
كما صنف التقرير البحرين ضمن الدول ذات «التنمية البشرية المرتفعة جداً»، وهو أعلى أربعة تصنيفات منحها البرنامج لدول العالم، فيما جاءت البحرين في الترتيب 42 عالمياً، والثالثة خليجياً، بعد كل من الإمارات وقطر.
——————————————————————————–
الأمم المتحدة صنفتها ضمن دول «التنمية البشرية المرتفعة جدّاً»
البحرين تستهلك أضعاف «معدلات الاستدامة» من المياه
اعتبر دليل التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، البحرين ضمن الدول التي تستهلك كميات من المياه «تفوق بأضعاف معدلات الاستدامة»، إلى جانب كل من الإمارات وقطر والسعودية، إذ تشير مؤشرات البحرين في «الاستدامة البيئية»، إلى أن استخراج المياه العذبة فيها، يتم بواقع 219.8 في المئة من مجموع الموارد المائية المتجددة.
وجاءت البحرين ضمن الدول ذات «التنمية البشرية المرتفعة جدّاً»، وهو أعلى أربعة تصنيفات منحها البرنامج لدول العالم، فيما حلت في الترتيب 42 عالميّاً، والثالثة خليجيّاً، بعد كل من الإمارات وقطر، وتراجع ترتيب البحرين العالمي عن العام 2010 إذ كانت في الترتيب 39، على رغم أنها ارتفعت في قيمة التنمية البشرية عن العام 2010 من 0.801 إلى 0.806 نقطة.
وفي دليل التنمية البشرية السنوي الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ ذكر التقرير في مؤشر «الرفاهية والبيئة»، أن 65.3 في المئة من البحرينيين راضون عن الإجراءات المتخذة للحفاظ على البيئة، فيما أبدى 85.6 في المئة رضاهم عن «نوعية الهواء»، و85 في المئة رضاهم عن «نوعية الماء».
وتصدرت قطر الترتيب العالمي من حيث مساهمة الفرد في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، تليها الإمارات العريبة المتحدة، والبحرين، والكويت.
وخلا، التقرير الذي جاء في هذا العام بعنوان: «الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع»، من مؤشرات للبحرين في «الفقر متعدد الأبعاد» و»المخاطر البيئية على التنمية البشرية».
وتضمن التقرير دعوة إلى تكثيف الجهود لتحقيق التنمية البشرية المنصفة للجميع، وذلك بالحد من الفوارق بين الجنسين وتوسيع الفرص المتاحة للفئات المهمشة.
كما تناول التقرير التحديات البيئية، وتضمن دعوة إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة للمساعدة في تحقيق التنمية المستدامة والتحول إلى الطاقة المتجددة.
وبحسب التقرير؛ فإن البلدان العربية حققت تقدماً مطرداً في الأعوام الأربعين الماضية في الدخل والتعليم والصحة، وهي الأبعاد التي يقيسها دليل التنمية البشرية، ويجري على أساسها ترتيب البلدان كل عام بحسب ما تحقق من إنجازات في هذه الأبعاد.
فعمان والمملكة العربية السعودية وتونس والجزائر والمغرب حلت جميعها بين البلدان العشرة الأولى التي أحرزت أكبر تقدم في ترتيب دليل التنمية البشرية، بينما حلت ليبيا، منذ العام 1970، في طليعة البلدان العشرة التي حققت تقدماً في الأبعاد غير المتصلة بالدخل من دليل التنمية البشرية.
غير أن مستوى دليل التنمية البشرية في البلدان العربية يظهر تفاوتاً في أنماط التنمية البشرية بين بلد وآخر. فالإمارات العربية المتحدة (في المرتبة 30)، وقطر (في المرتبة 37)، والبحرين (في المرتبة 42) جميعها حلت في المجموعة الأولى من المجموعات الأربع التي تصنف ضمنها البلدان في ترتيب دليل التنمية البشرية.
أما السودان (في المرتبة 169)، وجيبوتي (في المرتبة 165)، واليمن (في المرتبة 154) فحلت في المجموعة الأخيرة.
وشمل دليل التنمية البشرية لهذا العام 187 بلداً وإقليماً؛ منها 19 بلداً عربيّاً والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وخلافاً لما شهدته المناطق النامية الأخرى؛ سجلت البلدان العربية تحسناً كبيراً في دليل التنمية البشرية في ظل أنظمة تخضع للرقابة المركزية، بحسب ما جاء في التقرير.
ومع «الربيع العربي» وما يتيحه من فرص جديدة لتمثيل الجميع في الحكم؛ يرى تقرير التنمية البشرية لهذا العام أن «لغز الديمقراطية العربية مقبل على نهاية مفاجئة، تفسح المجال أمام توسيع حريات الشعوب وإمكاناتها الفعلية في جميع أنحاء المنطقة».
ولاحظ التقرير أن تقدم التنمية البشرية في المنطقة «عرضة للخطر» جراء الفوارق بين الجنسين وبين الأجيال، وهي الفوارق التي «أججت مشاعر السخط» في صفوف القواعد الشعبية في مختلف البلدان العربية، بحسب التقرير، الذي أشار إلى أن «الربيع العربي» دليل إضافي على الفوارق الشاسعة بين الجنسين وبين الأجيال. فالتقرير يشير إلى أن نصف سكان البلدان العربية هم من الشباب دون سن الخامسة والعشرين، وأن معدل البطالة بين الشباب يفوق بكثير المتوسط العالمي.
وعلى رغم الأداء الاقتصادي الجيد الذي سجلته بلدان عربية عديدة؛ فإن المنطقة متأخرة عن مناطق أخرى في تمكين المرأة، كما أشار التقرير كذلك، إلى أنه على رغم التقدم الذي أحرزته المرأة العربية في الأعوام الماضية، لا تزال تعاني من تدني التحصيل العلمي ومن انخفاض المشاركة في القوى العاملة، إذ لا يزال متوسط المنطقة نصف المتوسط العالمي.
كما اعتبر التقرير أن المملكة العربية السعودية (في المرتبة 135)، والسودان (في المرتبة 128)، من بين البلدان التي سجلت أضعف أداء من حيث إنصاف الجنسين. وتتصدر الإمارات العربية المتحدة (في المرتبة 38) ترتيب بلدان المنطقة من حيث المساواة بين الجنسين بفضل عامل الصحة والتعليم، تليها البحرين (في المرتبة 44)، وتونس (في المرتبة 45).
ورأى التقرير أن بلدان المنطقة تعاني مجموعة من التحديات البيئية تستحق الأولوية في الاهتمام والمعالجة، ومنها التلوث في المدن وتدهور الأراضي وشح المياه، والتي يمكن أن تتفاقم بفعل تغير المناخ، بحسب التقرير، الذي جاء فيه أيضاً: «إن المنطقة العربية أشد مناطق العالم قحلاً، وتعاني نسبة 60 في المئة من الفقراء فيها من الشح الشديد في المياه».
وبحسب دليل التنمية البشرية؛ فإن الإمارات وقطر والبحرين والسعودية تستهلك كميات من المياه تفوق بأضعاف معدلات الاستدامة، بينما يبلغ الاستهلاك في الأردن وسورية حد إجهاد الموارد المائية المتجددة، وهذا يسهم في تأجيج التوتر بين البلدان العربية والبلدان المجاورة.
كما أشار التقرير إلى أن البلدان العربية تسبق جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى في الترتيب – وهي أشد مناطق العالم فقراً بحسب مقاييس دليل التنمية البشرية – من حيث عدم رضا السكان عن جودة المياه، إذ أعرب 55 في المئة من سكان العراق عن عدم الرضا عن إمدادات المياه.
وحذر التقرير من تزايد المساحات الصحراوية وتضاؤل الموارد وغيرها من العواقب التي يمكن أن تنجم عن تغير المناخ.
وسجلت البلدان العربية أعلى معدلات للتلوث في المدن بين مناطق العالم وأعلى درجة اعتماد على الوقود الأحفوري بحسب مقاييس دليل التنمية البشرية، وتتصدر قطر الترتيب العالمي من حيث مساهمة الفرد في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تليها الإمارات العريبة المتحدة والبحرين والكويت. فمن أصل البلدان الخمسة الأولى المسببة للتلوث بثاني أكسيد الكربون أربعة بلدان من الخليج (وتحل ترينيداد وتوباغو في المرتبة الثانية)، وشملت هذه الأرقام استهلاك الطاقة في هذه البلدان كذلك إنتاج الطاقة التي تصدر للاستهلاك في بلدان أخرى.
فمساهمة الفرد في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في قطر تعادل تسعة أضعاف المتوسط العالمي. وسجلت كل من السودان والعراق معدلاً من أعلى معدلات التلوث في المدن في العالم، كما أشارت مسوح دليل التنمية البشرية إلى عدم رضا سكان البلدان العربية عن نوعية الهواء.
وأكد التقرير أن التقدم في التنمية يمكن أن يتحقق من غير أنشطة تسبب زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. فمساهمة الفرد في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في النرويج (11 طنّاً) لا تتجاوز ثلث مساهمة الفرد في الإمارات العربية المتحدة (35 طنّاً) مع أن البلدين يسجلان ارتفاعاً في الدخل.
وحثت التوصيات الواردة في التقرير على إطلاق مبادرة عالمية لتأمين إمدادات الطاقة لنحو 1.5 مليار شخص محرومين من الكهرباء. ويؤكد ضرورة توسيع استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المتجددة، إلى خارج نطاق مجموعة العشرين التي تبلغ حصتها 90 في المئة من مجموع الاستثمارات في الطاقة النظيفة في العالم.
ويرى التقرير أنه في ظل ظروف المنطقة العربية التي تتمتع بأشعة الشمس القوية والرياح على السواحل؛ فإنه من الممكن توليد الطاقة من مصادر متجددة، مشيراً إلى أن هذه المصادر لا تؤمن للمنطقة حتى الآن سوى 11 في المئة من إمدادات الطاقة الأساسية، أي أقل من نصف المتوسط العالمي.
كما دعا التقرير إلى تكثيف الجهود لتحقيق التنمية البشرية المنصفة للجميع، وذلك بالحد من الفوارق بين الجنسين وتوسيع الفرص المتاحة للفئات المهمشة.
وتناول كذلك التحديات البيئية، وتضمن دعوة إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة للمساعدة في تحقيق التنمية المستدامة والتحول إلى الطاقة المتجددة.
ويرى التقرير أن تحقيق الاستدامة البيئية يتطلب تقدماً في تقليص الفوارق في الصحة والتعليم والدخل، كما يتطلب مبادرة عالمية في مجال إنتاج الطاقة وحماية النظم الإيكولوجية.
وبينما ينشغل المجتمع الدولي بالإعداد لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة، المقرر عقده في ري ودي جانيرو في يونيو/ حزيران 2012، يؤكد هذا التقرير أن قضية الاستدامة هي قضية عدالة اجتماعية لأجيال الحاضر وأجيال المستقبل على السواء.
والاستدامة، بمفهوم التقرير، ليست حكراً على البيئة، بل تعني على حد ما ذكرته مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مقدمة التقرير «أن نعيش حياتنا مدركين أن كل عمل نقوم به الآن سيكون له أثر على سبعة مليارات نسمة تعيش على الأرض اليوم ومليارات أخرى ستتوالى على هذه الأرض على مدى قرون من الزمن».
ووفقاً لسيناريو «التحديات البيئية» الوارد في التقرير، يتوقع أن ينخفض متوسط دليل التنمية البشرية بحلول العام 2050، بعد حساب آثار الاحترار العالمي على إنتاج الغذاء والتلوث، بنسبة 12 في المئة في جنوب آسيا وجنوب الصحراء الأفريقية الكبرى عما كان سيبلغه في ظل الأحوال العادية.
ووفقاً لسيناريو «الكوارث البيئية»، الذي يفترض تفاقم نزع الغابات وتراجع التنوع البيولوجي والأحداث المناخية المتطرفة، يتوقع أن ينخفض المتوسط العالمي لدليل التنمية البشرية بنسبة 15 في المئة عن المستوى الذي كان سيبلغه في غياب هذه الحالات في العام 2050. ويتوقع أن تقع أشد العواقب على الفقراء.
وحذر التقرير من أن يتسبب التدهور البيئي في تبديد جهود بذلت طوال عقود لتحسين حصول المجتمعات الفقيرة جداً على إمدادات المياه والكهرباء وخدمات الصرف الصحي، ويرى مؤلفو هذا التقرير في أوجه الحرمان هذه بحد ذاتها «انتهاكات خطيرة» لحقوق الإنسان.
واعتبر التقرير أن تعزيز الشفافية وضمان استقلالية هيئات المراقبة مثل وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمحاكم، هي عناصر ضرورية لتشجيع التزام المجتمع المدني باتخاذ القرارات الخاصة بالبيئة، إذ إن الدساتير الوطنية في 120 بلداً تنص على أحكام لضمان حماية البيئة، لكن إنفاذ هذه الأحكام لا يزال ضعيفاً في العديد من البلدان.
وتوقع التقرير أن استمرار التدهور البيئي من غير أي ضوابط، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 50 في المئة ويبدد الجهود الرامية إلى إتاحة الحصول على خدمات الطاقة والمياه وخدمات الصرف الصحي لمليارات الأشخاص ولاسيما في جنوب آسيا وجنوب الصحراء الإفريقية الكبرى
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3348 – الإثنين 07 نوفمبر 2011م الموافق 10 ذي الحجة 1432هـ