هاني الفردان
المتتبع للمشهد البحريني يجد فيه الكثير من التناقضات خصوصاً، عندما تتابع الإعلام البحريني، فلا تعرف هل البحرين بخير، كما نسمع عبر إذاعة البحرين وأغانيها التي لا تتوقف عن البوح بذلك، أم تقرأ الصحف التي تأتي بعكس ذلك، فالمشهد لديها متأزم أمنياً ومختنق فكرياً ومتشنج طائفياً.
المتناقضات كثيرة، فبين أن البحرين عادت لطبيعتها، وانتهت من أزمتها، وأصبحت الأمور أفضل بكثير مما كانت عليه، نجد قرى ومناطق أصبحت محاطة بالأسلاك الشائكة ومن كل الاتجاهات.
وبين تصريحات بعض المسئولين، بان البحرين بخير، نجد على العكس في المشهد العام مساحات الأسلاك الشائكة في ازدياد، مع استمرار وجود جدران العزل.
مشاهد الأسلاك الشائكة تجدها في كل مكان بدءاً من المكان الذي كان يحتضن «دوار اللؤلؤة» ومن ثم الساحة المقابلة لمجمع الدانة، إلى قرية أبوقوة وعالي وسماهيج ودمستان، ومن المتوقع أن تلحقها العكر والمعامير وسترة، في منظر لا يعكس أبداً ما يقال إننا عدنا الى وضع طبيعي.
مشهد الأسلاك الشائكة المنتشرة، يعكس صور التأزم الحقيقية لما يحدث في البحرين. جزء من تعقيدات المشكلة زيادة مساحات التضييق الأمني عبر فرض الأسلاك الشائكة كحل ومخرج لما تعيشه تلك المناطق من تطورات أمنية ومناوشات يومية، وهو يعكس أيضاً حقيقة الأسلاك الشائكة التي تحيط بأي حل سياسي يمكن أن ينقذ البلد مما هو فيه.
ليس صحيحاً أن يكون مشهد البحرين المتطورة بشعبها المتحضر والمثقف، مرتبطاً بهذه الأسلاك الشائكة الأمنية والسياسية، وأن الحل الوحيد لهذا الوطن هو زيادة مساحات التمترس الأمني، وفرض القيود وتضييق الخناق على الناس ومنعهم من التعبير عن رأيهم بحرية.
ليس صحيحاً أن نلجأ إلى التصعيد الأمني، في ظل أن حل المشكلة البحرينية يمكن أن يكون سياسياً.
ليس صحيحاً أن فرض الأمر الواقع قد يجبر أحداً على التراجع عن ما يطمح له ويفكر فيه، وليس من المنطق أبداً أن تبقى البحرين ساحة حرب محاطة بالأسلاك الشائكة، ومن ثم نقول للعالم «ديرتنا بخير».
العالم قرية كونية مصغرة، الحدث فيها ينتقل بسرعة عبر وسائل اتصال أصبحت خارج نطاق السيطرة والرقابة، وبالتالي فإن الخيارات الأمنية محكوم عليها بالفشل، وإن نجحت مؤقتاً، وفق رهانات سياسية إقليمية ومصالح دولية.
فالتعايش بين مكونات المجتمع لا يمكن أن يكون وسط أسلاك شائكة، ومراكز أمنية ونقاط تفتيش وغازات خانقة، ومناوشات وصدامات يومية ودماء تسال من هذا وذاك.
الحل لمن يريد الحل، سياسي، عبر تحقيق المطالب المتحضرة والواعية، فالزمن لا يقف، والتاريخ لا يرحم، والشعوب تتقدم ولا تتأخر، ولا تعيقها أسلاك شائكة ولا غازات خانقة.