بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
· العالم في حوجة لمحكمة ترفع الظلم عن شعوبه لكن يجب مناهضة الجنائية لأنها تزيد من هذا الظلم..
· من يتحدثون عن الرضوخ للعالم الخارجي لا يعرفون قدر الشعب السوداني ولا يثقون بأنفسهم.
· الدعوة لمحكمة هجين مثلت رغبة البعض الذي تحفظ بشان القوات الهجين..
· التحول الديمقراطي يحتاج إلى قرار سياسي وليس إجازة قوانين وإعلان جدول للانتخابات.
· نقف بشدة ضد الكفاح المسلح لأنه يهدر أرواح ومجهود الشعب ولا ياتي بحل حقيقي لقضايا البلاد..
· خرجنا من التجمع لأنه نقل مركز العمل إلى الخارج وخرق الميثاق الذي وقع عليه.
· القوى السياسية تعيش حالة غريبة فهي معارضة وتشارك في الحكومة في نفس الوقت..
· الحركة تشارك في صياغة القوانين وتأتي لتنتقدها في اجتماعات المعارضة..
· تعديل القوانين وإاعادة المممتلكات المصادرة مطالب قبل الدخول في العملية الانتخابية..
مقدمة :
ظل حزب البعث الاشتراكي يمثل رأياً مخالفاً لكل توجهات (المعارضة) في السودان منذ مجيئ الإنقاذ في الثلاثين من يونيو 1989م وظلت مواقفه تثير عليه كثير من الاتهامات بالقرب من النظام حيناً وبمعارضة المعارضة حيناً آخر لكن الحزب استمر في نهجه الذي يعتبره قادته خطاً لايمكن الحياد عنه أو التنازل عن استراتيجيته بكل هذه المعطيات(العاصمة) حملت العديد من الأسئلة واتجهت صوب أمين سر قيادة قطر السودان لحزب البعث العربي الاشتراكي الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري الذي تحدث عن موقف الحزب من المحكمة الجنائية بوضوح تام وعن رأي الحزب في التدخل الأجنبي في جنوب السودان ودار فوروجبال النوبة وتحدث كذلك عن موقف الحزب من الانتخابات وإعلان المفوضة لجدولها ورأي الحزب في خطوات التحول الديمقراطي وتهيئة الأجواء للانتخابات كل هذا وغيره تجدونه من خلال هذا الحوار:
كان لديكم رأي واضح في المحكمة الجنائية الدولية وقرارها ضد رئيس الجمهورية هل هذا الموقف تقرب من النظام أم هو موقف مبدئي من التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : نحن في حزب البعث العربي الاشتراكي وفي الوطن العربي وبلدان العالم الثالث لنا مصلحة حقيقية في قيام محكمة جنائية دولية تطارد وتلاحق كل من ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية أو أي نوع من أنواع الجرائم التي يمارسها المتسلطون لأننا في الوطن العربي وبلدان العالم الثالث عانينا كثيراً من ظلم القوى المتنفذة دولياً قوى الاستعمار القديم والامبريالية والعالمية والصهيونية والأنظمة المستبدة وعانينا من الاسترقاق والعبودية واعمال السخرية وتحطيم مجتمعاتنا ثقافياً ومادياً واجتماعياً ومن الاحتلال ومن الغزو وامامك مشاهد حية مثل قتل 1.500.000 عراقي ومشاهد التعذيب والسجون السرية التي أقامها الاحتلال وعملاء إيران في العراق وتهجير 5 مليون عراقي داخل وخارج بلدهم وإلغاء جهاز دولة بأكمله بشقيه المدني والعسكري فهذه جرائم كبيرة إضافة لاستخدام اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض في غزة وأمامك مشاهد غزة هذه الجرائم الحية التي ترتكب أمام أنظار العالم أجمع تلل على أننا بحاجة لمن يحاكم هؤلاء المجرمين ناهيك عن الجرائم السابقة في فيتنام واليابان وأفريقياوغيرها، إذاً نحن لدينا مصلحة في قيام محكمة جنائية دولية ولكن شريطة أن يتساوى الجميع أمام عدالة هذه المحكمة لأنه إذا لم يتوفر شرط التساوي فلن تكون هناك عدالة وان تلتزم هذه المحكمة بالمعايير القانونية وأن تكون لها سلطة على كل دول العالم حكاماً ومحكومين فنحن نؤيد مثل هذه المحكمة ولكننا لانؤيد محكمة جنائية مسلطة ومتسلطة على البلدان المستضعفة والمحكمة القائمةالآن بوصفها الراهن لن تكون أفضل من أداة بيد الامبريالية والصهيونية لمعاقبة البدان التي يريدون أو الضغط عليها لتمرير أجندة وسياسات لاصلة لها بمصالح الشعوب في هذه البلدان وهذا المقصود من توجيه الاتهام للسودان من هذه المحكمة المقصود هو الضغط على السودان لأجل أن تعمم اتفاقية نيفاشا على كل أقاليم السودان بحيث يتحول السودان إلى بلد كونفدرالي بدلاً عن دولة واحدة مما يسهل اختراق هذه الأقاليم والسيطرة عليها وهذه المحكمة بتركيبتها الراهنة لا تمثل العدالة الدولية المنشودة وهي محكمة انتقائية والشاهد على ذلك أيضاً أن إحالة الملف السودانيلهذه المحكمة تم بقرار سياسي من مجلس الأمن ومن قبل القوى التي ليس لها عضوية فيالمحكمة وطالما أن قرارها سياسي تبقى خلفه دوافع سياسية والمعيار ليس قانوني وليس تحقيق العدالة..وشعار العدالة قبل السلام الذي طرحته أمريكا وبريطانيا وفرنسا هو شعار كاذب ومضلل لا يستهدف تحقيق العدالة ولا السلام وإنما هو ابتزاز للسودان، وادعو الحركات المسلحة في دار فور والقوى الوطنية وكل بلدان العالم الثالث أن ترفض هذه المحكمة بصيغتها الراهنة وتطالب بمحكمة يتساوى أمامها الجميع وتلتزم بمعايير العدالة الدولية..
لكن هناك بعض القوى التي تقول بالخضوع للمحكمة الجنائية كما أن قوى أخرى نادت بمحكمة هجين على غرار القوات الهجين.؟؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : بعض القوى التي تقول بأن علينا أن نخضع للجنائية لأن الغرب لايرحم أنا اتفق معها أن الغرب لايرحم وأن كل الامبراطوريات منذ فجر التاريخ كانت خالية من الرحمة باستثناء الدولة العربيةالإسلامية بحكم موجهات هذه الدولة ولكن هذا لايعني الاستسلام للامبراطوريات الظالمة والمستبدة وهاهو شعبنا في فلسطين والعراق يقاتل ضد الظلم والقوى التي لاترحم ونجحا في كسرشوكة أمريكا في العراق واسرائيل في غزة، إذا المقاومة هي التي تمكن الشعوب من انتزاع الحقوق وليس الخضوع.. ونحن في السودان إذا توحدت الإرادة الوطنيه بالالتزام بالثوابت نمنع الغرب من ممارسة التسلط علينا.. لكن الغرب ينفذ من الثغرات وعلينا أن تنفق على الاستقلال والسيادة والوحدة ونختلف فيما دون ذلك أما الذين ينادون بمحكمة هجين نسألهم هل كل ما طلب منا الغرب شيئاً نتكيف مع متطلبات الغرب الاستعماري هل هدف الغرب اجراء محاكمة لتحقيق عدالة في السودان؟ لماذا نغرس رؤوسنا في الرمال، أن نقبل بالتبعية أو نرفض ذلك..أما محكمة هجين وغيرها فلن تحل شيئاً والنتيجة واحدة ويجب أن نصلب إرادتنا الوطنية وأن لا نحاول أن نتكيفمع الغرب لان محاولة مداهنة الغرب والتزلف له تتعارض مع إرادة شعبنا في السودان لذلك يجبأن نصلب الإرادة الوطنية وأن لا نحاول استرضاء الغرب لأنه لايريد أن يحقق السلام والاستقرار في السودان وهذا شيئ معيب ومن المعيب أن نتكيف لمتطلباته ونخضع لرغباته والأغرب من ذلك أن تنبع هذه الدعوات من قوى معارضة، فأنا أفهم أن النظام الحاكم في أي بلد يحاول أن يكون مرناً ويحاول ألا يصطدم بالآخرين ويجد المخارج في مناوراته وسط القوى الدولية للتكيف مع النظام الدولي القائم حتى لايصطدم معه ولكن لا أفهم من قوى معارضة ليست مطالبة بشيئ وليست هي في الحكم ألا تلتزم بالموقف المبدئي، والمؤسف أن كل التراجعات عن الثوابت الوطنية في هذه البلد جاءت مقدماتها من ما تسمى بالقوى المعارضة – مؤتمر القضايا المصيرية باسمرا – هو الذي شكل مقدمات لحق تقرير المصير وللرقابة الدولية لوجود قوات دولية وعندما خطا النظام هذه الخطوات التي فيها تفريط بين في الثوابت الوطنية والوحدة الوطنية بالطبع لم يجد معارضة قوية لأنه تبنى ما قررته بعض فصائل المعارضة في أسمرا وهذا حتى من الناحية التكتيكية أمر غير صحيح.. والتدخل الأجنبي في دارفور.. النظام كان يعلن رفضه لوجود قوات أجنبية في دارفور.. وكان يتوجب علينا كقوى معارضة أن نعلن رفض الوجود الاجتبي بأي اسم كان لا أن نطالب ونصدر البيانات والفتاوي الدينية التي لا أدري كيف تم تكييفها دينياً بوجوب تواجد قوات أجنبية..لذلك عندما تراجع النظام كان كأنما هو استجاب للمعارضة وصارت المعارضة كأنما تستدرج النظام للتفريط في الثوابت الوطنية لذلك أنا أقول أن موقف من نادى بالرضوخ أو إقامة المحكمة الهجين هو موقف خاطئ وضد الثوابت الوطنية وسيادة السودان.
بعد إعلان المفوضية القومية للانتخابات عن الجدول الزمني للانتخابات في بداية العام القادم لم يصدر منكم مايفيد بأنكم سوف تخوضون الانتخابات؟؟!
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : اشكالية الجدول الزمني للانتخابات هي إحدى إشكاليات التحول الديمقراطي، نص الاتفاقية يلزم الشريكين على إجراء الانتخابات في موعد أقصاه منتصف هذا العام ولكن متطلبات اجراءالانتخابات هي تنفيذ المهام المتعلقة بالتحول الديمقراطي وتنفيذ هذه المهام يقتضي تغيير النظام القائم من نظام ديكتاتوري ينفرد فيه الشريكان بالسلطة إلى نظام انتقالي.. وشروط بناء نظام انتقالي الان غير متوفرة وأهم هذه الشروط هي إلغاء القوانين المقيدة للحريات بمافيها القانون المثير للجدل المطروح الآن قانون الصحافة والمطبوعات هذه النقطة الجوهرية والأساسية وهي خلق مناخ ديمقراطي ولا يمكن أن نخلق مناخ ديمقراطي مع استمرار هذه القوانين ومع استمرار مصادرة ممتلكات الأحزاب التي تمت بقرار صبيحة يوم 30 يونيو 1989م عندما تم حل الأحزابالسياسية والجمعيات ومصادرة ممتلكاتها وحظر نشاطها وهي مسألة أساس في المعالجة..ثانياً متطلبات اجراء انتخابات هي حسم قضية ترسيم الحدود وقضية التعداد السكاني وقضية الصراعات الأهلية في دارفور وجبال النوبة وكل مناطق السودان.. ثالثاً قيام ادارة محايدة تتولى السلطة للاشراف على هذه الانتخابات..هذه المهام لاتزال معلقة ولايبدو في الأفق أن هناك مايشير بمعالجة هذه المسائل ولذلك سواء كان الموعد في فبراير القادم 2010 أو 2011 فهذا ليس المهم لأن الانتخابات وسيلة لتحقيق الأهداف الديمقراطية وكذلك هي لاتعني الديمقراطية لأنها يمكن أن تجرى في نظام دكتاتوري لتحقيق أهداف محددة لكن هي تتويج للديمقراطية عندما تتم في ظل تحول ديمقراطي حقيقي.
أعني هل ترون أن الجدول الزمني للانتخابات مناسب لظروف البلاد الحالية والدخول في التحول الديمقراطي؟؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : الجدول الزمني للانتخابات هو ليس الساس اذا لم تتوفر شروط الانتخابات ومتتطلبات اجراءها فمنالصعب الحديث عن الجدول الزمني فمطلوب خلال الثمانية اشهر القادمة متطلبات يصعب تحقيقها.
إلى ماذ يحتاج التحول الديمقراطي حسب رأيكم إذا كان مايحدث غير كاف كما تقول؟
– على غرار القوانين مثار الجدل في البرلمان التحول الديمقراطي يحتاج إلى قرار بإلغاء القرار الصادر بحل الأحزاب ومصادرة ممتلكاتها.. قراراً سياسياً بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإعداد قوانين بديلة تتوافق عليها القوى السياسية وليس البرلمان المعين من رئاسة الجمهورية..والصراع السياسي في السودان يحتاج إلى أجواء ديمقراطية، فنحن لانزال نعاني من تقييد النشاط والحجر على إقامة الندوات السياسية إلا بترخيص من الأمن والمخابرات، وكذلك فإن بعض تعتقل إذا كان هناك نشاط سياسي لمجرد إبداء الرأي في المناسبات التي تدعو لها الدولة.. والترابي رغم اختلافنا معه فهو أمين عام حزب تم اعتقاله وإطلاق سراحه استناداً على تلك القوانين وبمجرد أن يكون للنظام الحق في اعتقال قادة الحركة السياسية وتقييد نشاطهم وحرمانهم من طرح برامجهم وأفكارهم بشكل حر وديمقراطي فهذا لايتيح المجال أمام اجراء انتخابات حرة ونزيهة، والقضية ليست قضية جدول زمني لكن هي قضية تحول ديمقراطي حقيقي وهو غير موجود.. هناك هامش ضيق من الديمقراطي تتحكم فيه السلطة فأي تحول ديمقراطي هذا.؟؟!
كيف ترى إذاً أن تتعامل القوى السياسية مع هذه الوضعية وهل هناك أشياء لم تكتمل.!
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : التحول الديمقراطي منصوص عليه في الدستور الانتقالي ويفترض أن يتم إلغاء كل القوانين التي تتعارض مع الدستور ولكن مع ذلك هناك الكثير من القوانين التي تتعارض مع الدستور وهي سارية المفعول، التحول الديمقراطي لايمكن أن يتم من قبل النظام الحاكم بملء إرادته وعلى القوى السياسية وجماهير شعبنا أن تنتزع حقها في الحرية والديمقراطية فالحرية لاتمنح ولاتعطى.
لكن الان وبعد مرور كل هذه السنوات والمياه الكثيرة تحت الجسر هل توجد قوى يمكن أن تقود الجماهير!!
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : السودان الدولة الوحيدة في الوطن العربي وأفريقيا التي تختلف فيها الأوضاع فالحزبية فيه هي قديمة وأصيلة ولم تستطع كل الأنظمة الديكتاتورية أن تجتث الأحزاب السودانية أو أن تلغي وجودها وهذه حقيقة قائمة ولكن هذه الأحزاب تعاني من مشاكل حقيقية من بينها القوانين القائمة وأيضاً على الصعيد الاخر صعيد الإرادة الذاتية للقوى السياسية هناك ضعف في هذه الإرادة ضعف في إرادة الصراع الجدي الذي يعبر عن مصالح الجماهير ولدينا ماخذ كثيرة على القوى السياسية..ولكن لن نقول أن القوى السياسية غير موجودة، ومن بين هذه الماخذ ان كثير من هذه القوى غير ثابتة في الموقف ومتذبذبة على الصعيد الوطني والخارجي، على الصعيد الوطني هذه القوى وقعت اتفاقيات منفردة مع النظام وهي تتعارض مع المصالح الوطنية والإرادة الشعبية وفي نفس الوقت الذي تلزمها فيه هذه الاتفاقيات بأن تكون جزءاً من النظام بشكل أو اخر.. وبالفعل مثل هذا البعض في مؤسسات النظام التنفيذية والتشريعية وهي تعلن صباح مساء عن عدم تنفيذ النظام للاتفاقيات الموقعة بينه وبينها، وبالتالي تلاحظ بين أنها جزء من مؤسسات هذا النظام وبين أنها جزء من حركة المعارضة فهي لاتستطيع أن تقود معارضة جدية لاجبار النظام على تسليم السلطة للشعب وقيام ادارة انتقالية وطنية حقيقية وفي نفس الوقت لاتستطيع أن تكونجزءاً أصيلاً من هذا النظام لأن النظام قد حرمها من المشاركة في اتخاذ القرار السياسي وأنا اعتقد أن تكتيك النظام في تفكيك جبهة المعارضة قد نجح بتحييده لقوى واسعة من قوى المعارضة في هذا الصراع وبارباكها وارباك الحركة الجماهيرية من ورائها.. والشعب الان حينما يتطلع للقوى السياسية لايجد هناك جبهة معارضة للنظام بعد أن تداخلت الخنادق واختلطت الألوان وصار التصنيف صعباً بين من هو مشارك في النظام وبين من هو معارض للنظام!
أين يقف حزب البعث العربي الاشتراكي تحديداً من كل ما يحدث في الساحة السياسية!!
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : حزب البعث العربي الاشتراكي لونه واضح وخندقه واضح فهو يقف في خندق الكادحين والمسحوقين من أبناء شعبنا والذين يعانون من القمع ومن ظلامات القهر، وبرنامجه واضح: أن هذا النظام غير مؤهل لقيادة السودان في الفترة الانتقالية وهذه حقيقة أكدها حزب البعث العربي الاشتراكي منذ مطلع الفترة الانتقالية ومنذ توقيع اتفاق نيفاشا من خلال استعراضه لممارسات هذاالنظام طوال الفترة من 1989 م والى حين التوقيع على الاتفاقية وبداية الفترة الانتقالية بل ذهب أبعد من ذلك وقرر أن هذا النظام يقف عقبة كؤود أمام حركة التطور الوطني ولابد من تسليم السلطة للشعب كما فعل الفريق عبود وان لم يفعل ذلك فان واجب القوى السياسية والاجتماعية أن توحد نشاطها ونضالها في سبيل اجبار النظام على تسليم السلطة للشعب وهذا هو الحل ونحن نرى أن أي اجتزاء للمشكلة أو ترقيع للنظام لن يفضي إلى مخرج ديمقراطي من الأزمة القائمة وفي ذلك فان موقفنا ثابت منذ عام 1990م بعد فشل حركة 28 رمضان نحن دعونا إلى نضال سلمي يرتكز على الجماهير لإسقاط هذا النظام.
أنتم تعولون على الجماهير وتتحدثون عنها باستمرار بينما هناك اتهام أنكم من اقل الأحزاب جماهيرية لماذا لايستقطب حزبكم الجماهير لبرنامجه؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : هذا السؤال سؤال وجيه لأن استقطاب الجماهير يأخذ شكلين ويتم في اطارين: الاطار الأول هو أن يتم استقطاب الجماهير لداخل الحزب، أما على صعيد الاستقطاب للبرنامج والخط العام وأنا أكاد أن أجزم بأن جماهير شعبنا مستقطبة تماماً لهذا الخط العام وهي لديها موقف تجاه النظام ثابت منذ عام 1990م على الأقل لأنه عندما قام النظام كان هناك نوع من الضبابية وسط الحركة الجماهيرية حول الموقف من النظام لكن حزبنا منذ اليوم الأول قال إن هذا الانقلاب للجبهة الاسلامية وصدر بيانات بذلك وانطلاقاً من هذه القناعة اتخذ موقفه تجاه الانقلاب واعتبره يؤدي إلى تفتيت البلاد وقال في بيانه الأول أن الأزمة قائمة قبل الإنقاذ ولكن الإنقاذ حل زائف لهذه الأزمة ولن يزيدها إلا تعقيداً وأكثرية القوى السياسية وبعض أطراف الجماهير كانت تعتقد أن هذا مجرد انقلاب عسكري ولم تصيبر الصورة واضحة أمامها إلا في العام 1990م، هذا الارباك أدى إلى تأخير الاضراب السياسي والعصيان المدني المتفق عليه وفقا لميثاق 17 نوفمبر 1985م حينما اجمعت كل القوى السياسية وممثلي القوات المسلحة على هذا الخط إذا حدث أي انقلاب.. ونحن من خلال تجاربنا من خلال مواجهة نظام نميري أدركنا أن المعارضة من الخارج والاتكاء إلى قوى خارجية لن يؤدي إلا إلى تضليل جماهير الشعب بالداخل واضعاف معارضتها، لذلك كنا ضد انتقال مركز المعارضة للخارج وحينما انتقل للخارج انسحبنا منه ثانيا نحن ضد الاتكاء على أي قوى خارجية في صراعنا الوطني لأنه سيترتب عليه رهن مقدرات البلد وقرارها السياسي لقوى خارجية وأجنبية. وفي ذات الوقت رفضنا مبدأ الكفاح المسلح في الصراع الوطني.. فإلى جانب مايحدثه الكفاح المسلح من ضياع في الأرواح والأموال وخراب في البلاد فإن الممول الذي يمدك بالسلاح والمال لابد أن يؤثر على قرارك السياسي ويعني ذلك أن مقولة الكفاح المسلح في صراع وطني سوف تؤدي إلى التراجع عن ثوابتنا الوطنية وهذا كان موضع خلاف كبير بيننا وبين القوى السياسية التي خرجت للخارج وهذا الحديث ينطبق حتى على دارفور والجنوب ونحن خلال أيام نميري دعونا جون قرنق إلى أن يوحد نضال حركته مع نضال قوى المعارضة التي كانت ممثلة في تجمع الشعب السوداني انذاك لاسقاط نظام نميري بطريق ديمقراطي وسلمي وكان رأينا أن الكفاح المسلح في الجنوب رغم الخصوصية التي تيمتع بها سوف يؤدي إلى اراقة الدماء وإلى توسيع الهوة بين الشمال والجنوب لما يخلفه القتال من ضغائن وأحقاد، دعونا جون قرنق لتوحيد نضاله مع نضال الحركة الوطنية في الشمال عبر نضال ديمقراطي سلمي لاسقاط نظام نميري ومن ثم واصلنا ذلك، وقد ذكر ناتسيوس أنهم كانوا يمدون الحركة الشعبية بالأسلحة ويمدون كذلك حركات دارفور وعندما تحمل السلاح انطلاقاً من أثيوبيا أو تشاد أو أي دولة أخرى لابد لك من دعم لوجستي ولابد لك من سلاح وسيارات وقوى للدعم لها أجندتها الخاصة التي تمليها عليك مع تقديرنا لأن ظرف الجنوب يختلف عن بقية أجزاء السودان لأن الجنوب لم يعرف صيغ النضال المدني من بيانات وتظاهرات واضرابات ونقابات و…ألخ جراء التخلف الموروث من الاستعمار والذي كرسته الحكومات التي تعاقبت على الحكم وبشكل خاص حكومة جعفر نميري التي وقعت اتفاقية أديس أبابا ولم تفعل شيئاً لتطوير الجنوب وتحديثه وإلحاقه بركب التقدم النسبي في الشمال إلى أن بدأ التمرد الثاني في 1983م فالجنوب له خصوصية ومع ذلك كنا ندعو اخواننا في الجنوب لأن يوحدوا نضالهم مع نضال الحركة الوطنية في الشمال لمواجهة نظام نميري أو الانتفاضة بعده.. لكن قرنق لم يستجب لدعوتنا بعد الانتفاضة وانما سمى فترة مابعد الانتفاضة " بمايو تو" واستمر في الكفاح المسلح..ودعوتنا هي إذاً دعوة قديمة لنبذ العنف في العمل السياسي واعتماد النضال الديمقراطي السلمي وبتقييمنا لكل التجارب السابقة التي استخدم فيها العنف نستخلص أن استخدام العنف كان معوقاً لحركة التطور الوطني وأدى إلى إطالة أمد الدكتاتوريات في البلد..فمن خلال العنف تفرض حالة الطوارئ إضافةً إلى تعويل الجماهير على المنقذ الذي يأتي من خارج الحدود وهذا مما يضعف المقاومة الداخلية فضلاً عن أن القوى السياسية التي تهاجر خارج القطر وتقود المعارضة من هناك تضعف القواعد في السودان.
هل تعني أنكم لستم مع العمل من خارج حدود الوطن كما ظللتم تنادون بذلك طوال عهد الإنقاذ؟!
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : كثير من أطرافها بينما حزب البعث العربي الاشتراكي ظل يعارض من داخل السودان في ظل نظام نميري لى أن لعب دور طليعي في اسقاط ذك النظام أو في ظل نظام الإنقاذ وبعض الحزبيين الذين اضطرتهم الظروف للخروج خارج السودان لم يعملوا للمعارضة من خارج السودان..كانت القيادة الموجودة بالداخل هي التي تقود الحزب سياسياً وتنظيمياً وتمارس النضال من داخل السودان ومن ناحية أخرى نحن نعتقد أن القيادة الميدانية هي الأجدر والأكثر قدرة على اتخاذ القرار السياسي الصحيح من القوى التي تعيش خارج القطر وتلتقط الأخبار والمعلومات من خلال أجهزة الإعلام والقنوات.
لكن الجماهير الان صارت تتحدث عن الاستهداف وعن الجنائية ولم يعد هناك من يسمع حديثكم عن المعاناة والعصيان المدني والاضراب السياسي؟؟!
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : لا اعتقد ذلك والكلام عن المحكمة الجنائية والتحديات هذا موقف عام، موقف حزب البعث وموقف الجماهير وحزب البعث لديه موقف تجاه المحكمة الجنائية، اما ان الجماهير تراهن على انتخابات القادمة لاحداث تحول ديمقراطي فأنا أشك في ذلك لأن أوسع جماهير شعبنا غير ابهة بهذه البرامج المطروحة لقيام انتخابات فضلاً عن قضاياها الاقتصادية والاجتماعية لذلك أن أعتقد أن حزب البعث وجماهير الشعب السوداني لهم رؤية مشتركة وهناك علاقة جدلية في الأمر، أنت تتحدث عن تحشييد حزب البعث للجماهير وصحيح أن دور أي حزب سياسي القيام بتوعية الجماهير وتنظيمها وتأطيرها وألخ ولكن أنا أعتقد أن موقف جماهير الشعب السوداني متقدم على الأحزاب السياسية ويتسم بالوضوح تجاه النظام وحتى تجاه المواقف المتذبذبة لبعض أطراف المعارضة السياسية التي تراعي الغرب الاستعماري من ناحية وتراعي النظام من ناحية اخرىوتريد أن تتواصل مع الجماهير من ناحية ثالثةوالمثال الأوضح لذلك مشاركتها في مؤسسات الحكم ثم جلوسها على مائدة المعارضة وهو نفس الموقف فهي لاتريد أن تقطع صلتها بالجماهير ولكنها في نفس الوقت تراهن على دور الغرب الاستعماري في إيصالها للسلطة أو دعمها.
على الرغم من حديثك هذا لكن أغلب القوى السياسية والمفكرين والمهتمين بالشأن السوداني يرون أن التدخل الخارجي أصبح واقع في السودان؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : صحيح أن نفوذ القوى الخارجية في السودان أصبح كبيراً للأسف ومظاهره تتجلى في تواجد قوات أممية في جنوب السودان وجبال النوبة ودارفور وبقواعد خلفية في مطارالخرطوم وبعض المدن السودانية، التدخل الأممي في القضايا الداخلية في السودان سواءً الجنوب أو دارفور أو غيره هو تدخل كبير، واستجابة النظام وبعض أطراف القوى المعارضة لهذا التدخل وتعاطيها مع قوى التدخل يعطي مشروعية لقوى التدخل الخارجي ونحن ندافع عن ثوابتنا الوطنية (استقلال البلاد وسيادتها ووحدتها) ونرفض وجود قوات أممية سواءً في جنوب البلاد أو دارفور أو جبال النوبة وأي جزء من السودان ونرفض وجود وصاية من الأجنبي على قرارنا الوطني لابصفة مراقب أو شريك أو وصي أو شاهد أو غيره من المسميات التي ملأت الساحة الان فنحن نناضل ضد هذا.
هل لهذه الأسباب ابتعدتم عن منظومة العمل داخل التجمع الوطني بشكله السابق أم أن التجمع هـو الذي أخرجكم؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : نحن خرجنا من التجمع الوطني في العام 1991 لخروج القوى السياسية المكونة له على ميثاق التجمع ونحن من المؤسسين لهذا التجمع.. وميثاقه يقول أن القيادة بالخرطوم وحدد وسائل النضال والعمل لقيام انتفاضة وعصيان مدني واضراب سياسي، خروج القيادة للخارج واعتمادها وسائل أخرى بما فيها الكفاح المسلح واتكائها على الأجنبي دفعنا للخروج من التجمع الوطني الديمقراطي. والقضية بالنسبة لنا سواءً في ظل نظام عبود أو نميري أو الإنقاذ ليست مجرد قضية اسقاط نظام ونحن نناضل من أجل تحقيق أهداف كلية ومصالح وتطلعات شعب السودان وعندما تصير القضية هي اسقاط النظام بأي وسيلة حتى إذا تعارضت مع مصالح الجماهير فان هذا ضد الإرادة الوطنية وخروج على رغبات الجماهير.
بناءاً على كل هذه التدخلات في السودان وخصوصاً جنوباً هل ترى أن الجنوب سيختار الوحدة أم الانفصال بعد انقضاء الفترة الانتقالية؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : وكما تفضلت قبل قليل فإن التدخل الأجنبي صار له نفوذ كبير في السودان وأن نسبة من القرار السوداني صار مرتهناً للأجنبي ولذلك صار للأجنبي نفوذ في تقرير ما سيصير في الجنوب وحدة أم انفصال لذلك أنا أقول لك إذا ترك الامر لأبناء شعبنا في الجنوب فأنا متيقن من الوحدة وأن خيارها سينتصر أما القوى الخارجية فلها حساباتها التي تدفعها بعض الأحيان إلى الضغط من أجل الوحدة ليس لخدمة السودان إنما لمصالحها أو نحو الانفصال.
كيف تسير استعدادات حزبكم للانتخابات وهل ستخوضونها أم ستقاطعونها خصوصاً وأنتم أصحاب تجربة يعتبرها الكثيرون فاشلة في 1986م؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : نحن مستعدين للانتخابات وفي كل الحالتين سنخوضها بالمشاركة أو المقاطعة لأن المقاطعة هي خوض فإذا قررنا مقاطعتها سنخوضها بشعارات المقاطعة وإذا قررنا أن نشارك سنخوض بشعار المشاركة، وهذا يتوقف على ما سيصير في الفترة القادمة، هل يذهب هذا النظام إلى الالتزام بمقتضيات التحول الديمقراطي أم لا، من ناحية ثانية فان كل القوى السياسية لا تتحدث عن خوض الانتخابات كنوع من الإقرار باستمرارية النظام وإنما بعضهم سمى الانتخابات انتفاضة انتخابية والانتفاضة تعني تغيير النظام والجميع يسعى إلى تغيير هذا النظام وتواجههم اشكالية اتفاقية نيفاشا التي تجعل النظام قائم حتى 2011 بصرف النظر عن نتائج الانتخابات إذا جرت في فبرايرالقادم، إضافة لذلك فأن الاستفتاء على تقرير المصير سيتم في 2011 فهل تجرى الانتخابات لكل السودان وتأتي جمعية تأسيسية " برلمان" منتخبة لا يكون لها دور في اتخاذ القرار حول مصير السودان هذا تناقض كبير، ولا يكون لها دور في تعديل الدستور، وأي جمعية منتخبة في العالم لها الحق في أن تعدل الدستور القائم بالنسب التي يحددها النظام الأساسي لها، ثلثي الأصوات أو الأغلبية العاديةإلخ إذاً ما هو دور هذه الجمعية المنتخبة إذا كانت لاتستطيع أن تؤثر على القرار السياسي في البلد ومفروضه عليها سياسات مسبقة امتداداً لسياسات النظام القائم.. ولو هزم المؤتمر الوطني وجاء حزب أو مجموعة أحزاب بأغلبية فماذا سيكون موقفهم لأنها لو أرادت أن تغير هذه السياسات لابد أن تغير الدستور وتراجع اتفاق نيفاشا وإذن هذه الجمعية ستولد في اطار فترة انتقالية مرسوم لها اطار سياسي محدد.
هل تعني أن البرلمان المنتخب سيكون مثل البرلمان الحالي المعين وفق اتفاق قسمة السلطة والثروة؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : أنا أقول أن البرلمان المنتخب سيواجه مأزق أنه منتخب ويفترض أن يمثل ارادة الشعبية ولكنه لايستطيع أن يغير شيئاً في السياسات القائمة وهذا وضع غريب وشاذ.
من المعروف انكم أول حزب تعرض لإنشقاق في السودان في خلال عهد الإنقاذ هل هناك اتجاه لوحدة داخل حزبكم الان؟
الأستاذ علي الريح الشيخ السنهوري : حزب البعث العربي الاشتراكي موحد ولم تحدث به انشقاقات وإنما حدث تساقط لقيادات وهذه ليست مغالطة أو مكابرة والانشقاق دائماً يحدث في أي حزب حينما يحدث خلاف سياسي أساسي ينشق فيه جسم الحزب ولكن حينما تتساقط عناصر من القيادة أو من خارجها وتفصل لأي سبب من الأسباب فهذا لا يسمى إنشقاق ولأعطيك صورة واضحة فبعض الذين خرجو من الحزب سموا أنفسهم حزب البعث السوداني وغادروا نظرية الحزب وخطه السياسي واستراتيجيته وشكلوا حزب جديد وهناك حزب البعث الأفريقي أفراده لم يكونوا أعضاء في حزب البعث العربي الاشتراكي ولكنه تعجبهم كلمة البعث وهناك تنظيم قام في مطلع السبعينيات من طلبة تخرجوا من القطر السوري وسموا أنفسهم حزب البعث العربي الاشتراكي منظمة السودان وشاركوا في تجمعات القوى السياسية وبشكل خاص بعد الانتفاضة وموجودون الان بقيادة الأستاذ التجاني مصطفى هؤلاء ليسوا انشقاق.
الخرطوم. 2009 م
صحيفة العاصمة