هاني الفردان
أصبح موضوع اختيار الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ممثلاً لعمال البحرين في الداخل والخارج، أمراً محسوماً، وواضحاً، وجلياً من قبل الحكومة، وما تريثها في إعلان النتيجة، إلا مراعاةً فقط لمشاعر «الموالين» الذين استشعروا الحقيقة، وبدأوا في شن هجمات استباقية علهم يستطيعون تغيير ما هو محتوم.
دخل على خط الضغط بالطبع السياسي الأول رئيس تجمع الوحدة عبداللطيف المحمود الذي بارك «الاتحاد الحر»، ودعا ليكون ممثلاً للحركة العمالية في البحرين، وكذلك مجلس النواب الذي أقر مقترحاً عاجلاً أيضاً، بتسمية «الاتحاد الحر» ممثلاً لعمال البحرين.
الحكومة تعلم أنها غير قادرة على إعلان «الاتحاد الحر» ممثلاً لعمال البحرين في الخارج، وحضور المحافل الدولية وفي المفاوضات الجماعية، وذلك لعدم اعتراف منظمة العمل الدولية بهذا الاتحاد «المخالف للقانون»، حتى وإن اعترفت به السلطة.
الحكومة تعلم أن إعطاء «الاتحاد الحر» صفة تمثيل عمال البحرين خارجياً، سيدخلها في إرباكات كبيرة، مع المنظمات العمالية العالمية التي تراعي النواحي القانونية في عملها، وذلك لعلمها (أي الحكومة) أنها خالفت القانون في إقرار وجود «الاتحاد الحر»، وكذلك لإدراك المنظمات الدولية حقيقة وجود وظروف نشأة «الاتحاد الحر»، وحقيقة تبني السلطة البحرينية له.
والسؤال طرحناه منذ منتصف العام 2012: هل الاتحاد الجديد يتعارض أو لا يتعارض مع القانون الساري؟ وهل بإمكان الحكومة التأكد من مطابقة أوراق «الاتحاد الحر» بنصوص القانون، وأن تقول إن الاتحاد الجديد مطابق لاشتراطات القانون ولا يخالف نص المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002، الخاص بـ «التعددية النقابية» في مادته الثامنة، على أنه «يجوز لكل نقابتين أو أكثر من النقابات العمالية المتشابهة (مع وضع خطوط كثيرة تحت كلمة متشابهة) أن تنشئ فيما بينها اتحاداً نقابياً، ويكون إنشاء الاتحاد النقابي والانضمام إليه بعد موافقة أغلبية أعضاء الجمعية العمومية للنقابة العمالية».
هل بإمكان الحكومة أن تفسر للناس معنى كلمة «النقابات العمالية المتشابهة»؟ وأين التشابه في نقابة «ألبا» مثلاً مع نقابة المصرفيين؟ وكيف رحّبت الحكومة بـ «الاتحاد الحر» قبل مطابقته للقانون، وقبل إقرار إيداعه؟ ألا يعد ذلك تجاوزاً صريحاً لقانونٍ واضح المواد؟
هذه المخالفة القانونية، التي تستطيع الحكومة تمريرها داخلياً، من دون حسيب أو رقيب، لا تستطيع أن تمرّرها خارجياً، في ظل فهم المنظمات العمالية العالمية حقيقة الأوضاع البحرينية.
في الجانب الآخر، وجدت الحكومة نفسها عند مراجعة سجلات «الاتحاد الحر» أمام مأزقٍ غريبٍ وعجيب، وهو أن تركيبة «الاتحاد الجديد» تغلب عليه التشكيلة الأجنبية (عمالة أجنبية) في ظل إلمام كل المسئولين في الحكومة ومنذ سنوات طويلة، بعزوف العمال الأجنبية عن الانضمام للحركات النقابية، وهو الأمر الذي يبعث على وجود شكوك عن «تلاعب وتزوير».
«الاتحاد الحر» فطن سريعاً للمأزق، وتدارك الأمر في بيان له نشر في صحف محلية في (13 أبريل/ نيسان 2014)، وذلك عندما «استنكر مخاوف وزير العمل التي أبداها من وجود أعداد من العمالة الأجنبية في عضوية نقابات الاتحاد الحر، وأن وجود هذا العدد من العمالة الأجنبية قد يكون له مردود سلبي على التجربة النقابية بالبحرين»، ففضح «الاتحاد الحر» نفسه بنفسه، وكشف عن ما هو مستورٌ من أمره!
الحقيقة أن الحكومة اكتشفت من خلال التدقيق على سجلات «الاتحاد الحر» وجود أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية، وهو ما أثار «شكوكها ومخاوفها»، وهي مخاوف يدركها جيداً أي متتبع للعمل النقابي في البحرين، ويعلم تماماً بأن العمالة الأجنبية في البحرين لا تُقبل على الحراك النقابي، فكيف تغيّرت وجهة نظرها مؤخراً؟ وكيف أصبحت سجلات «الاتحاد الحر» مليئة بهم!
في حال إعلان الحكومة رسمياً تسمية الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ممثلاً عن عمال البحرين داخلياً وخارجياً، سنقف مع «الاتحاد الحر» في الجانب المتعلق بتهديده بأنه «لن يتنازل عن هذا الحق، وأنه سيطرق جميع السبل القانونية لإقراره خصوصاً عندما ظهر واضحاً أن وزارة العمل لا تعتبر مظلةً لكل عمال البحرين».
سنشد على يد «الاتحاد الحر» في الاتجاه للطعن في المحكمة ضد قرار الحكومة، ووضع جميع مستنداتها وسجلاتها تحت تصرف القضاء، ليحقّق ويفحص ويدقّق في قوائم «الاتحادين»، وليكشف حقيقة التلاعب وإن كانت هناك شبهة «تزوير واحتيال» في قوائم أحد الاتحادين، كما سنطالب الحكومة بالكشف عن ما توصلت إليه أيضاً في هذا الجانب.
كما يبقى سؤال سهل وبسيط أيضاً: كيف يمكن لحكومة البحرين أن تقر اتحاداً يمثل عمال البحرين خارجياً، أغلب أعضائه من الأجانب؟!