سهيلة آل صفر
تواصلاً مع المقالة السابقة وما يتعلق ببعض الأطباء الأجانب، حدثت الكثير من التجاوزات في جمعية الأطباء مؤخراً وأثناء اعادة تكوينها، والكثير منها كان لصالح الأجانب، فالصراعات السياسية تنسي البشر أنفسهم، فيتصرفون بطرق لا تليق بالمستوى المهني الذي وصلوا إليه!
ويغدو البعض من الملتزمين مهنياً، ضحايا وأصبحوا كبش الفداء فيسجنون ويعذبون ويفصلون ويضيع مستقبلهم، في الوقت الذي يُكافأ فيه المخالفون والمنافقون، والذين يسعون للتقرب من السلطة والترقية أو للحصول على الحوافز المادية، مقابل الوشاية بزملائهم.
ودعوني أعرض عليكم القَسم الذي يقسمه الأطباء بعد التخرج، للتمكن من الحكم على تصرفاتهم ومدى التزام البعض!
يبدأ القسم: بسم الله الرحمن الرحيم: أقسم بالله العظيم أن أراقب مهنتي وأن أصون حياة الإنسان في جميع أدوارها والأحوال باذلاً ما في وسعي في استنقاذها من المرض والهلاك والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم وأستر عوراتهم، وأن أكتم أسرارهم وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلاً رعايتي الطبية للقريب والبعيد، للصالح والخاطئ، والصديق والعدو، وأثابر على طلب العلم أسخّره لنفع الإنسان لا لأذاه، وأن أوقّر من علّمني، وأُعلّم من يصغرني، وأكون أخاً لكل زميلٍ في المهنة الطبية، ومتعاونين على البر والتقوى. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقية مما يشينها تجاه الله ورسوله والمؤمنين، والله على ما أقول شهيد.
يرينا هذا القسم مدى نبل المهنة وقدسيتها، التي تضع الأطباء على قائمة الفضيلة والإنسانية، وكيف أنه من واجب الطبيب/ الطبيبة الدفاع عن المرضى وعلاج الضعفاء وحتى الأعداء، وتحت كل الظروف، مع ضرورة كتم الأسرار وعدم الإساءة إلى الزملاء حتى لو كان الزميل مخطئاً، ناهيك عن الاتهامات الخاطئة بحق زملائهم!
لعلّ هذه المقدمة تطلعنا على ما حدث في الجمعية من تجاوزات، وتبدأ بالتجاوز الأول وهو السماح للأطباء الأجانب بالتصويت والانتخاب للهيئة الإدارية، والمخالفة الثانية هي السماح لهم بالانضمام إلى الهيئة الإدارية! الاثنان مخالفان لقانون الجمعية، فهما حقٌ للبحرينيين فقط ولحماية مصالحهم وحقوقهم كما في بقية دول العالم. بينما الأعداد الكبيرة للأجانب الذين يملأون المستشفيات الخاصة والعامة، تم إقحامهم لمشاركة البحرينيين في قضاياهم المحلية ومنافستهم في أرزاقهم، ليصبحوا من أهل الشقاق ما بين أبناء الوطن الواحد. وهكذا أغرقت الجمعية بالأطباء الأجانب في الانتخابات الأخيرة للحصول على الأصواتٍ لضمان الفوز لبعض الأطراف. والمؤسف حقاً أن يقدّم الأطباء هذه المميزات لهم على طبقٍ من ذهب!
أما التجاوز الآخر والأغرب، فهو انضمام بعض أطباء الأسنان إلى جمعية الأطباء على الرغم من أنهم مازالوا أعضاء مسجلين بجمعيتهم! وعندما أدرك أعضاء الجمعية ما يدور وراء الكواليس ومن جلب تلك الأعداد التي تفوق أعداد البحرينيين، أدركوا لعبة السيطرة بالغالبية، إضافةً إلى تكشف المخالفات الأخرى، ولذلك اعلنوا انسحابهم وتسجيل التجاوزات ورفع قضية ضد المخالفين الجدد.
وأود الإشارة هنا إلى أنه في حال إصدار أحد المسئولين من السلطة التنفيذية قراراً يتعارض مع دستور وقانون الجمعية، فإنه لا يصح تطبيقه، إلا بموافقة الجمعية العمومية، إذ عليها أن تعقد اجتماعاً عاماً للموافقة على التعديلات بغالبية الأعضاء.
بعد فترة قصيرة، استمرأت الهيئة الإدارية لجمعية الأطباء الجديدة اللعبة، وقدمت أول ما قدمت، الفصل التعسفي ضد الأطباء المحكوم عليهم بالسجن، دون احترام لقوانين الجمعية التي تنص على الدفاع عن المتهمين في المهنة ومحاولة تخفيف الأحكام عنهم! وهذه القرارات التعسفية لا يمكن أن تكون نافذة، لعدم شرعيتها بسبب عدم مصادقة الجمعية العمومية عليها.
إن المد الأجنبي واحتلال الأغراب للمهنة التي تم توطينها منذ عقود، هو احدى المصائب الكبرى التي ترجعنا إلى الوراء، أما الألم الأكبر فهو الفرقة والخلاف الكبير بين الأطباء البحرينيين، من أبناء وبنات البلد الواحد، وعدم احترام القوانين التي وضعت لأجل حمايتهم، والتلاعب بها وبجوهر القضايا والمبادئ الإنسانية ومخالفة القسم وعدم احترام شروط المهنة الطبية. إنها ألف خسارة للبحرين.