اضطهاد الكفاءات
هاني الفردان
احتشد أمس عدد كبير من المسرحين في القطاعين العام والخاص أمام مبنى وزارة العمل للمطالبة بإرجاعهم لأعمالهم بكرامتهم وحقوقهم الكاملة وتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق التي ألزمت الحكومة نفسها به ولتنفيذ كل ما جاء فيه.
شاركت تضامناً معهم يوم أمس، فكان عددهم كبير جداً، وما ميز الاعتصام الكم الكبير من الكفاءات والقدرات العلمية والعملية ليست على مستوى البحرين فقط بل على المستوى الخليجي.
ماذا نستفيد من فصل استشاريّ أعصاب ومخ لا يوجد منه الكثير، وماذا يمكن لنا ان نجني من فصل مصرفيّ لا يوجد مثله في اختصاصه على مستوى الخليج، وماذا سنكسب من تسريح هذا الكم الكبير من الاستشاريين والأطباء والمهندسين والمدرسين؟! بالأمس وجدت أن معركة المسرحين في البحرين لم تكن تستهدف صغار العاملين والموظفين بل كانت تستقصد النخب والمسئولين والكفاءات والقدرات، وبالتحديد المناصب المهمة.
هل فكرت الدولة من قبل، في منظر كهذا، استشاري جراحة مخ وأعصاب يقف لابساً لافتة كبيرة، ويرفع علم بلاده أمام وزارة العمل وكاميرات الوكالات الأجنبية والقنوات الفضائية تلتقط له الصور وتجري المقابلات معه ومع مجموعة كبيرة من الاستشاريين والأطباء.
أبداً لا أعتقد أنها فكرت في مثل هذه اللحظة، ولا في مثل هذا الموقف الذي يقف فيه واحد من أكبر استشاريّي البحرين في الجراحة والطب رافعاً لافتة يقول فيها «استشاري جراحة دماغ وأعصاب… 30 عاماً من الخدمة في الحقل الطبي… معالجة الجرحى أصبحت جريمة».
استشاري آخر كتب على لافتته «استشاري أنف وأذن وحنجرة… 25 عاماً… فصلت بتهمة التظاهر والاحتجاج».
وآخر كتب أيضاً «استشاري طب الأطفال والمواليد لأكثر من 30 عاماً… عذبت وسجنت لعلاجي الجرحى من أبناء وطني… والآن موقوف عن العمل منذ ثمانية أشهر».
منظر غريب وعجيب لن يتكرر في أي بلد آخر سوى البحرين، منظر لا يمكن أن يستوعب، ومنظر لا يعجب سوى الأنفس المريضة التي ترى فيه انتقاماً يجب أن يقام.
بالطبع المشاركون في الاعتصام مسرحون من كل الطبقات والمستويات ومن مختلف التخصصات، ولكن ما يشد الانتباه كمُّ الأطباء المشاركين والمحتجين، أضف إلى ذلك المنسيين وهم البلديون.
من المعيب جداً الاستمرار على هذا النهج والموقف والرفض لإرجاع المفصولين وإنصافهم.
تبقى الكلمة لكل المفصولين، لكم حق العودة لأعمالكم بكرامتكم وحقوقكم الكاملة بلا شرط ولا قيد ولا إنذار، وبمحاسبة المسئولين عن تعسفاتهم وظلمهم في استغلال الفترة الماضية لتحقيق مآربهم الذاتية الإقصائية