حسن المدحوب
منذ أن تهاوت أسعار النفط عالمياً، دخلت دول الخليج العربي ومن ضمنها البحرين طبعاً، مرحلة اقتصادية صعبة، برزت أهم معالمها في العجز الكبير وغير المسبوق في موازناتها، بالإضافة إلى توجهها بشراهة إلى الاقتراض ورفع الدين العام من أجل سد العجز في تلك الموازنات.
البحرين هذا البلد الصغير الذي يعاني من أزمة اقتصادية وسياسية، تعاني موازنتها للعامين 2015 و2016 من عجز دفتري يبلغ 3 مليارات دينار بالتناصف تقريباً بين العامين، وقد لجأت إلى رفع دينها العام إلى سقف السبعة مليارات من أجل سد هذا العجز.
البحرين وضعت موازنتها على سعر 60 دولاراً لبرميل النفط، ومع الانخفاض المتواتر في أسعار الذهب الأسود التي وصلت حتى الآن إلى 40 دولاراً، من المتوقع أن يرتفع العجز إلى أربعة مليارات بدلاً من ثلاثة، وهذا يعني أن البلد مقبلة على مزيد من الاقتراض من أجل سد هذه الفجوة بين الإيرادات المتناقصة، والمصروفات المتنامية.
الحكومة عمدت إلى فتح ملف الدعم الذي تقدّمه للمواطنين وغير المواطنين، وأوضحت أنه جاء الوقت الذي يجب ألا تقترض فيه خزينة الدولة لتقديم دعم لغير البحريني، وهو توجه منطقي، إلا أن المشكلة تكمن مع الحكومة دائماً في التفاصيل وليس في المبدأ.
الاقتصاديون يبشروننا أن مرحلة التقشف بدأت، وأن علينا شدّ الأحزمة، والحكومة وعلى لسان وزير المالية أكّدت أنها عازمة على اتخاذ قرارات صعبة من أجل إنقاذ الاقتصاد المتهاوي بفعل انخفاض أسعار النفط عالمياً.
ترى ماذا كانت تلك القرارات الصعبة؟ أو على الأقل ما كان أولها؟ كان قرار رفع الدعم عن اللحوم، والحديث يدور عن الكهرباء والماء والبنزين الجيد والممتاز، أي أن القرارات الصعبة ستبدأ أولاً بمعيشة البحرينيين البسطاء وفي أساسيات حياتهم.
الحكومة أساساً هي المؤتمنة على ثروات هذه الأرض التي هي ثروات البحرينيين، ومالهم وحقهم، ونحن معها في الحفاظ على هذه الثروات وعدم بعثرتها، ولكننا لسنا معها في البدء بالمواطن البحريني أولاً، لأنه باختصار (مو ناقص)، فاليوم البحرين تعيش فيها طبقتان لا ثالث لهما، طبقة معدمة أو شبه معدمة، وطبقة أخرى ثرية، ولم يعد هناك مكان للطبقة الوسطى التي يعتبرها الاقتصاديون دينامو أي اقتصاد صحي.
لذلك، نتوقع أن تبدأ الحكومة بنفسها أولاً، وتعمد إلى تقليص رواتب ومزايا وزرائها في بادرة ولو رمزية من أجل أن تقول للناس إننا معكم في ذات الهم، كما ندعو النواب وأعضاء مجلس الشورى أن يبادروا من تلقاء أنفسهم لتخفيض مكافآتهم ومزاياهم التقاعدية، كرسالة تضامن مع الناس الذين أوصلوهم إلى كراسيهم، التي جاءوا لها ليدافعوا عن الناس وعن معيشتهم وحقوقهم.
إذا كانت الحكومة عازمةً على التقشف، فلتبدأ أولاً بنفسها، لا بالناس البسطاء المثقلين بالديون والالتزامات المادية والأزمات المالية التي لها أول وليس لها آخر.