جميل المحاري
حالة العداء التي يعيشها البعض تجاه الجمعيات والقوى السياسية المعارضة التي لا يمكن تفسيرها، تجعله يتشبث بكل ما يمكن أن يشوّه صورة المعارضة.
كنا نسمع عن عمالة القوى المعارضة للدول الأجنبية كالولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وإيران، أما الآن فإن الموضة السائدة هي ربط المعارضة بالإرهاب، ومقارنة ما يقوم به جزء من المعارضة الشعبية من احتجاجات تتصف بالعنف كحرق إطارات في الشارع، مقارنته بما تقوم به الخلايا الداعشية في الدول الخليجية من عمليات انتحارية وتفجير المساجد وقتل المصلين، وإطلاق النار من رشاشات الكلاشنكوف بهدف قتل أكبر عدد من الأبرياء.
في ليلة عيد الأضحى الماضي حدث تفجير في أحد البنوك المحلية في قلب العاصمة المنامة، وحينها أشرت في أحد الأعمدة إلى وجود أيدٍ داعشية وراء هذا التفجير، حينها لم تكن الصورة واضحةً تماماً للجميع، ولكن عمليات مماثلة حدثت في السابق كوضع قنابل محلية الصنع في مكبات النفايات، وقلت أن هذا الأسلوب لا يمكن أن يكون من صنع أيٍّ من القوى السياسية المعارضة مهما كان توجّهها، لسبب بسيط وهو عدم وجود مبرّر لذلك. حينها تم اتهامي بالكذب والتلفيق، وها هو الواقع يؤكّد ما ذهبت إليه.
مهما بلغ حد العنف الذي يستخدمه فصيلٌ معينٌ من المعارضة فإنه لن يصل إلى حد استهداف الأبرياء على الإطلاق، وغاية ما قد يحدث خلال المواجهات بين المحتجين وقوى الأمن هو استهداف كلٍّ منهما الآخر، ومع ذلك فإن جميع القوى السياسية تقف ضد هذا الأسلوب وتؤكّد على سلمية الحراك الشعبي.
نعم هناك من استخدم أسلوب العنف ضد رجال الأمن، لا أحد ينكر ذلك، ولا أحد يبرّره أو يقف معه، حتى وإن كان ذلك ضمن مناوشات يستخدم فيها كل طرف أسلوب العنف غير المبرّر، أو المبالغة في استخدامه، وذلك لم يكن من جانب واحد فقط وإنما كان من الجانبين، كما جاء في تقرير اللجنة الوطنية لكشف الحقائق، وكان ذلك في فترة محددة تم تجاوزها في الوقت الحالي، ولم يبق الآن من استخدام العنف غير حالات قليلة آخذة في التقلص شيئاً فشيئاً يتم خلالها حرق الإطارات.
كما أن خلط الأمور من خلال وصف جميع الجمعيات السياسية المعارضة بالتطرف والإرهاب لكسب تعاطف الرأي العام، أسلوبٌ فيه من الكذب والتلفيق والتزوير ما لا يمكن لأحد تصديقه، فلا يمكن لأحدٍ أن يقتنع بأن أعضاء جمعية المنبر التقدمي أو جمعية العمل الديمقراطي «وعد» أو جمعية الإخاء أو جمعية التجمع الوطني الديمقراطي أو جمعية التجمع القومي الديمقراطي أو حتى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية يمكن أن يمارسوا أعمال عنف أو تخريب، فهذه الجمعيات معروف تماماً خطها السياسي وأسلوب عملها وأهدافها.
محاولة إقناع الناس بأن حرق إطار في شارع، وتفجير حزام ناسف في مسجد في إطار واحد وخانة واحدة ووصف العملين بالإرهاب الذي يجب محاربته والقضاء عليه دون تفريق، وخلط الأمور بهذه الصورة المتعمدة، تحتاج للقيام بها إلى ساحر أو مشعوذ.