في الكلمة التي ألقاها رئيس الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مؤخرا بمناسبة اليوم الوطني، تحدث عن قضية الجزر الاماراتية المحتلة. وفي حديثه، تطرق الى نقطتين. الاولى، أكد حق الامارات في الجزر والعمل على استعادة هذا الحق. والثانية، دعا ايران الى قبول الدخول في حوار ثنائي حول القضية.
والذي قاله رئيس الامارات تعبير عن الموقف ليس الاماراتي فقط، وانما الخليجي العربي العام من قضية الجزر، وتعبير عن رغبة في حل القضية بشكل حضاري عبر الحوار المباشر بين البلدين.
لكن رد الفعل الايراني على ما قاله الشيخ خليفة بن زايد، جاء غريبا، ولا يمكن فهمه او قبوله.
في البداية، خرج المتحدث باسم الخارجية الايرانية حسن قشقاوي، وقال ان ايران ترفض تصريحات رئيس الامارات، ونصح الامارات بـ "عدم التأثر بايحاءات اولئك الذين لا يريدون الخير والمنفعة للمنطقة". ودعا الامارات الى "الاهتمام بالوحدة والتضامن بين دول المنطقة والعالم الاسلامي بدلا من تكرار مزاعم خاوية لا اساس لها من الصحة".
وفي اليوم التالي، خرج وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي لينصح الامارات بأن "تنأى جانبا عن سياسات المهزومين في بريطانيا وامريكا" وان "تسهم في ظل المزيد من الشعور بالمسئولية في تدعيم عملية التقارب في المنطقة".
وفي نفس اليوم، ذكرت وكالات الانباء الايرانية ان علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الايراني، "وجه تحذيرا شديدا الى الدول العربية في المنطقة".
هذا الموقف الذي عبر عنه المسئولون الايرانيون هو كما قلت موقف غريب، ينطوي على تناقضات كثيرة، ولا يمكن ان يكون مقبولا.
اولا: ما الذي ترفضه ايران بالضبط في تصريحات رئيس الامارات؟.. هل ترفض اعلان الامارات موقفها من قضية الجزر؟
ايران من حقها ان تعبر عن موقفها هي من قضية الجزر. لكن ليس من حقها ان تصادر حق الامارات في اعلان موقفها وفي تأكيد اصرارها على استعادة الجزر المحتلة.
ام، هل ترفض ايران الدعوة التي اطلقها رئيس الامارات لفتح حوار ثنائي حول القضية؟
الغريب هنا، ان المسئولين الايرانيبن انفسهم يؤكدون في كل مناسبة ان أي مشاكل مع الدول الخليجية العربية يمكن ان تحل عن طريق الحوار. فما هو اذن، معنى او منطق رفض الحوار مع الامارات حول هذه القضية؟
المعنى الواضح هنا، ان ايران تريد حوارا، ولكن بشرط ان يدور حول القضايا التي تريدها هي، وبشرط ان تقبل الدول العربية سلفا بموقف ايران وتسلم به.
ولا يمكن ان يكون هذا منطقا مقبولا او يؤسس لعلاقات طيبة.
واذا كانت ايران تكافح من اجل ان تقبل "القوى المهزومة في امريكا" حوارا معها لحل القضية النووية سلميا، فلماذا ترفض حوارا مع دولة جارة حول قضية مثل قضية الجزر؟
وثانيا: ما معنى دعوة المسئولين الايرانيين للامارات الى نسيان قضية الجزر، والتركيز على التضامن والتعاون؟
كيف يكون هناك تضامن وتعاون بين دول المنطقة وايران اذا لم تتم مناقشة المشاكل المعلقة وحسمها؟ على أي اساس سيقوم هذا التضامن اذن؟
الحقيقة المؤسفة التي من المفروض ان يدركها المسئولون الايرانيون، انه بمثل هذه المواقف المرفوضة من قضية الجزر وغيرها، وبمثل هذه اللغة المتعالية.. لغة التحذير والاملاء، لا يمكن ان تقوم العلاقات مع الدول الخليجية العربية على اسس سليمة، ولا يمكن ان تتطور الى الامام. هذه المواقف وهذه اللغة ليست مرفوضة على المستوى الرسمي العربي فقط، وانما على المستوى الشعبي ايضا.
أخبار الخليج العدد 11216 – الاحد 7 ديسمبر