هاني الفردان
كنا ننتظر من وزارة الخارجية البحرينية الرد على جهاد الخازن في كتاباته التي تتعمد الإساءة والمس بسيادة البحرين ومواطنيها في كل مرة.
كنا نتمنى أن نجد موقفاً واضحاً وصريحاً من "دبلوماسيي" هذا البلد، من كتابات ذلك "الذي لا يتذكر إلا مراهقته" في حديثه عن البحرين، ووصفها بأنها "بلا سيادة"، ولا قدرة على حماية نفسها، وتستعين بدول أخرى لحمايتها.
كنا ننتظر ذلك الرد الذي اعتدنا عليه من قبل السلطة وأجهزتها والذي عادة ما يبدأ بهذه العبارة: "في ظلّ الجهود المتواصلة في الردّ على المغالطات وإظهار الحقائق، وردّاً على بيانات ومذكرات ومعلومات مغلوطة لمنظمات حقوقية (أو دول أو أي جهة كانت) فإن للحكومة ردّاً وتوضيحاً على تلك المغالطات".
نسجل استغرابنا الشديد من تبني وكيل وزارة الخارجية للشئون الإقليمية ومجلس التعاون السفير حمد العامر عبر حسابه الخاص بـ "تويتر" مقتطفات من مقال جهاد الخازن بصحيفة "الحياة" يوم الخميس (22 مايو/ أيار 2014) والتي يؤكد فيها إرسال "السعودية والإمارات قوات للدفاع عن البحرين، وأن مصر والأردن على استعداد لإرسال قوات عسكرية للبحرين"، مؤكداً الوجود الأردني في البحرين.
هل نعتبر ذلك النقل من قبل وكيل وزارة الخارجية، تأييداً لما يقوله الخازن عن وجود عسكري غير بحريني في البحرين سواء كان خليجياً أو عربياً ممثلاً في كونه أردنياً، وهو ما تنفيه السلطة بشدة، وتؤكد على أن وجود "الدرك الأردني في البحرين، هو لأغراض التدريب فقط".
أليس من الأوجب على الوكيل الرد على ذلك الكاتب، بدلاً من نقله وتأكيده، وتبنيه، والترويج له عبر حسابه الخاص بـ "تويتر".
وهل يتبنى وكيل وزارة الخارجية، فكرة إدخال قوات مصرية وأردنية إضافة إلى القوات السعودية والإماراتية في البحرين؟ ولمواجهة من كل تلك القوات؟
يعتبر وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن آراءه الشخصية لا تفترق عن سياسة الدولة، وقال في مقابلة مع قناة "العربية" (23 سبتمبر/ أيلول 2014): "آرائي الشخصية لا تختلف عن سياسة دولتي، فأنا أعرف التوجيه والمجال الذي أتحدث فيه وتختلف الأساليب والحروف والكلمات، فأنا أخاطب شعباً طيباً، وهذا الشعب الطيب في نهاية الأمر يقدر الشخص الذي يكلمه، ولا عندي شيء يعتبر رأياً شخصياً ورأياً رسمياً وهذا شيء مؤمن به".
وهذا الرأي الذي يطرحه الوزير، يجرّ نفسه إلى وكيله أيضاً، الذي "روّج" عبر حسابه الخاص وتبنى ما يقوله الخازن عن استعداد الأردن ومصر لدخول البحرين عسكرياً، وعن وجود أمني أردني في البحرين حالياً.
في 11 يناير/ كانون الثاني 2014 رد وزير الخارجية بنفسه على الكاتب المصري البارز محمد حسنين هيكل وطالبه بـ "إثبات مزاعمه أو الصمت"، بخصوص حديثه عن تفاصيل حدوث مفاوضات عربية – إيرانية على البحرين وجزر الإمارات في ستينات القرن الماضي، مع شاه إيران.
فلماذا، لم نشهد أي رد حتى الآن من قبل وزير الخارجية، على "خزعبلات" الخازن المستمرة وغير المتوقفة، ومطالبته بإثبات ما يقول خصوصاً في مساءلة توجه البحرين لمنح "الجنسية البحرينية لـ 100 ألف خليجي ليصبح الشيعة أقلية" (12 أكتوبر/ تشرين الأول 2013)، ومطالبته أيضاً بإثبات ذلك!
كما هو معتاد ومعروف عن الخازن، فقد هاجم "المعارضة" ووصمها بـ "الخيانة" والعمالة للخارج، أمر ليس بجديد ولا غريب عليه وقد كرره في مقاله الأخير أيضاً، فهو كاتب معروف بمواقفه وتأييده المطلق للجانب الرسمي، وبالتالي فإن معاداته للمعارضة يُعتبر أمراً طبيعياً ووظيفياً له.
منذ قرابة ثلاث سنوات والخازن في كل مقال يكتبه عن البحرين، يعيد ويكرر أنه "يعرف البحرين منذ أن كان يُودِّعُ مراهقته، قبل أكثر من نصف قرن، وله أصدقاء شيعة فيها، ويعرف حتى سائقي التاكسي"، ومع كل ذلك يصف فئة كبيرة من شعب البحرين بأنهم "خونة وعملاء"، حتى صاحب التاكسي وأصدقاؤه الشيعة أيضاً الذين يودهم منذ مراهقته التي لم تودعه بعد حتى الآن.
في عدة مقالات قدح الخازن "حكومة البحرين" وأهانها، وتجرأ عليها، بل أخرجها بلا شخصية، ولا إرادة، ونزع عنها صفة السيادة. أمّا في مقاله يوم الخميس (22 مايو 2014) فقد أثبت الوجود الأردني الأمني في البحرين، وذلك نتيجة ما له من "علاقة بالوضع من متابعتي له مع الملك عبدالله الثاني وحكومته، والملك حمد بن عيسى وحكومته"، على حد قوله.
في أكتوبر 2013 عندما تحدث الخازن عن سعي البحرين لـ "تجنيس 100 خليجي سني لجعل الشيعة أقلية"، فقد أكد (ولم ينفِ) حديث خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في 23 سبتمبر/ أيلول 2013 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أشار إلى وجود "توتر طائفي" في البحرين، وهو ما ينفيه وزير الخارجية ومسئولي وزارته، فلماذا لم ترد الوزارة على الخازن!
المكنة الإعلامية في البحرين والدبلوماسية، غير منتبهة لخطورة "الموالين المغفلين" أو بالأحرى الذين لم يودعوا مراهقتهم بعد، فهم أخطر من "المعارضين" عندما يكتبون بسذاجة وغباء يسيء أكثر مما ينفع، ويفضح أكثر مما يدفع.
فإلى وكيل وزارة الخارجية، هل تتبنى خطاباً تنفيه السلطة دوماً؟
وإلى وزير الخارجية، ألا يستحق الخازن رداً، كما ردك على هيكل؟
24/05/2014 م
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.