لكي لا يبقى التغيير الوزاري نظرياً ومتجرداً من منظوره في التحديث والتطوير وإصلاح مواقع الخلل، ولكي يحقق التعديل الوزاري أهدافه الحقيقية في ترميم جهاز الإعلام البحريني الذي تعدى فيه الخراب الإداري إلى ما دون خط الصفر، فإنه من الأهمية بمكان إستمرار عملية التغيير والتعديل لتصل إلى أجهزة الوزارة كافة وخصوصا في مستوى القيادة العليا، للتخلص من أسباب فشل الإدارة القديمة من ناحية،
ولتحقيق نقلة نوعية ومتقدمة في العمل الإعلامي من ناحية أخرى… وضمن هذا المنظور نواصل الكشف عن مواقع الضعف والخلل في وزارة الإعلام بعد أن طال الانتظار ولم يتمكن العاملون في هذه الوزارة من إيصال صوتهم إلى من بيده سلطة التغيير والتعديل. هيئة الإذاعة والتلفزيون، تعد أكبر قطاعات جهاز الإعلام، وعليها تقوم كل أعمدة الإعلام البحريني… إلا إن هذا القطاع أصبح منسياً، ولم يعد له أي دور سوى عرض الزيارات الرسمية لقادة البلاد، وفعاليات بعض القطاعات العامة والخاصة، أما الباقي فلا أهمية له ولا جاذبية ولا يتناسب مستواه الفني والإنتاجي مع مستوى الإرسال على محطة فضائية باهظة التكاليف. هذه الهيئة تدار بواسطة رئيسها المعيّن بالوكالة، بجانب منصبه في جهاز إعلامي آخر أصبح في حكم المنسي وغير الفاعل… وتشكو الكوادر الإعلامية داخل الهيئة من سوء الإدارة التي نختصرها في التالي: 1- غالبية القيادات الإدارية في الهيئة عينت بالإنابة في عهد الرئيس الجديد. 2- لا تلتزم إدارة الهيئة بمعايير الإعلام والتخصص الإعلامي أو الجودة في تعييناتها، وعادة ما يكون المعيار هو اسم العائلة أو لعبة المصالح. 3- استغلال السلطة الإدارية في ممارسات غير لائقة. 4- تهميش وإقصاء أعداد من الكوادر الإعلامية بصورة لا إنسانية ومن دون إعلان الأسباب، بعد سنوات طويلة من العمل. 5- يتميّز اسلوب الإدارة في الهيئة بالتعالي لدرجة الإهانة، والمزاجية في التعامل وفي التعيين، اللاإنسانية والشتائم، وتقليص الأجور لترهيب الموظف وتحديد خياراته. 6- عدم تقدير الكفاءات، وعدم تطوير أو تحديث الكوادر، وعدم وجود خطة إعلامية أو برامجية معدة ومعلن عنها سلفاً، وتعد المزاجية والتقرب من الإدارة معياراً أساسياً في الترقيات. وحيث إن ليس كل ما يُعرَف يُكتَب، فيمكن وضع كل ما وصلنا خلال الفترة الماضية عن هيئة الإذاعة والتلفزيون، وأسباب تدني إنتاجاتها وإبداعاتها، في صورة يمكن فهمها وتصورها، فهذه الهيئة قد تحولت إلى إقطاعية وملكية خاصة للقائمين عليها، وتحول الموظفون إلى مأجورين لخدمة الإقطاعية وسيدها، الحاكم بأمره، فهو من يتحكّم في مصيرهم، ويُحَدد إنتاجهم، ويُحَرّم عليهم الإبداع، ويعاقب من لا يطيع ويخالف الأوامر والتعليمات. والأنكى من ذلك هو دخول هذه الهيئة في حدود التهديد الأكبر المتربص بالمجتمع بأكمله، وهو وضع المعيار الطائفي ضمن معايير القرارات الإدارية في هذا الجهاز الحكومي الخطير. فعندما تتمكّن هذه الآفة من النفاذ إلى جهاز الإعلام، عندها يجب أن ندق ناقوس خطر كارثة الوباء المرضي. فأي نوع من الإدارات هذه التي تأسست في وزارة الإعلام… وأي نوع من السلوك الإداري هذا الذي استُحدِثَ في هيئة الإذاعة والتلفزيون… ويا ترى من أين سيبدأ سعادة الوزير عمله في تصحيح هذا الخراب ؟!