عقيل ميرزا
قبل ثلاثة أيام فقط وبالتحديد في 8 يوليو/ تموز الجاري أصدرت محكمة صينية حكم الإعدام مع وقف التنفيذ بحق وزير السكك الحديد السابق ليو تشيجيون المتهم بالفساد والذي يخفف عموماً إلى السجن المؤبد.
وأصدرت المحكمة في بكين حكمها بحق ليو تشيجيون الذي أدى سلوكه إلى تشويه صورة إدارة السكك الحديد إلى حد كبير بعدما كانت معروفة بسرعة نموها، بتهم مختلفة تتراوح بين الاختلاس واستغلال السلطة، وأمرت المحكمة أيضاً بمصادرة كل أملاكه وأمواله.
وبث التلفزيون الرسمي صوراً للرجل وقد بدا هزيلاً وهادئاً عند تلاوة الحكم.
ويعتقد أن حجم هذه الفضيحة الضخمة التي تورط فيها الوزير السابق يصل إلى 800 مليون يوان (130 مليون دولار).
واتهم ليو بتلقي رشا ما بين العامين 1986 و2011 بلغ مجموعها 64.4 مليون يوان، وذلك مقابل ترقيات أو عقود منحها من دون وجه حق.
الفرق بيننا وبين الآخرين أننا نرى الفساد ينخر عظام الوطن نخراً، ولكننا لا نرى مفسدين، فهل أن المفسدين في كل بقاع الأرض بشر يمكن للقانون أن يحاصرهم، بينما المفسدون لدينا جنّ لا يمكن رؤيتهم بالعين المجرد ولا حتى غير المجردة.
لا يمر يوم إلا ونسمع أو نقرأ عن قصة فساد طويلة عريضة، إلا أن أبطالها دائماً ضمير مستتر، فما هي خلقة هؤلاء المفسدين الذين تسمع عن فسادهم ولكنك لا تسمع عنهم؟!
نحن لا نريد أن تُنصب المشانق في الشوارع لتعليق المفسدين كما فعل الصينيون بوزير السكك الحديد، ولكن نريد أن نسمع عن محاكمة مسئول بتهمة رشوة، أو عن استجواب وزير بتهمة فساد، أو عن مساءلة مدير بتهمة تلاعب، أم أننا نعيش في مدينة فاضلة لا يأتيها الفساد من بين يديها ولا من خلفها؟!
فلنترك كل الجهات المشبوهة والمتهمة بالخيانة، والعمالة فهي جهات تتغنى بالفساد للاصطياد في الماء العكر، ولنعكف على التقارير والتصريحات الرسمية التي تقر بوجود الفساد في الكثير من الإدارات الرسمية، فتقارير ديوان الرقابة المالية وقفت على الكثير من تلك التجاوزات، إلا أننا نسمع تفاصيل التفاصيل لهذا الفساد المستشري، بينما لا نسمع من ضمن التفاصيل عن مفسدين، وكأن المفسدين من كوكب آخر يهبطون علينا في جنح الظلام ويعيثون في الأرض الفساد ويغادرون قبل الفجر.
ما طال المفسدون لا يعرفون طريق المحاكم، ولا يفهمون معنى المساءلة، ولا يقفون على منصة الاستجواب، فإن للفساد مستقبلاً زاهراً.