عقيل ميرزا
عدد من أعضاء المجالس البلدية اعتبروا في تصريحات نشرتها «الوسط» بداية الأسبوع الجاري أن المشروعات التي تم الإعلان عن تمويلها من المارشال الخليجي تتجه بنا إلى «تركيز الأزمات التي تعاني منها البحرين، والتي هي سبب الأزمة الكبيرة التي تعيشها البحرين» معللة ذلك بأن «المارشال لا يوجَّهُ بشكل صحيح وتستثنى منه مناطق»، مؤكدين أن «عملية توزيع المشروعات التي ستمول من المارشال الخليجي ستزيد من الأزمات التي تعاني منها البحرين ما يعني إعادة إنتاج الأزمة في البلد».
وإن طغت الصبغة السياسية على الأزمة التي لا زالت تشهدها البحرين إلا أن جزءاً كبيراً من أسباب تفجرها تردّي الخدمات الأساسية ومن أهم هذه الخدمات الخدمة الإسكانية، فالمواطن في الوقت الذي يرى فيه كيف تتعاظم الأبنية وناطحات السحاب من حوله، وكيف تتحول البحار والقفار إلى مدن تجارية بمليارات الدنانير في ليلة وضحاها، فإن هذا المواطن يحتاج إلى الحصول على وحدة سكنية لا تزيد عن 200 متر مربع إلى ربع قرن من عمره وعمر أسرته.
ما سبق ليس ضرباً من المبالغة، فقبل أقل من أسبوع كنت في أحد المجالس بجوار رجل يسكن في منطقة السنابس لم تقع عيني على شعرة سواء بين بياض لحيته الكثيفة، ولم تقع عيني على شعرة لا سوداء ولا بيضاء على رأسه، كان يشكو لي وضعه مع الإسكان وكيف وصل أولاده وبناته إلى الجامعة، وبعضهم في سن الزواج إلا أنه لا يزال ينتظر قسيمة سكنية وُعد بها في المدينة الشمالية، ولما سألته عن تاريخ طلبه الأول قبل أن يستبدله ذكر أن طلبه يعود لسنة 85 من القرن الماضي، وهي مدة تزيد على ربع قرن!
هذا المواطن عيّنة من عيّنات بعشرات الآلاف؛ فقائمة الانتظار في وزارة الإسكان تربو على الخمسين ألف طلب! وبعد كل هذه العقود من السنوات يأتي المارشال الخليجي الذي اعتقد كثير من الناس بأنه سيغيّر هذا الوضع، إلا أنهم بعد الإعلان عن بعض المشروعات شعروا بأن المارشال الذي كان الأمل منه نزع جزء من فتيل الأزمة وإذا به يوزع بطريقة قد تعزز من الأزمة، بحسب الأعضاء البلديين.
أكثر الحديث قبحاً هو الحديث بلغة طائفية، وأترفع عن تسمية المشروعات التي تم الإعلان عنها، ولكن هذا لا يعني صحة أن تتضمن المرحلة الأولى من المنحة الكويتية إنشاء 2100 وحدة سكنية بالمدينة الشمالية، بينما تتضمن المرحلة نفسها إنشاء 4500 وحدة سكنية شرق منطقة لا تزيد مساحتها عن قرية واحدة من قرى الشمالية.
نحتاج أن نستخدم المارشال الخليجي في إطفاء فتيل الأزمة لا إشعالها، وهو أمر لا تنفع معه التصريحات بل تنفع معه الخطوات العملية على أرض الواقع المرير الذي يحتاج إلى معالجة حقيقية، وإذا لم نستطع حل أزمة تتعلق بوحدة سكنية موازنتها متوافرة، فكيف إذاً سنتمكن من حل الأزمة السياسية التي هي الأخرى على قائمة الانتظار؟!