إن وجود " الانتماء القومي " على مدى التاريخ كله ليس موضع نقاش عند أحد. فقد كان ثمة في التاريخ دائماً ، هنود وصينيون وعرب وفرس وفرنسيون وإنجليز ويونان وغيرهم ، كانوا دائماً موجودين ومازالوا موجودين ، قد تتغير وهؤلاء أو أولئك ، قد تتسع أو تضيق وقد تزداد أهميتهم في التاريخ أو تنكمش ، وقد يتقوقعون على أنفسهم أو يظهرون إلى العالم بقوة ، وقد تختفي أمم كانت موجودة لتكون أمم لم تكن موجودة ، وقد تندمج قومية في قومية لتولد قومية جديدة ، أو تنقسم قومية كانت موجودة إلى أكثر من قومية ، ولكن مبدأ القومية لم يختفي أبداً من التاريخ.
أما عن الشعور القومي لهو لم يكن دائماً هو الشعور الأوحد ولا هو الشعور الطاغي حتماً. ومن أجل ذلك فالولاء الذي يستدعيه أي انتماء اجتماعي قد يكون في فترات تاريخية مختلفة ، ولاءً دينياً أو عرقياً أو طبقياً أو قبلياً أو قومياً ، والذي يفرض هذا الشعور أو ذاك في مرحلة ماهوالخصائص التاريخية لتلك المرحلة.
إن لكل انتماء قومي ظرفه التاريخي الخاص به وعوامله التاريخية الخاصة ، وقد يكون لمجموعة أمم متاشبهة في ظروفها الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية ما يجمع بين هذه العوامل أو يقرب بينها في التصنيف ، فنشوء القومية البريطانية مختلفة عن نشوء القومية الفرنسية أو الهولندية أو الألمانية ، ومع ذلك ثمة من الخصائص ما يجمع بينها لتضيف جميعها بأنها قوميات العالم الصناعي البرجوازي.