جميل المحاري
من يؤمن بالحل السياسي للأزمة في البحرين لا يمكنه إلا أن يدين أعمال العنف مهما كان مصدرها، فالعنف لا يولّد إلا عنفاً مضاداً، ولذلك فإن القوى السياسية المعارضة ومنذ الدقائق الأولى لانتشار خبر عملية التفجير في منطقة الديه، والتي راح ضحيتها ثلاثة من أفراد الأمن، أصدرت بياناً واضحاً تدين فيه هذا العمل، وتتبرأ ممن قام به، حتى أنها دعت جميع أبناء البحرين إلى التبرؤ مما يسمى بسرايا الأشتر والمقاومة، وأكدت في بيانها أن «الحراك الشعبي في البحرين هو حراك سلمي بشكل قاطع، ولا علاقة له بكل ما يحدث خارج عنوان الحراك الشعبي السلمي».
لقد كان الحراك الشعبي البحريني ومنذ أيام الاستعمار الإنجليزي سلمياً ولم يتخذ من العنف أسلوباً في أي يوم من الأيام.
تمر علينا الذكرى الـ 49 لانتفاضة مارس المجيدة، والتي يحتفل بها في الخامس من مارس/ آذار بنفس الأجواء التي عاشتها البحرين منذ ما يقارب الخمسين عاماً.
لقد بدأت انتفاضة مارس بشكل عفوي احتجاجاً على فصل أكثر من 400 عامل بحريني من شركة نفط البحرين ليتضامن الطلبة مع المفصولين ولتخرج أول مسيرة جماهيرية طلابية من مدرسة الهداية الخليفية في المحرق في الخامس من مارس 1965، ولتعم بعد ذلك بأيام المظاهرات والمسيرات جميع مدن وقرى البحرين، لتطالب بالاستقلال، وإجراء إصلاحات سياسية وإدارية.
كانت المطالب الجماهيرية تتضمن، وضع حد لإجراءات الفصل في «بابكو» وإعادة العمال المفصولين إلى العمل، والسماح بتكوين النقابات العمالية، وإنهاء حالة الطوارئ والقوانين المرتبطة بها في البحرين، وإنهاء خدمات البريطانيين وغير البحرينيين في قوة الشرطة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.
كان من الممكن أن يتم احتواء الاحتجاجات بتنفيذ المطالب الشعبية أو عدد منها بدلاً من استخدام القوة في فض المظاهرات، ولكن السلطة في ذلك الوقت، فضّلت الخيار الثاني ما أدى إلى سقوط 6 شهداء، وعشرات الجرحى، هم الشهيد عبدالله سعيد الغانم (استشهد في 13 مارس)، الشهيد عبدالنبي محمد سرحان (استشهد في 14 مارس)، الشهيد جاسم خليل عبدالله (استشهد في 14 مارس)، الشهيد عبدالله مرهون سرحان (استشهد في 14 مارس)، الشهيد عبدالله حسين نجم بونودة (استشهد في 24 مارس)، والشهيد فيصل عباس القصاب (استشهد في 14 أبريل/ نيسان).
لقد قدمت البحرين من أجل الحرية والديمقراطية والعدل خلال تاريخها الحديث، مئات الشهداء والجرحى، بدءاً من حركة الهيئة في العام 1956، وحتى الآن، فهل يمكن أن نستفيد من هذا التاريخ الدامي، ونؤمن أن الحوار بين مختلف الأطراف يمكن أن يكون بديلاً عن إسالة الدماء؟