عيسى سيار
لا يوجد لدي أدنى شك من أن أهل البحرين المخلصين والغيورين على حاضرها ومستقبلها تبكي قلوبهم قبل عيونهم بحرقة ويعتصر قلوبهم الألم على هذا التشرذم والتخندق الطائفي الذي وصل إليه حال البلاد والعباد في بلد الحضارة الدلمونية والإسلامية، فالكثير من شعوب العالم كانوا حتى قبل فبراير/ شباط 2011 يتكلمون عن الشعب البحريني كنموذج للأخوة والتسامح المذهبي والتعايش السلمي، كانوا يتكلمون عن سمو أخلاقنا في التعامل مع الغريب كانوا يتكلمون عن آداب الطريق العالية التي نتمتع بها… كانوا يتكلمون عن الإنسان البحريني الذي يبني بلده بساعده ويعمل في وظائف ومهن يتأفف ويتعالى عليها مواطنو دول أخرى!… كانوا… وكانوا… أما اليوم فالشعوب الأخرى تتكلم عن مأساتنا تتكلم عن… حاضرنا البائس ومستقبلنا الغامض تتكلم عن… سيناريوهات سوداوية قد تصل البحرين إليها لو استمر الوضع على ما هو عليه.
وهنا وعند هذا المنعطف التاريخي الخطير الذي يمر به الشعب البحريني أوجه ندائي الى الغالبية الصامتة الى الأحرار من أهل البحرين وأقول لهم: تحرروا انفعلوا انطقوا… إفعلوا شيئاً لا تقفوا كالمسمار! واقتدوا بنداء الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم عندما طالب المسلمين بعدم الوقوف متفرجين عندما يرون المنكر، وأقصد هنا بالمنكر الفوضى السياسية والطائفية البغيضة التي يكتوي بنارها الشعب البحريني. لذا يتوجب على الشعب البحريني بجميع مكوناته ان يخرج عن صمته ويتحرر من خوفه ويقول للفرقاء السياسيين لقد شبعنا مناكفات ومهاترات سياسية وان هذه المناكفات والمهاترات لم ولن تخرج البحرين من أزمتها بل هي تعمل على تغليظ قلوب أفراد الشعب البحريني على بعضه البعض وزيادة الفرقة والكراهية وسكب الزيت على النار، حيث ان هناك فئات ومجاميع وتكتلات تنتظر ما يطلب منها فعله زعماؤهم الدينيون السياسيون! وهذه الأفعال والممارسات على الأرض هي التي قد تدفع البلد الى مواجهات أهلية لا تحمد عقباها وهنا ننصح قادة الفرقاء السياسيين… حذار ثم حذار من انفلات عقال الطائفية فإنها والله ستصيب الجميع في مقتل. إذاً قولوا لهم لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا كما قالها سيدنا عمر رضي الله عنه.
لقد وجهت مناشدات عديدة كمواطن ومازلت للفرقاء السياسيين باسم الضمير البحريني أن يتحركوا… ويلتقوا عند وسط الطريق من أجل الوطن ولكن مع الأسف لا حياة لمن تنادي لذا المطلوب من الشعب البحريني الأصيل وهذه رسالة أوجهها الى الغالبية الصامتة وأقول لهم ألم يحن الوقت للتخلص من خوفكم من هواجس ذات ابعاد طائفية، والتي زرعتها قيادات سياسية ودينية من هذا الفريق أو ذاك في نفوس البحرينيين من أجل بقاء الوضع على ماهو عليه حيث إنهم المستفيدون الوحيدون! قولوا لهم لا نقبل منكم بأن تتلاعبوا بتاريخ وأعراف وتقاليد الشعب البحريني الأصيل… قولوا لهم لا تزايدوا على نضالات وتضحيات الشعب البحريني التي قدمها عبر المنعطفات التاريخية ومنذ عشرينيات القرن الماضي… قولوا لهم اننا لا نقبل منكم ان تتاجروا بدماء الشعب البحريني من أي طرف كان والتي مازالت تسيل. فدماء البحرينيين سواء كانت من جماهير المعارضة أو أفراد الأمن أو من المدنيين الأبرياء ليست رخيصة وليست وقوداً لمناكفات عقيمة أو مراهنات سياسية.
يا قادة الفرقاء السياسيين اصحوا من مناكفاتكم ونشوتكم السياسية ورهانكم على الوقت. فالشعب البحريني يعاني الأمرين في معيشته ويحترق ليل نهار ووصل به الامر الى اليأس وفقدان الأمل في حصول بارقة أمل تخرج البحرين من أزمتها. فبيوت الإسكان تتوزع جهاراً نهاراً على فئات محددة وذلك لغرض في نفس يعقوب!، والزيادة الأخيرة في الرواتب يا فرحة ما تمت فقد تبخرت عند أعتاب الحكومة حيث أفرغتها من محتواها وضربت كالعادة فرحة البحرينيين في مقتل، وجيش العاطلين في ازياد، ولا توجد أي حلول جذرية من قبل الحكومة للخلل الهيكلي في سوق العمل… ويتساءل الشعب البحريني بحرقة لماذا كتب على المواطن العيش ذليلاً يفكر ليل نهار في تأمين قوت عياله وينظر الى الأرض طول يومه ولا يستطيع حتى رفع رأسه من ثقل ظهره بالهموم والديون حتى أصبح أحدباً، وهنا نحذر أول الامر من انتشار ظاهرة الفقر والتي بدأت مؤشراتها تطفوا على السطح لأنها وقود الثورات ونستحضر هنا قول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه «لو كان الفقر رجلاً لقتلته» وتعلمون جيداً يا أولي الامر الحكمة من وراء هذا القول الحكيم.
ان الحل للأزمة السياسية في البحرين هو حل سياسي بامتياز ومن يراهن على غير ذلك فهو واهم. ان الحل لأزمة البحرين لا يحتاج الى منظرين أو فلاسفة أو وسطاء والسبب بسيط جداً وهو ان الشعب البحريني وعبر محطاته النضالية منذ العشرين، من القرن الماضي طالب ومازال يطالب بشراكة حقيقية في صنع القرار السياسي وتوزيع عادل لثرواته الطبيعية والمال العام على المواطنين… أليس «العدل أساس الحكم والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات تكفلها الدولة» كما تقول المادة (4) من دستور البحرين أينكم إذاً أيها الأغلبية الصامتة… أيها الأحرار مما يقوله دستوركم! فمن يرفع الشراع؟