أية مصالحة يريد أن يحققها رئيس حكومة العراق؟ ومع مَن يريد أن يتصالح؟ وما هي الأهداف المبتغاة من الخطوات التي يعلن عنها باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية؟ ومَن هم القتلة الذين لا يُريد أن يتصالح معهم رئيس هذه الحكومة؟ هل هذه الدعوة من جانب واحد فقط؟ وهل هي إحدى يافطات الانتخابات القادمة؟ في الوقت الذي تنفي فيه قيادات حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق أي اتصالات مع العناصر المتآمرة على العراق وشعبه.
أسئلة كثيرة يتم طرحها في هذا الوضع الذي يعيشه العراق منذ الاحتلال الآثم، والمصالحة الوهمية التي تعلن عنها حكومة الاحتلال الأمريكي في العراق بين الفينة والأخرى هي إحدى جرائم هذه الحكومة المثقلة بالذنوب والمتسببة بالكوارث التي حلت بالعراق وشعبه.
إن ما تطرحه هذه الحكومة من مبدأ المصالحة يفتقر إلى الشفافية والصدق، وهي إجراءات ناقصة وتتميز بالارتباك الشديد بسبب التباين والتناحر بين مواقف الكتل السياسية المشاركة في الهيئات التشريعية والتنفيذية للحكومة.
وبعد سنوات من فشل ''قانون اجتثاث البعث'' وسلخه عن أرض العراق، تأتي هذه الحكومة برفض التعامل مع هذا الحزب الذي وصف أعضاؤه بالقتلة!! هؤلاء الذين يُناهضون بمعية الشعب العراقي الاحتلال والمقاوم لوجوده ولعناصره، وقاهر التسلط الإيراني على مقدرات العراق وشعبه.
كما إن هذه الحكومة تضيف تهمة أخرى لهم ألا وهي السرقة!! لنسأل هذه الحكومة مَن اغتال العراق وشعبه؟ مَن سرق حضارته وثقافته؟ مَن وقف مع جبهة الأعداء ضد بلاده؟ مَن شارك ودعم الحصار على بلاده لأكثر من 13 عاماً؟ مَن اشترك في المؤتمرات والمهرجانات التآمرية ضد بلاده في الخارج قبل الاحتلال؟ مَن شارك في وضع خطة احتلال بلاده؟ مَن استلم الأموال من أجل الإطاحة بسلطة وطنه الوطنية القومية واستبدالها بسلطات الاحتلال؟ مَن شارك في تسليم ثروات البلاد النفطية إلى أعدائه وحرمان الشعب العراقي منها؟ مَن الذي أتى حافياً تظلله حراب قوات الاحتلال وأصبح بين ليلة وضُحاها مليونيراً؟ مَن الذي يسرق قوت بلاده ويُصدره إلى الخارج ويضع المكاسب المالية في الحسابات المصرفية الخارجية؟ مَن الذي شارك الأعداء المحتلين مَن أمريكان وإيرانيين في قتل أساتذة العراق وعلمائه؟ ومهندسيه وعسكرييه الذين شاركوا في معارك العراق المجيدة؟ مَن قسم العراق إلى حصص طائفية وكانتونات طائفية؟ ومَن أراد تسليم ''البصرة الفيحاء'' هدية إلى النظام الإيراني؟ ومَن الذي سلب شمال العراق العزيز هويته؟ وفتح مكاتب لبيع الأراضي والعقارات إلى الصهاينة والإيرانيين؟ مَن الذي أفقد الشعب العراقي أمنه وعزته وشموخه؟ وسلّم مقاليد علومه المتقدمة إلى أعداء العراق؟ بسبب مَن هاجرت عقول العراق ومفكروه؟ ومَن تسبب في انهيار الحالة الاجتماعية في العراق من تعليم وصحة؟ ومَن تسبب في تحويل الشعب العراقي الثري إلى شعبِ فقير يقتات على فضائل ثرواته النفطية؟.
هل يستطيع رئيس الحكومة ومعاونوه ومسؤولوه وموظفوه الإجابة ولو على سؤال واحد من هذه الأسئلة؟ هل يستطيع أن يُشير بأصبعه إلى أحدهم ويقول هذا هو المسؤول؟ لكنه في الحقيقة لا يستطيع ولن يقدر على ذلك.
والآن من هو القاتل والسارق؟ الذي يرفض الاحتلال ويقاوم الهيمنة والتسلط الإيراني أم الذي يبتغي أن يبقى الاحتلال في بلاده ليحمي بقاءه ويُساعده على سرقته؟ من هو القاتل والسارق.. حتى يبقى العراق نظيفاً.. يجب أن نميز بين شرفاء الوطن ودهاقنة الاحتلال، وما يحصل في العراق اليوم من جرائم الموت والفتك بأجساد العراقيين وتوقيع اتفاقيات الاحتلال الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية هي الفيصل بين العراقي القاتل والسارق والعراقي المقاوم.
إن مَن يريد أن يطرح قضية المصالحة عليه أولاً أن يتصالح مع وطنه، ويعمل على إعادة الوطن إلى أهله، ويُسلم الأمانة إلى أصحابها، وعندئذٍ من حقه أن يتحدث عن المصالحة ويدعو إليها. وثانياً ـ عليه أن يسأل نفسه كيف تتم المصالحة ومع مَن؟ فهل تتم المصالحة بين الأطراف الذين اختلفوا على توزيع الغنائم مع قوات الاحتلال؟ أم تكون المصالحة مع الذين يرفضون الاحتلال وأقرانه؟ أم المصالحة بين الحكومة والمقاومة العراقية؟ وهل ستشمل المصالحة جميع الذين اشتركوا في جريمة احتلال العراق؟ ومع الذين تورطوا في ارتكاب جرائم خطيرة ضد الشعب العراقي وسفكوا دماء أبنائه؟ أم مع قيادة العراق الوطنية والقومية قبل مجيء الاحتلال؟
في هذا الوضع الذي يعيشه العراق لن تتحقق المصالحة!! قيادة المقاومة العراقية (التي تم استثناؤها من قبل حكومة الاحتلال من أمر المصالحة) لن تقبل المصالحة مع مرتكبي الجرائم بحق العراق وشعبه، وترفض أن تضع يدها في يد المليشيات التي أوجدتها إيران ودربتها وتمولها بالمال والسلاح.
فالمصالحة المعنية هي إعادة تقسيم مغانم الاحتلال على العناصر التي شاركت وساهمت في احتلال العراق، المغانم السياسية والاقتصادية والأمنية، واستثناء العناصر الرافضة للاحتلال وللهيمنة الإيرانية على العراق من هذه المصالحة (المغانم)، وسيتم توزيعها على أسس طائفية وحزبية لا على أسس عراقية، لذا فإن رئيس الحكومة يضحك على نفسه عندما يقول ''إن المصالحة الوطنية مع القتلة والمجرمين لم ولن تتحقق''.. إذن مع من يُريد أن يتصالح؟ أفليس هم القتلة والسارقون؟