أكد وزير الدولة للشئون القانونية السابق حسين البحارنة أن قانون الجنسية البحرينية الحالي يتعارض مع حقوق ومصالح الشعب التي ضمنها الدستور، داعياً إلى إعادة النظر في قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 وتعديلاته ووضع تشريع حديث يتناسب مع متطلبات نظام الحكم الديمقراطي الدستوري في مملكة البحرين.
وقال البحارنة إن الجهات المعنية بعملية التجنيس نادراً ما كانت تلجأ إلى تطبيق حكم الفقرة (أ) من المادة (6) من قانون الجنسية البحرينية التي تحدد شروط الحصول على الجنسية مفضلة عليها الفقرة (2) التي تتضمن حكماً يخول بموجبة عظمة الحاكم بأن يصدر أوامر لها قوة القانون يمنح بموجبها الجنسية البحرينية لأي أجنبي وذلك ما يلغي عملياً اللجوء إلى إجراءات تطبيق الشروط القانونية المطلوبة لاكتساب الأجنبي الجنسية عن طريق التجنيس المبينة في الفقرة الفرعية (1).
وقال البحارنة خلال المحاضرة التي نظمتها جمعية التجمع القومي الديمقراطي مساء أمس الأول عن «قانون الجنسية البحرينية ومخاطر التجنيس السياسي في البحرين» إن الفقرة (2) من المادة السادسة التي ساهمت بشكل كبير في عمليات التجنيس السياسي للأجانب لا يوجد نص مشابه لها في قوانين الجنسية للدول العربية.
وذكر أن أعداد المجنسين لم يكشف عنها من خلال الإحصاءات الرسمية ولكن الإحصاءات غير الرسمية تشير إلى أن عددهم وصل إلى 38 ألفاً و225 شخصاً على أقل تقدير.
وقال إن الدراسة التي أجراها تتضمن مقارنة قانون الجنسية البحرينية للعام 1963 والتعديلات المحدودة التي أجريت عليه في سنتي 1981 و1989 مع بعض أحكام هذا القانون الخاصة بتجنيس الأجانب بالأحكام المقابلة لها في قانون الجنسية الكويتية لسنة 1959 وتعديلاته، وقوانين الجنسية لبعض الدول العربية الأخرى.
وأضاف أنه لمس من هذه المقارنة مدى تخلف الأحكام التي تتضمنها المادة 6 من قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 عن الأحكام المقابلة لها في المادة 4 من قانون الجنسية الكويتية لسنة 1959، مشيراً إلى ما يتعلق بشروط اكتساب الأجنبي لجنسية البلاد المقيم فيها. ففي حين هناك يسر في حصول الأجنبي على الجنسية البحرينية وفقاً للقانون الأول نجد التشدد والصعوبة في حصوله على الجنسية الكويتية وفقاً للقانون الثاني.
وذكر أن هذا الخلاف يمكن أساساً بين هذين القانونين في حكم تتضمنه المادة 6 من القانون الأول، لا مقابل له في حكم المادة 5 من القانون الثاني. ذلك أن الفقرة (2) من المادة 6 من قانون الجنسية البحرينية، تتضمن حكماً يخول بموجبة «عظمة الحاكم» (رئيس الدولة) بأن يصدر «أوامر» لها قوة القانون، يمنح بموجبها الجنسية البحرينية لأي أجنبي وذلك بالمخالفة لحكم الفقرة (1) من هذه المادة. بينما تنص المادة 5 من قانون الجنسية الكويتية على أنه يجوز منح الجنسية الكويتية استثناء بمرسوم – بناء على عرض وزير الداخلية – لفئة معينة من الناس وهم من ادى للبلاد خدمات جليلة والمولود لأم كويتية في حالات خاصة محدودة وبناء على قرار من وزير الداخلية. وهذا النص يختلف تماماً عن نص الفقرة 6 (2) من قانون الجنسية البحرينية. ناهيك أن قانون الجنسية الكويتي يحدد منح الجنسية بعدد لا يتجاوز الخمسين شخصاً في السنة، وبناء على قرار مجلس الوزراء.
وأشار إلى أن الفقرة (1) من المادة 6 تتضمن الشروط القانونية المطلوب توافرها في الأجنبي الذي يتقدم بطلب اكتساب الجنسية البحرينية. ومن هذه الشروط، شرط الإقامة الاعتيادية في البحرين لمدة 25 سنة للأجنبي ولمدة 15 سنة للعربي.
وقال تكمن خطورة الفقرة (2) من المادة 6 من قانون الجنسية البحرينية، في كونها تنسف وتلغي كل الشروط القانونية المطلوب توافرها في الأجنبي المتقدم بطلب اكتساب الجنسية وفقاً للفقرة (1) من هذه المادة. ولم نجد في قوانين الجنسية للدول العربية التي استعرضناها وأوردناها تفصيلاً في هذه الدراسة، حكماً مشابهاً لحكم المادة 6 (2) من قانون الجنسية البحرينية. كما يمكن الافتراض أيضاً أن المادة 6 (2) من قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963، لا يوجد مقابل لها فيما استعرضناه في ثنايا هذه الدراسة من قوانين الجنسية المطبقة في الدول التي تتمتع بنظام الحكم الدستوري الديمقراطي.
وأضاف أن حكم المادة 6 (2) من قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963، قد ساهم في عمليات التجنيس السياسي للأجانب – سواء كانوا مقيمين أو غير مقيمين في البحرين – التي جرت خلال الست سنوات الماضية. فالمادة 6 (1) تخص التجنيس القانوني، بينما المادة 6 (2) تخص التجنيس السياسي.
وقال إن هذه التجاوزات الحكومية الواسعة فيما يتعلق بسياسة التجنيس – غير الخاضع للضوابط القانونية التي تنص عليها المادة 6 (1) من قانون الجنسية البحرينية – قد دفعتنا إلى معالجة التطبيقات الواقعية والعملية لأحكام المادة 6 من هذا القانون التي أفرزت عمليات التجنيس للأجانب، بلا حدود وبلا ضوابط، خلال السنوات الست الماضية التي عاصرت انتخابات برلمانية لفصلين تشريعيين (خلال سنة 2002 وسنة 2006) وذلك منذ صدور دستور سنة 2002 الجديد الذي – خلافاً للدساتير المطبقة في الدول الديمقراطية – لم ينل مصادقة الشعب عليه عن طريق مجلس نيابي منتخب.
وأضاف كان ذلك التطور غير المسبوق نحو عمليات التجنيس الحكومي لأعداد كبيرة من المجنسين الأجانب (الذين لم تكشف إحصاءات رسمية حقيقية ودقيقة عن أعدادهم بعد)، وارتباط هذه العمليات بموسمين انتخابيين تشريعيين، قد حدا بهذه الدراسة النقدية أن تتجاوز مجرد عرض النصوص النظرية للقانون، وان تتطرق – بالإضافة إلى ذلك – إلى الانعكاسات الاجتماعية لعمليات التجنيس السياسي على التركيبة الديموغرافية للسكان، مع بيان نتائجها الضارة على العملية الانتخابية التشريعية التي جرت في يومي 25 نوفمبر/ تشرين الثاني و2 ديسمبر/ كانون الأول من سنة 2006. وقد تمثلت تلك النتائج الضارة للعملية الانتخابية، وما رافقها من معوقات دستورية وقانونية، في التأثير على نتائج الانتخابات، فيما يتعلق بمرشحي الكتل المنتمية إلى الجمعيات السياسية الليبرالية المعارضة، تلك النتائج التي أدت إلى عدم إمكان انتخاب أولئك المرشحين كأعضاء في مجلس النواب الجديد الذي اقتصر تمثيله اليوم على الكتل الدينية فحسب، سواء المحافظة أو المعارضة منها والمتمثلة في كتلة جمعية الوفاق الوطني الإسلامية.
وأضاف لاستكمال شمولية هذه الدراسة النقدية لقانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 وتعديلاته، من الناحيتين القانونية والسياسية، رأينا التطرق إلى مبادئ القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بحق الفرد في أن تكون له جنسية، مع إيضاح ما يتطلبه القانون الدولي عموماً من ضرورة وجود ارتباط وثيق بين المتقدم بطلب اكتساب جنسية الدولة، وإقليم هذه الدولة المطلوب اكتساب جنسيتها. وهذا يعني، بمعنى آخر، أن الإقامة الاعتيادية والمستمرة في إقليم الدولة، هي شرط أساسي للشخص المتقدم بطلب اكتساب جنسية هذه الدولة، وفقاً للقانون الدولي.
وقال إن هذا الدراسة تتناول تحت عناوين عدة، علاقة عملية التجنيس السياسي الذي جرى في البحرين، بالعملية الانتخابية، ومقارنة نظرية وتطبيقية بين قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 وتعديلاته وقانون الجنسية الكويتية لسنة 1959 وتعديلاته، وبخاصة فيما يتعلق بأحكام اكتساب الجنسية عن طريق التجنيس في كل من القانونين، والشروط المطلوبة لتطبيق تلك الأحكام طبقاً لكل من هذين القانونين وذلك لتشابه الأوضاع السياسية والدستورية والظروف الاجتماعية لكل من البلدين. كما تعالج هذه الدراسة الثغرات القانونية الموجودة في قانون الجنسية البحرينية والتي أدت إلى تشجيع سياسة الباب المفتوح للتجنيس الأجنبي، دون قيود ودون ضوابط قانونية. كذلك لم تخل هذه الدراسة من معالجة وضع الأم البحرينية المتزوجة من أجنبي وذلك في ضوء أحكام قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 وتعديلاته. ويعتبر وضع أولاد الأم البحرينية المتزوجة من أجنبي من المشكلات التي جلبت – منذ مدة طويلة – انتباه جمعيات المجتمع المدني في البحرين عموماً، والجمعيات النسائية المنضوية تحت رعاية المجلس الأعلى للمرأة البحرينية. ولاتزال هذه الجمعيات النسائية تكافح – من خلال الندوات والمؤتمرات العربية والإقليمية التي تعقدها – في سبيل إدخال تعديل على قانون الجنسية البحرينية، يقضي بإعطاء المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي، الحق في أن يكتسب أولادها الجنسية البحرينية وذلك على أساس ولادتهم في البحرين أو في الخارج من أم بحرينية، بصفة أصلية، بصرف النظر عن جنسية زوجها الأجنبي.
وقال إن الدراسة دعت إلى ضرورة معالجة المشكلات القائمة التي افرزها قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 وتعديلاته، سواء فيما يتعلق بتخلف أحكام المادة 6 منه عن أحكام المواد المقابلة لها في قوانين الجنسية للدول العربية.
وأضاف نظراً إلى أن قانون الجنسية البحرينية الحالي يتعارض مع حقوق ومصالح الشعب التي ضمنها الدستور، لذلك رأينا أن نضمن هذه الدراسة فصلاً نهائياً يدعو إلى «إعادة النظر في قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 وتعديلاته والتوصية بوضع تشريع حديث للجنسية البحرينية» يتناسب مع متطلبات نظام الحكم الديمقراطي الدستور في مملكة البحرين.
وأوصى البحارنة مجلس النواب الحالي بأن يولي اهتماماً وأولوية لوضع تشريع حديث للجنسية يتمشى مع المبادئ الدستورية التي تحفظ للمواطن الذي يحمل الجنسية بصفة أصلية – سواء بالتأسيس أو عن طريق الولادة في البحرين – كرامته وحقوقه الدستورية الأساسية بالنسبة للانتخاب والترشيح للمجالس النيابية والتعيين في مجلس الوزراء أو في مجلس الشورى دون أن يشاركه في هذه الحقوق السياسية الأساسية الأجانب المجنسون حديثاً من المقيمين في البلاد – أو من غير المقيمين فيها – والذين شملهم التجنيس السياسي المعترض عليه شعبياً. وذكر أنه بالرجوع إلى قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 وتعديلاته، فإنه كان يجب أن تراعي الجهات المختصة بوزارة الداخلية، تطبيق الشروط القانونية المطلوبة لاكتساب الأجنبي الجنسية عن طريق التجنس التي تنص عليها الفقرة الفرعية (أ) من المادة 6 (1) من هذا القانون. ولكن يبدو واضحاً من ممارسات هذه الجهات المعنية بعملية التجنيس، أنها نادراً ما كانت تلجأ إلى تطبيق حكم هذه الفقرة من المادة 6 (1) من القانون، مفضلة عليها، كما يبدو، الفقرة (2) من هذه المادة التي تلغي عملياً اللجوء إلى إجراءات تطبيق الشروط القانونية المطلوبة لاكتساب الأجنبي الجنسية عن طريق التجنس المبينة في الفقرة الفرعية (أ) من المادة 6 (1). ولكن يمكن القول إنه سواء لجأت هذه السلطات المختصة بعملية التجنيس، إلى تطبيق الفقرة (1) من المادة 6 من القانون او إلى تطبيق الفقرة (2) من هذه المادة، فإنها غالباً ما تلقي مسئولية منح الجنسية للأجنبي على كاهل «عظمة الحاكم» (رئيس الدولة) الذي خوله القانون بالا يتم منح الأجنبي للجنسية البحرينية إلا بأمر صادر منه، سواء كان هذا الأمر صادراً بالتطبيق لحكم الفقرة (1) من المادة 6 أو بالتطبيق لحكم الفقرة (2) منها. ونتيجة لحكم الفقرة (2) من هذه المادة، فتح الباب على مصراعيه خلال السنوات الست الماضية لتجنيس عدد كبير من الأجانب الآسيويين وغيرهم من العرب يقدر عددهم بـ 38.225 شخصاً مجنساً بحسب التقديرات الإحصائية غير الرسمية. وقد بينا سابقاً أن الاستثناء العام في المادة 6 (2) من هذه القانون، هو استثناء معيب دستورياً لأنه ينسف شروط اكتساب الجنسية وفقاً للفقرة (1) من هذه المادة، ويترك القرار النهائي للبت في تجنيس الأجنبي خاضعاً «لأمر عظمة الحاكم» أو رئيس الدولة. ذلك أن الأعراف الدستورية المستقرة في الدول الدستورية الديمقراطية، لا تترك الأمر لرئيس الدولة – الذي يجب أن يحكم عن طريق وزرائه – بأن يتدخل شخصياً في القضايا المتعلقة بأمور تجنيس الأجانب، بل تترك هذه الأمور لتطبيقها عن طريق وزير الداخلية وذلك وفقاً للشروط الموضوعية التي يقررها قانون الجنسية نظراً إلى حساسية هذه القضايا التي تترتب عليها آثار سلبية بالنسبة لتغيير التركيبة الديموغرافية للسكان والنسيج الاجتماعي للبلاد فيما لو تبنت السلطة التنفيذية سياسة التجنيس السياسي، تحقيقاً لهذا الغرض السياسي الذي يتعارض مع نظام الحكم الصالح المتمثل في الحكم الديمقراطي. ولهذا فإننا لا نجد في قوانين الجنسية للدول الديمقراطية المتحضرة نصاً شبيهاً لحكم المادة 6 (2) من قانون الجنسية البحرينية الذي يطلق يد «عظمة الحاكم» (رئيس الدولة) في إصدار «أوامر» – غير قابلة للنشر – بمنح الجنسية البحرينية للأجانب وذلك بالمخالفة للشروط القانونية المطلوبة لاكتساب الأجانب لهذه الجنسية وفقاً للمادة 6 (1) من القانون. هذا عدا أن وضع رئيس الدولة اليوم في ظل نظام الحكم الدستوري، يختلف عن وضع نظام الحكم المطلق الذي كان يزاوله حاكم البحرين في السابق الذي صدر هذا القانون في عهده. ذلك أنه من المستبعد اليوم في نظام حكم الدولة الديمقراطية الدستورية، أن يقوم تجنيس الأجانب على أساس «أوامر» غير معلنة وغير منشورة يصدرها رئيس الدولة نيابة عن السلطة التنفيذية التي قد تنجو بهذه الطريقة من خضوعها للرقابة البرلمانية فيما يتعلق بقضايا منح الجنسية البحرينية للأجانب وذلك بالتطبيق لأحكام الفقرتين (1)، (2) من المادة 6 من هذا القانون اللتين ارتبط تطبيقهما بأوامر من عظمة الحاكم (رئيس الدولة) الذي تعتبر ذاته مصونة لا تمس، وفقاً للمادة 33 (أ) من الدستور. وبناء عليه، يجب أن يكون قانون الجنسية البحرينية لسنة 1963 وتعديلاته، خاضعاً للمراجعة وإعادة النظر فيه من قبل السلطة التشريعية المختصة وذلك لغرض وضع قانون حديث للجنسية البحرينية يقوم مقام قانون الجنسية الحالي، ويتبنى المبدأ الدستوري الذي يقرر ضرورة أن يكون منح الجنسية للأجنبي بناء على صدور مرسوم بذلك، ينشر في الجريدة الرسمية، ويكون خاضعاً لرقابة السلطة التشريعية. وإلى أن يتم هذا الإجراء، قد يكون من المناسب أن يوقف حالياً تطبيق حكم المادة 6 (2) من هذا القانون لتخفيف حدة الضرر الذي خلفه التجنيس السياسي الذي كان، ولايزال يجري على قدم وساق، خلال السنوات الست الماضية، كما أسلفنا.
وشدد على أن التشريع الحديث المنتظر لقانون الجنسية البحرينية يجب أن ينأى بنفسه – من دون شك – عن تبني أي نص مشابه لنص الفقرة (2) من المادة 6 من قانون الجنسية الحالي لأنه نص غير مقبول تشريعياً وسياسياً وحضارياً، ويجب التخلص منه، عاجلاً لا آجلاً، بتشريع حديث للجنسية وذلك إذا أردنا أن ننقذ هذا الوطن من تغيير التركيبة السكانية لشعبه وتعكير صفو نسيجه الاجتماعي، نتيجة لمخاطر التجنيس السياسي الحالي الذي لا تحده – مع الأسف – حدود من القانون أو من الدستور. ويسري هذا الإجراء أيضاً على نص الفقرة (1) من المادة 6 من هذا القانون، الذي لا يجب أن يكون تطبيقه خاضعاً أيضاً لأمر «عظمة الحاكم» (رئيس الدولة)، بل يجب أن يكون تطبيقه بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية، ويخضع لرقابة السلطة التشريعية. وقال إن كل قوانين الجنسية في دول مجلس التعاون الخليجي – فيما عدا البحرين – هي قوانين عادلة منصفة لمواطنيها الأصليين والمولودين فيها، سواء بالنسبة لتمتعهم – دون غيرهم من الأجانب المجنسين – بحقوقهم السياسية فيما يتعلق بالانتخاب أو الترشيح أو التعيين في المجالس التمثيلية أو التشريعية، أو فيما يتعلق بوضع قيود قانونية صارمة ومحددة على عملية تجنيس الأجانب المقيمين في هذه البلدان. وبناء عليه، فإننا نكاد لا نسمع عن عمليات يومية أو شهرية جارية في هذه البلدان – كما هو الوضع في البحرين – لتجنيس قانوني أو سياسي بالنسبة للأجانب المقيمين في هذه البلدان من سنين طويلة. هذا عدا أن ما يجري في البحرين من تجنيس سياسي أو قانوني مفتوح – على رغم صغر حجمها وقلة مواردها المالية التي تسندها مساعدات من بعض دول الجوار – يثير استغراب، بل وسخرية، مواطني هذه الدول الخليجية حين يصدمهم لقاء بعض هؤلاء الآسيويين من المجنسين الذين لا قدرة لهم على التكلم حتى باللهجة العامية المحلية. ذلك أن القيود التي تفرضها قوانين الجنسية الشديدة والصارمة لهذه البلدان بالنسبة لعملية تجنيس الأجانب فيها، لا تكاد تسمح بتجنيس الأجانب المقيمين فيها إلا في حدود ضيقة ومحدودة جداً، كما أسلفنا. هذا مع العلم بأن البحرين هي أفقر هذه البلدان اقتصادياً وأقلها مساحة فيما تبقى حالياً من بعض أراضيها اليابسة والمغمورة التي أصبحت لندرتها، تضيق بمواطنيها الأصليين أو المولودين فيها من آباء بحرينيين. وليس بخاف على أحد، سطوة التمليك العشوائي واسع النطاق لأراضي الدولة الذي جرى – دون تبصر أو بعد نظر – خلال ما يزيد على الأربعين سنة الماضية. كما لا يخفى على احد كثرة العاطلين عن العمل والمحتاجين السكان إلى الخدمات الاجتماعية عموماً وغيرها من خدمات الإسكان والتعليم والعلاج الصحي المجاني والتوظيف، من دون تمييز بين المواطنين، في كل من القطاعين العام والخاص. وباختصار، أن هؤلاء المواطنين هم في أمس الحاجة إلى كل هذه الخدمات التي تتعلق بالحياة الكريمة التي يجب أن يعيشوها على تراب وطنهم – الذي دفن فيه آباؤهم وأجدادهم – دون أن ينازعهم أو يزاحمهم في حقهم الطبيعي والدستوري هذا، جيش جرار من الأجانب المجنسين تجنيساً سياسياً أو قانونياً من دون حدود، والذين سيصبحون، ولاشك، عالة على المواطنين البحرينيين الذين ينتمون إلى هذا الوطن العزيز، عروبة ولغة وتاريخاً وحضارة.
نشر في : جريدة الوسط