كعادة العقلية الفارسية المكابرة، قال أحمد نجاد في كلمته بمناسبة ذكرى قيام الجمهورية الاسلامية في أيران، أن أمريكا دعمت صدام في الحرب ضد أيران، واليوم لا تستطيع أمريكا أن تعيد البعثيين الى السلطة. كلمة نجاد تستوجب بعض التعليق..أنه يستغفل مستمعيه وتحديدا من الحرس والباسيج أولئك معصوبوا العيون والعقول وأمثالهم داخل العراق ليقول أن البعثيين عملاء أمريكا دعمتهم في السابق وتريد اليوم إعادتهم الى السلطة فأخشوهم وأحتشدوا ضدهم.
قد ينجح نجاد مع الشرائح التي كانت تستمع له، لكنه لا يستطيع أستغفال العالم، ولا تغطية شمس الحقائق بغربال مخروم. فماذا يقول أحمد نجاد عن مهمة المقدم أوليفر نيوت الذي وفر أسلحة أسرائيلية لأيران خلال الحرب مع العراق، وماذا يقول عن أسقاط الدفاعات السوفيتية بطريق الخطأ الطائرة الارجنتينية المحملة بأسلحة أسرائيلية بأوامر أمريكية كانت متجهة الى أيران عبر الاجواء التركية، وماذا يقول عن فضيحة أيران كيت التي تداول تفاصيلها العالم كله حينها أثناء الحرب العراقية الايرانية. هل يستطيع نجاد أو واشنطن تأكيد أستلام العراق أي نوع من السلاح الامريكي بصورة مباشرة أو غير مباشرة؟؟نشك في ذلك.
تناسى أحمد نجاد أن بلاده بأعتراف أرفع المسؤولين فيها كانت شريكة لأمريكا في أحتلال العراق بعد أفغانستان،وأن أمريكا وليس غيرها من وضعت لوبي الاحزاب والشخصيات الايرانية على رأس هرم السلطة المنشأة تحت الاحتلال، ووفرت لهم الحماية المباشرة.
تناسى أحمد نجاد أن الاتفاقية الامنية التي وقعتها الولايات المتحدة أواخر 2008 مع الحكومة العميلة ومعظم عناصرها من أتباع أيران قد تضمنت مادة تشدد على أجتثاث البعث.
الى ماذا يرمي نجاد بأتهامه للبعثيين بالتعاطي مع الولايات المتحدة؟ اولا يبعث برسالة لأمريكا مفادها أن نفوذ أيران تفوق على نفوذ أمريكا في العراق،وأنه يستطيع أعلان أوامره للوبي الايراني عب الاعلام.. ثانيا يريد أستمرار تمثيل المسرحية التي باتت مكشوفة عن وقوف نظامه ضد الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، في حين لا يزال على الارض هو شريك ومنسق ومنافس لكل من أمريكا وأسرائيل في العراق.تماماً مثلما يفعل أحد رموزه في لبنان حسن نصرالله حين يعلن تأييده للمقاومة العراقية ثم يدافع في الوقت نفسه عن الحكيم والمالكي أدوات الاحتلال في مواجهة المقاومة العراقية الباسلة ويقدم التدريب لما يسمى (عصائب العراق) بوصفها نموذج لفصائل المقاومة الاسلامية بينما هي المسؤولة عن الذبائح الطائفية عامي 2006 و 2007 وترتبط مباشرة بفيلق القدس للحرس الثوري الايراني ومقره مدينة الاحواز في عربستان المحتلة؟؟؟
الخوف من البعث والشعب هو الهاجس.. فاليوم ثمة تماهي بين البعث المقاوم المناهض للأحتلال وبين التيار الوطني بكل مكوناته ومسمياته المسلحة والسياسية المناهضة للأحتلال والممتدة من أربيل الى البصرة. وصحوة الجنوب أقضت مضاجع ولاية الفقيه وتريد أيران خنقها قبل أن تفلت من سيطرتها. صحوة الجنوب أساسها رفض المحاصصة الطائفية والفدرالية والفساد الهائل الذي نَهَبَ ثروات الشعب وحولها الى جيوب أدعياء المظلومية.. فساد وجرائم وخيانة وطنية وأرتهان لأمريكا وأيران وخوف من أنتفاضة الشعب العراقي هؤلاء هم ثالوث تدمير العراق (أمريكا وأيران وعملائهما اللصوص).
كان على نجاد أن يتذكر أن البعث وهو في السلطة وبيده ثروات العراق النفطية لم يساوم على المبادئ وفضل مواجهة غير متكافئة على رضوخه لأملاءآت أمريكية أو أسرائيلية، لو كان البعث حزب سلطة، أو حزب جباية وفساد، لقَدَّمَ تنازلات ترضي أمريكا عنه وتبقيه في السلطة. فإذا كان البعث قد رفض المساومة وهو في السلطة وبيده كل مقدرات العراق، فهل يقبل بفتات سلطة ملوثة بدماء أكثر من مليون عراقي يتحكم فيها المحتل؟.
عام 1993 أستقبل الرئيس الشهيد صدام حسين مبعوث البابا، وبعد أن نقل المبعوث رسالة البابا أستأذن المبعوث الرئيس الشهيد وقال له لدي موضوع شخصي وتحدث فقال (أنت رجل أثْبَّتَ أنك شجاع في الحرب، وعليك اليوم أن تثبت أنك شجاع في السلام. أؤكد لكم أنكم أذا نفذتم جميع قرارات الامم المتحدة فلن يرفع الحصار عن بلدكم، الا أذا قمتم بمبادرة من جانبكم تجاه أسرائيل، وشاركتم بفعالية في عملية السلام)فرد عليه الرئيس الشهيد بكلام مفصل لماذا يرفض هذا العرض ثم ختم حديثه مع مبعوث البابا بهذه العبارات:(لن نبيع مبادئنا برغيف خبز يأتينا معجون بالمذلة من الخارج.. بلغ تحياتي للبابا.. أن الله قوي عزيز).
ليطمئن نجاد. البعث ليس حزب سلطة.. البعث حزب مشروع وطني للعراق ومشروع قومي للامة العربية،ونجاد يعلم ان البعث منذ بدأت ما تسمى العملية السياسية أعلن رفضه لهذه العملية جملة وتفصيلا،وأعتبرها واجهة للمحتل لا فرق فيها بين المالكي والهاشمي ولا بين الحكيم وصالح المطلك ولا بين الحزب الاسلامي وحزبا طالباني وبارزاني الموساديان.
ولا معنى لهذه الضجة التي فجرتها قرارات لجنة المساءلة ضد عدد من الكيانات السياسية بشطبهم من المشاركة في الانتخابات، فما الذي قدمه صالح المطلك أو أياد علاوي أو الهاشمي للعراقيين ليستحقوا هذه الضجة؟ ومالذي سيحرم منه شعب العراق أذا لم يشاركوا؟؟ هل منعوا تمرير الدستور الطائفي الذي لولاهم لأضطرت أمريكا أن تفرضه من دون أستفتاء كما فرضت قانون أدارة الدولة. مع أن الاستفتاء مزور وأرقام المصوتين فيه غير حقيقية ومبالغ فيها الى حد الخرافة؟
هل أوقف هؤلاء (المجتثون) مسلسل الجثث الملقاة في الشوارع والطرقات؟
هل أوقفوا مداهمات الاحياء والقرى والاقضية وأعتقال المئات يومياً من رجال العراق وشبابه على سبيل الحجز الوقائي لكي لا ينخرطوا في المقاومة المسلحة الباسلة؟؟
هل أطلقوا واحدا من مئآت آلآف المعتقلين على الشبهة وبدون تهم محددة؟
هل أوقفوا الفساد، وهل هم بمنأى عنه، ألم تتلوث أيدي أياد علاوي والحزب الاسلامي في دماء أبناء الفلوجة البطلة في 2004؟.
فما الذي يعنيه هؤلاء للعراق ليضج الاعلام بقضيتهم ويقدمهم كأنهم أبطال وطنيون حرروا العراق من الاحتلال، وهم في حقيقتهم خدم من خدم المحتل، وأداة مستعدة تساوم أيران على بيعها نصف العراق رغم جعجعة الهجوم عليها.
للاسف نحن أمام أعلام في جزء كبير منه مخترق أمريكيا وصهيونيا بل أمام منابر أعلامية أمريكية صهيونية بلسان عربي.فهذا الاعلام أقام الدنيا ولم يقعدها على صالح المطلك وبعض الكيانات معه وتجاهل الجريمة الكبرى التي أعلنت بتحد سافر وبدون مداراة وعلى رؤوس الاشهاد وهي أجتثاث البعثيين في محافظات الجنوب وفي بغداد.. محافظوا النجف والمثنى والناصرية وبغداد يوجهون أنذارات لعوائل البعثيين لمغادرة محافطاتهم خلال 48 ساعة ويعلنون أن بيوتهم قد حجزتها لجنة المساءلة والا فمن يتأخر مصيره ومصير عائلته الموت.. لقد رحل البعض الى الصحارى القريبة والبعض تشبث بالارض والذين لديهم عشائر قوية تمتعوا بحماية عشائرهم. ومع ذلك فمنذ تفجرت قضية شطب كيانات صالح المطلك والاخرين كان الهدف أن تستخدم الازمة مع هذه الكيانات غطاءً لتصفية البعثيين خصوصا وأن غالبيتهم الساحقة في الجنوب هم من الشيعة.
الاجتثاث للبعثيين وعوائلهم وعلى أَلْسِنَة محافظين ومن شاشات التلفزيون جريمة كبرى لم تجرأ النازية على فعلها بهذه الصلافة والاستهتار والمؤسف أن العالم يقابل هذه الجريمة المعلنة بصمت وكأنه شريك للعصابات الحاكمة في العراق في جرائم الابادة التي ترتكبها… العالم يمر على تلك التهديدات مر الكرام مع أنها جرائم أبادة جماعية،جرائم ضد الانسانية، جرائم ضد الحق في الحياة؟
أين الحكومات العربية من هذه المجزرة التي تجري بحق ملايين البعثيين وعوائلهم في العراق؟ ما موقف الامين العام للامم المتحدة؟ ماموقف أمين عام جامعة الدول العربية؟ أيعقل أن يتواطأ العالم على قتل عوائل كاملة أو أفراد منها لمجرد أنتمائهم الى حزب وطني عمر نضاله أكثر من خمسين عاما؟
أجتثاث الكيانات هو في الحقيقة أجتثاث للبعثيين وعوائلهم ولكل الوطنيين المناهضين للاحتلال والهيمنة الفارسية.
وعلى العالم أن يحتج على جرائم الابادة الجماعية والتهجير والاغتيال والتعذيب والتمثيل في الجثث. كفى ولوغا بدماء العراقيين. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
13/2/2010
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.