حسن المدحوب
لا يختلف اثنان على أن أي اعتداء على بيت من بيوت الله مدان ومستنكر أياً كانت الجهة التي تقف خلفه، بل نؤمن أن أي اعتداء على كل دور العبادة لمختلف الأديان والملل والنحل والطوائف هو محل إدانة، انطلاقاً من الواجب الإنساني والأخلاقي قبل الديني والوطني، ولا أحد يجادل أو يماري في ذلك.
الاعتداء على بيوت الله، سواءً أكانت في الرفاع أو المحرق أو الدير وكرزكان أو أية بقعة في البحرين، جريمة لا يبررها أو حتى يدافع عنها أي عاقل منصف، لأنها خطأ يضع مرتكبه في مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
قلنا مراراً وتكراراً، أن السياسة تتبدل وتتقلب، ولا يجوز مطلقاً اللعب بها أمام بيوت الله التي يذكر فيها اسمه. المساجد ليست حكراً على طائفةٍ دون أخرى، ولا لمكوّن دون آخر، واستهدافها ليس لعبةً من ألعاب السياسة ولا أحابيلها التي لا تنتهي، واستهدافها وتخريبها ومنع المواطنين من عبادة الله فيها، والصمت عمّا يجري عليها من انتهاكات، تضع مرتكبيها أمام الله.
مهما حدث من أمور، فالأمل معقود على كل العقلاء في هذا الوطن أن يبعدوا بيوت الله عن حسابات السياسة، مع تأكيدنا أن المعالجات الأمنية مهما كانت، إلا أنها غير قادرة على علاج الأسباب الحقيقية للمشكلة، أو التطلعات العامة في الحرية والكرامة والعزة، والوغول في الحل الأمني إنما يزيد جراحات هذا الوطن ولا يقدم حلاً جامعاً، بل يعقّد الأمور أكثر وأكثر.
الاعتداء على بيوت الله، لا يحقق في موازين السياسة الضيقة، إلا مزيداً من الاحتقان وبثّ لغة الكراهية بين أبناء هذا الوطن، والبحرين اليوم وغداً، تحتاج إلى لغة العقل والمحبة وخطابات التصالح والخير، فلا أحد مستفيد من الفرقة والشتات بين البحرينيين، إلا أصحاب المصالح الضيقة والقلوب المريضة، التي تصعد على جراحات الناس وآلامهم.
البحرينيون لا يحتاجون إلى «بسيوني» جديد يوثّق الانتهاكات التي طالت بيوت الله، فالاعتداء عليها مازال مستمراً وفي وضح النهار، وهو أمر مؤسف أن يحدث في بلد عربي شعبه مسلم محافظ.
دعوتنا لكل الشرفاء في هذا الوطن، وكل أصحاب الحس الإنساني والإسلامي من مختلف الطوائف والأديان والتوجهات، أن ابعدوا مساجد الله عن حسابات السياسة المتغيّرة المتلونة، واجتمعوا إلى كلمةٍ سواء تسرّ كل البحرينيين وتطيّب قلوبهم المتعبة المنهكة.
نتمنى من كل قلوبنا أن نرى ولو مرةً واحدة، صلاة جامعة حاشدة تضم كل البحرينيين في بيت من بيوت الله، تبعث للناس رسالة محبة وخير واحدة، فالبحرين وطن الجميع. وطنٌ يحتضن جميع أبنائه، ولا يفرّق بينهم. وطنٌ لا ظلم فيه ولا جور، وطنٌ فيه عدل وحرية ومساواة وأمن للجميع.